الاثنين 5 آب (أغسطس) 2013

العرب وسيناريوهات 2020

الاثنين 5 آب (أغسطس) 2013 par خيري منصور

في العقدين الأخيرين من القرن الماضي وقبل حلول عام ألفين، أصدر مفكّرون واستراتيجيون من المشتغلين في علم المستقبليات العديد من الكتب حاولوا من خلالها تصوّر العالم بعد الألفية الثانية، وإذا استبعدنا تلك المؤلفات التي تلجأ إلى التنبؤ بمعزل عن معطيات الواقع، فإن الكتب الأخرى الجادة رأى أصحابها أن المستقبل ليس مجهولاً كما أنه ليس معلوماً تماماً، لأن التاريخ ماكر وبه مفاجآت لا مقدمات لها . والمستقبل بالنسبة إلى هؤلاء هو حاصل جمع الممكنات التي يحملها الحاضر، تماماً كما هي البراعم بالنسبة إلى الأشجار .

والبراعم قد تهبّ عواصف غير متوقعة تبددها وقد تتحول إلى عناقيد، لكن الأمر ليس منوطاً بالمصادفات والحظوظ فقط، ونذكر للمثال أن ما كتبه أمثال بول كندي وبرجنسكي وغيرهما عن مستقبل أمريكا، اعترضته أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول، فأعاد هؤلاء النظر بتوقعاتهم، لكن العالم العربي الذي تشحّ فيه الدراسات المستقبلية بمنهج علمي لصالح التنبؤات الموسمية في مطالع الأعوام ليس عسيراً تصوّر ما سيكون عليه عام 2020 أي بعد أقل من سبع سنوات، رغم أن هناك ما ينبئ من القرائن والحيثيات أن هذه الأعوام ستكون عجافاً، لا بالمعنى الاقتصادي، بل بدلالات أخرى تتجاوزه لتشمل النسيج الاجتماعي وشكل الدولة وتضاريس العالم العربي السياسية، وليس هناك سيناريو واحد لهذا الخيال السياسي الذي يرتكز إلى معطيات سياسية واقتصادية واجتماعية أيضاً . فثمة من يرون أن المرحلة الثانية من سايكس-بيكو قادمة لا محالة، وأن التشطير الذي سوف يتعرض له العرب سيحولهم إلى أكثر من ستين دويلة، وغالباً ما يُنسب هذا السيناريو إلى مستشرقين من طراز برنارد لويس ومن يعزفون معه على الوتر ذاته .

لكن بالمقابل هناك من يرى عكس ذلك، فالوعي الذي بدأ يولد في العالم العربي قادر على تحرير الأحلام من رومانسيتها بحيث تصبح مفاهيم كالوحدة مطلباً دفاعياً وضرورة قصوى وليست مجرد أناشيد، خصوصاً في عصر لم تعد فيه الدولة المنكفئة داخل شرنقتها قادرة على الحياة وعلى الدفاع عن وجودها .

الوعي الآخذ في النمو رغم كل ما يعج به الواقع من نزاعات وفوضى وعشوائيات سياسية وفكرية قد يعيد البوصلة المعطوبة إلى وضعها الصحيح، وبذلك يصبح هذا الحراك أشبه بحالة حمل يعقبها مخاض عسير، لكن المولود سيكون عضوياً وأصيلاً وليس مستنسخاً، والمسألة أبعد بكثير من ثنائية التفاؤل والتشاؤم، لأن التفكير الانفعالي الذي يركن إلى القلب فقط غالباً ما أنتج مُسوخاً في التجارب والمفاهيم . وإذا قُدّر لمشاريع التنمية على اختلاف مجالاتها أن تترجم ميدانياً فإن العرب قادمون بالضرورة وليسوا مهددين بالطرد من التاريخ كما يقول البعض الذين أصابهم اليأس بالعمى . ورغم كل المعوقات فإن إعادة عقارب الساعة إلى الوراء رهان خاسر .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2165922

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2165922 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010