الخميس 25 تموز (يوليو) 2013

تلاشي فكرة حل الدولتين

الخميس 25 تموز (يوليو) 2013 par أسامة عبد الرحمن

تؤكد الإدارة الأمريكية منذ سنوات مبدأ حل الدولتين، ولكنها لم تفعل شيئاً ملموساً إزاء تحقيق هذه الفكرة، بل إنها تراجعت عن موقف اتخذه أوباما في بداية رئاسته الأولى بضرورة وقف الاستيطان، وتخندقت مع الكيان الصهيوني مباركة ممارسته لسياسة بناء المستعمرات على الأرض الفلسطينية للقضاء على فكرة الدولة الفلسطينية والقضاء على فكرة حل الدولتين . وهكذا تكون الإدارة الأمريكية مشاركة في القضاء على فكرة حل الدولتين، وهي الفكرة التي تؤكد تبنيها لها .

إن سياسة بناء المستعمرات على الأرض الفلسطينية تقضي على فكرة حل الدولتين، وكلما مرت السنوات، أخذت هذه الفكرة في التلاشي . ولذلك فإن تحقيق هذه الفكرة يقضي بوقف الاستيطان، وإلا فإن التأكيد على مبدأ حل الدولتين يصبح مفرغاً من مضمونه وساقطاً على أرض الواقع .

ومعروف بداهة أنه لا يمكن تحقيق حل الدولتين طالما ظلت السياسة الاستعمارية الصهيونية تقوم على مواصلة التهام المزيد من الأرض الفلسطينية . وتدرك الولايات المتحدة الأمريكية أن حل الدولتين هو المخرج وهو السبيل لقيام دولة فلسطينية تحقق قدراً من أمل الشعب الفلسطيني .

إن الاستيطان الذي تعتبره الولايات المتحدة الأمريكية، غير قانوني، لا تتخذ أي إجراء ضده، بل على النقيض من ذلك تبارك هذا النهج الصهيوني وتدافع عنه، وتقف ضد إجماع دولي يدين الاستيطان . ومن هذا المنطلق فإن الولايات المتحدة تبدو متناقضة، إذ إنها تؤكد حل الدولتين، وفي ذات الوقت تترك للكيان الصهيوني الحبل على الغارب ليعيث فساداً في الأرض الفلسطينية، ويلتهم المزيد منها بوتيرة متصاعدة، بل إن الكيان الصهيوني يمعن في ممارسة هذه السياسة مع علمه أن القانون الدولي والمجتمع الدولي يدين هذه السياسة، لأنه يدرك أن الولايات المتحدة الأمريكية تقف معه وتتولى الدفاع عنه بكل وسائلها السياسية ضد أي مساءلة أو ملاحقة أو إدانة على جرائمه المتواصلة على الأرض الفلسطينية ومن أهمها جريمة الاستيطان .

إن الولايات المتحدة الأمريكية، تدرك أن ممارسة هذه السياسة، قضاء على فكرة حل الدولتين، فكيف تؤكد هذه الفكرة وتترك الكيان الصهيوني يمارس ما يقضي عليها .

وإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية جادة في الأخذ بفكرة حل الدولتين، فإن نقطة البداية هي الضغط على الكيان الصهيوني بوقف الاستيطان . لقد اغتصب من الشعب الفلسطيني القسم الأكبر من الأرض الفلسطينية، وظل يواصل بناء مستعمراته في القليل المتبقي من الأرض المحتلة لكي يقضي على فكرة الدولة الفلسطينية، وبالطبع يقضي على فكرة حل الدولتين التي تتبناها الإدارة الأمريكية .

إن أي حديث عن فكرة حل الدولتين، يعتبر خارج السياق، وخارج الواقع، طالما ظلت سنابك الاحتلال ومستعمراته، تغتصب المزيد من الأرض الفلسطينية، وتجثم حتى على القليل المتبقي من هذه الأرض . والسلطة الفلسطينية، التي دخلت في مفاوضات عبثية مع الكيان الصهيوني على مدى سنوات طويلة، لم تخرج بأي محصلة من هذه المفاوضات، وبدا الأمل في دولة فلسطينية، أملاً تدوسه سنابك الاحتلال ومستعمراته . ولذلك فإن عليها أن تتمسك بشرط وقف الاستيطان، ليس كمدخل للمفاوضات فحسب، ولكن حفاظاً على القليل المتبقي من الأرض الفلسطينية .

ومعروف أن الكيان الصهيوني الذي يبدي حرصه على المفاوضات، حريص عليها لتجميل صورته، في وقت مارس فيه سياسته الاستعمارية لتحقيق مشروعه الاستعماري العنصري . وهو مُصِر على مواصلة هذه السياسة في ظل مفاوضات أو عدم مفاوضات، وظل هذا نهجه عبر تاريخه، وسجله حافل بالجرائم والانتهاكات .

إن شرط وقف الاستيطان مبدئي ووطني وأخلاقي وقانوني . والولايات المتحدة الأمريكية التي تؤكد مبدأ حل الدولتين، عليها أن تمارس ضغطاً حقيقياً على الكيان الصهيوني . ومن اللافت للنظر أنها الوحيدة التي تبارك نهجه الاستعماري وسياسته في مواصلة بناء المستعمرات الصهيونية، وبالتالي فهي أيضاً تسهم في القضاء على فكرة حل الدولتين، فكيف تؤكد تبنيها هذا الحل وتسهم في القضاء عليه .

إن الكيان الصهيوني يستثمر الوقت لمصلحته، ويمارس سياسته في مواصلة بناء المستعمرات . وبمرور السنوات، سيغتصب المزيد من الأرض الفلسطينية، ولن يتبقى بعد ذلك أرض لإقامة دولة فلسطينية عليها، وسيتلاشى حل الدولتين الذي تتبناه الولايات المتحدة الأمريكية . ولعل وزير الخارجية الأمريكية أفصح في إبريل/نيسان الماضي أن فكرة حل الدولتين يمكن أن تموت خلال سنتين . وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا تلجم الإدارة الأمريكية سياسة الكيان الصهيوني الاستعمارية التي تلتهم ما تبقى من الأرض الفلسطينية؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 28 / 2165551

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

29 من الزوار الآن

2165551 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 29


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010