الأربعاء 24 تموز (يوليو) 2013

“مفاوضات” كيري . . والاتحاد الأوروبي

الأربعاء 24 تموز (يوليو) 2013 par عبد الزهرة الركابي

نجح وزير الخارجية الأمريكية جون كيري في زيارته السادسة للمنطقة وفي الوقت بدل الضائع وفقاً للمصطلح المتداول في كرة القدم، في انتزاع موافقة الفلسطينيين على استئناف المفاوضات مع الدولة الصهيونية التي توقفت منذ أكثر من ثلاث سنوات، على الرغم من أن الوزير الأمريكي لم يقدم ضمانات للفلسطينيين بوقف الاستيطان، ولم يحدد مرجعية واضحة للمفاوضات على حدود عام 1967 .

وقد جاءت الموافقة الفلسطينية في وقت كانت فيه السلطة تتعرض لضغوط كبيرة من الإدارة الأمريكية وأوروبا للعودة إلى المفاوضات، حتى إن الضغوط الأمريكية على الرئيس محمود عباس بلغت ذروتها، مصحوبة بتهديدات بوقف المساعدات المالية عن السلطة، ويبدو أن القيادة الفلسطينية ستعود إلى تكرار خطأ اتفاق أوسلو واستئناف المفاوضات في ظل مواصلة الاستيطان .

وفي اجتماعهم الأخير، اتفق المسؤولون الفلسطينيون على إرجاء اتخاذ قرار باستئناف المفاوضات، وطالبوا “إسرائيل” بتلبية جملة من الشروط، وكان الاعتقاد السائد في الأوساط الفلسطينية، أن هناك توجهاً لدى معظم الفصائل الفلسطينية برفض مقترحات كيري، التي تدعو إلى استئناف المفاوضات من دون وقف الاستيطان أولاً، وثانياً أن مثل هذه الدعوة لا تطرح استئناف المفاوضات على أساس مبدأ الدولتين على حدود عام ،1967 إذ يرى الفلسطينيون أنه على الدولة الصهيونية الموافقة على قيام دولة فلسطينية على حدود 1967 ووقف الاستيطان في الأراضي المحتلة، واعتبروا ذلك أساساً لاستئناف المفاوضات التي توقفت منذ أكتوبر/ تشرين الثاني 2010 .

والواضح أن الفلسطينيين لم يلمسوا شيئاً مضموناً من كيري إزاء مطلبهم الرئيس والمتعلق بتجميد كامل للاستيطان، على الرغم من أن خطة كيري تنص على استئناف المفاوضات وفق رؤية الرئيس الأمريكي باراك أوباما التي أعلنها في خطابه أمام الكونغرس عام 2011 التي دعا فيها إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام ،1967 مع الإشارة إلى أن هذه الخطة تنص أيضاً على حق كل طرف بالتحفظ على بعض نقاط الخلاف، حيث سيتحفظ “رئيس الوزراء “الإسرائيلي” نتنياهو على دولة على حدود عام ،1967 فيما سيتحفظ الفلسطينيون على يهودية الدولة، على الرغم من أن بعض الأوساط الفلسطينية حاولت الترويج والتبرير لخطة كيري من خلال القول إنه يوجد مصطلح جديد وهو ضبط النفس في البناء الاستيطاني في الضفة الغربية من دون التجمعات الاستيطانية الثلاث الكبرى في أرييل وغوش عتصيون ومعاليه أدوميم والقدس الشرقية .

ويأتي الإعلان الأمريكي عن استئناف المفاوضات، بعد قرار الاتحاد الأوروبي المتعلق بالتفريق بين الدولة الصهيونية والأراضي وراء الخط الأخضر، حيث إن هذا القرار بمثابة إصدار عقوبات على المستوطنات والمشاريع “الإسرائيلية” التي أُنشئت على الأراضي الفلسطينية التي احتلت في حرب عام ،1967 وتشير أوساط “إسرائيلية” إلى أن المعنى الحقيقي للخطوة الأوروبية هو بدء فرض مقاطعة على الدولة الصهيونية بالتدريج، وأن القرار الأوروبي يعني “إسرائيل” عموماً وليس فقط المستوطنات، وأنه كان نتاج أخطاء استراتيجية تتحمل حكومات “إسرائيل” المتعاقبة جزءاً من المسؤولية عن اقترافها، حيث تجاهلت هذه الحكومات، وخصوصاً الحالية، على مر السنين، ضجر أوروبا من مماطلة الدولة الصهيونية في حل المشكلة الفلسطينية وتساهل الإدارة الأمريكية في هذا الجانب .

من هنا راحت الدولة الصهيونية تخوض معركة سياسية واسعة، بعدما أخفقت في فهم أبعاد الخطوة الأوروبية التي تعارض سياسة الأمر الواقع التي تفرضها “إسرائيل”، حيث جاء موقف الاتحاد الأوروبي واضحاً، في رفض المستوطنات في الضفة الغربية وعدم اعتبارها جزءاً من “إسرائيل”، الأمر الذي حدا برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى إجراء اتصالات مكثفة مع القادة الأوروبيين، وكذلك إجراء اتصالات في نفس الوقت مع الإدارة الأمريكية، بغرض تأجيل سريان القرار الأوروبي كمحطة تمهيدية، حتى يتسنى له في الآخر عرقلته .

ولا تخفي الأوساط “الإسرائيلية” قلقها بل وخشيتها من أن يكون القرار الأوروبي جاء منسقاً مع الإدارة الأمريكية التي تريد النجاح لمساعي وزير الخارجية الأمريكية جون كيري، من أجل تحريك عملية التسوية مع الفلسطينيين .

ويتمثل القرار الأوروبي في مفاعيله المؤثرة في الدولة الصهيونية، كونه أثار الخلافات في داخل الحكومة “الإسرائيلية”، إذ إن فريقاً اعتبره خطوة عدائية من الاتحاد الأوروبي لليهود، بينما اعتبره الفريق الآخر مجرد رد فعل أوروبي على التلكؤ “الإسرائيلي” في فهم الاتجاهات الدولية في ما يخص عملية السلام .

ويعتقد المحللون أن القرار الأوروبي، جاء في حقيقته كدعم مسبق لمساعي وزير الخارجية الأمريكية بشأن تحريك عملية السلام، فهو من جهة يفرض عقوبات اقتصادية موجعة على الدولة الصهيونية، بما في ذلك عرقلة وتعطيل المشاريع الحيوية “الإسرائيلية”، ومن جهة أخرى يرمي سُلماً استدراجياً للسلطة الفلسطينية، كي تتسلقه للمشاركة في المفاوضات من جديد، ومن دون ضمانات أمريكية في جعل الدولة الصهيونية توافق على قيام دولة فلسطينية على حدود عام 1967 .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 53 / 2165580

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

26 من الزوار الآن

2165580 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 26


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010