الاثنين 22 تموز (يوليو) 2013

ماذا تريد الولايات المتحدة من استئناف المفاوضات؟

الاثنين 22 تموز (يوليو) 2013 par خميس بن حبيب التوبي

عودتنا السياسة الأميركية أنها لا تتدخل في ملف الصراع العربي ـ الصهيوني بصورة لافتة وتأخذ طابع الجدية في شكلها، إلا إذا كانت هناك أجندات تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيقها، سواء كانت لصالحها أو لصالح حليفها الاستراتيجي كيان الاحتلال الصهيوني أو لصالحهما معًا.
لقد قفل جون كيري وزير الخارجية الأميركي عائدًا إلى بلاده بعد جولته المكوكية السادسة في المنطقة منتشيًا بما يراه إنجازًا بإحداث كوة في الجدران المسلحة التي وضعها حليف بلاده كيان الاحتلال الصهيوني أمام استئناف المفاوضات، حيث أعلن الوزير الأميركي عن التوصل إلى اتفاق “يضع قواعد استئناف المفاوضات” تاركًا الاتفاق على التفاصيل إلى المفاوض الفلسطيني صائب عريقات وتسيبي ليفني الوزيرة في حكومة الاحتلال والمكلفة بملف المفاوضات خلال لقاء مرتقب بينهما في واشنطن هذا الأسبوع.
وفي الوقت الذي أكد فيه بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال الصهيوني موقفه من استئناف المفاوضات بأنه أمر حيوي واستراتيجي لكيان الاحتلال الذي يريد ـ حسب نتنياهو ـ الحؤول دون إقامة “دولة” بقوميتين تهدد مستقبل ما يسمى “الدولة اليهودية”، ويريد أن يمنع قيام ما أسماها دولة أخرى إرهابية تحت إشراف إيران، يبقى الصمت الفلسطيني الرسمي سيد الموقف حول القواعد والأسس الفلسطينية التي يجب أن تستأنف وفقها المفاوضات، عدا الموافقة على استئنافها، ويبدو أن الجانب الفلسطيني التزم بالسرية التي أوصى بها جون كيري الذي قال “أفضل سبيل لمنح هذه المفاوضات فرصة هو الحفاظ عليها سرية. نعرف أن التحديات تتطلب بعض الخيارات الصعبة جدًّا في الأيام القادمة”.
وحسب موقف نتنياهو فإن الشروط الصهيونية حاضرة بقوة وهي عدم الاعتراف بحدود عام 1967م، وهذا يعني أن مدينة القدس خارج أي سياق تفاوضي، لكونها ـ وفق الرؤية الصهيونية ـ العاصمة الأبدية لكيان الاحتلال الصهيوني، وكذلك عدم عودة اللاجئين، واستمرار انتشار سرطان الاستيطان في الأرض الفلسطينية، وضرورة اعتراف الجانب الفلسطيني بما يسمى “يهودية” كيان الاحتلال، وهو اعتراف ستكون له مفاعيله على الأرض، إذ سينتج عنه تهجير الفلسطينيين والعرب الذين يعرفون “بعرب 48”.
وفق هذا التقدير، يبدو استئناف المفاوضات غاية، وليست الغاية هي جوهر المفاوضات وما ستفضي إليه من نتائج عملية تنصف الطرفين، وبالتالي فإن جهود كيري لا تخرج عن السياق الأميركي المعروف، وهو استغلال المتغيرات التي تمر بها المنطقة في تبديل الوقائع على الأرض بما يخدم المخطط الصهيوني التصفوي للقضية الفلسطينية، فالراهن الذي تعيشه المنطقة واضح أنه يُسيل لعاب كيان الاحتلال الصهيوني وحليفه الاستراتيجي الولايات المتحدة لفرض شروط تسوية على الأرض على الطريقة الصهيونية.
إن ما يلاحظ أن التدخل الأميركي في هذا الاتجاه لا يكون إلا إذا كانت واشنطن تسعى إلى هدف ما أو بعد إنجازه، فما بين عامي 1991 ـ 1993م كانت محادثات أوسلو ـ مدريد بُعيد ضرب العراق وفرض حصار اقتصادي ظالم عليه، وقبيل الاستعداد لغزوه في عام 2003م أخرج الحاوي الأميركي ما يسمى “خريطة الطريق” تنتهي بقيام دولة فلسطينية مستقلة، وهي في الحقيقة لم تكن سوى تمهيد لتدمير العراق وإخراجه من معادلة الصراع العربي ـ الصهيوني.
أما اليوم فيأتي التدخل الأميركي ـ الصهيوني استغلالًا لـ“الفوضى الأميركية الخلاقة”، أو بالأحرى كما وصفها الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح بالفوضى “الحلاقة” التي بعثرت بها أميركا المنطقة وشرذمتها، والتي نتج عنها تحالفات مشبوهة بين قوى إرهابية وتكفيرية وراديكالية ومتمردة ومنشقة وقوى عربية وبين كيان الاحتلال الصهيوني، فتحول الأخير إلى حليف وصديق ينبطح أمامه الحلفاء الجدد تسولًا للضغط على حلفائه للقيام بتدخل عسكري ضد سوريا، ليتحول على أثر ذلك ما يسمى عملية السلام إلى عملية ابتزاز واضحة للفلسطينيين وعلى حساب قضيتهم، وعندها لا يمكن النظر إلى استئناف المفاوضات إلا على أنه غطاء شرعي لكل الموبقات والفواحش الصهيونية ـ الأميركية على الأرض الفلسطينية.
السؤال الذي يطرح نفسه: ما العربون الذي سيقدمه الصهاينة والأميركيون لحلفائهم الجدد إذا مضى المخطط الصهيو ـ أميركي نحو تسطير إنجازاته الاستراتيجية؟ هل هو سواطير الإرهاب؟ أم أسلحة فتاكة؟ أم تدخل عسكري مباشر؟ أم التخلي عن كل ذلك بعد أن ضمنوا ما أرادوه؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2178471

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

23 من الزوار الآن

2178471 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40