الأربعاء 26 حزيران (يونيو) 2013

الأزمة السورية .. حماس حين تتنكر لداعميها

الأربعاء 26 حزيران (يونيو) 2013 par خميس بن حبيب التوبي

- خميس بن حبيب التوبي

بعد كل ما حدث ويحدث من شطب للقضية الفلسطينية وإزاحتها عن الخريطة الجغرافية للمنطقة، وإخراس كل صوت منافح عنها، وتقسيم المنطقة وتلويثها بسموم الطائفية والمذهبية، صحت حركة حماس لتعلن وعلى لسان إسماعيل هنية رئيس الحكومة المقالة في قطاع غزة أن “المنطقة جرى تفكيكها ويعاد ترتيبها وتركيبها من جديد، وهذه التركيبة سيكون لها الأثر الكبير على قضيتنا وشعبنا وعلى مستقبل الصراع مع عدونا الصهيوني”. وأن “هناك محاولات غربية حميمة لتركيب المنطقة وفق السيناريو الأميركي وليس وفق إرادة الأمة والثوار”.
لا أدري إن كانت هذه صحوة من الحركة أم محاولة منها لتجميل وجهها الذي شوهته بعد أن تنكرت لداعميها وحماة قادتها ومكاتبها، وعضت اليد التي امتدت إليها وفي أحلك الظروف وأقساها؟
نسيت أو تناست حركة حماس أن بسبب القضية الفلسطينية المركزية والدفاع عنها ودعم فصائل المقاومة اللبنانية والفلسطينية وفي مقدمتها حماس يتم تدمير سوريا آخر أوتاد القضية الفلسطينية ومقاومتها، بعد أن كسر الوتد المصري باتفاقية كامب ديفيد، والوتد العراقي باحتلاله وحل جيشه وضرب فسيفساء مجتمعه بطائفية ومذهبية بغيضة. ونسيت أو تناست حركة حماس حجم المخاطر والصعوبات التي تجشمها عناصر حزب الله لإيصال السلاح الايراني إلى الحركة وشقيقاتها وتدريب عناصرها على استخدامه وتدريبهم على أساليب القتال وحفر الخنادق، ولولا هذا الدعم ـ وباعتراف قادة الفصائل الفلسطينية ـ لما استطاع قطاع غزة أن يصمد أمام آلة الإرهاب الصهيونية المدعومة بأعتى الأسلحة وأطورها في عدوان نهاية عام 2008 وبداية 2009م، والعدوان الأخير في 2012م. كم هو مؤلم أن تتنكر حماس لكل هذا وتتخندق في خندق معسكر تدمير سوريا والداعم لقوى الإرهاب، وكم هو مؤلم أن توظف الحركة فنون القتال التي علمها إياه حزب الله ضد عناصر الحزب والجيش العربي السوري في مدينة القصير من حفر الخنادق وزرع الألغام التي زود الحزب بها حماس ـ حسب ما ذكره مقربون من الحزب. ليصدق عليها قول مالك بن فهم: أعلمه الرماية كل يوم .. ولما اشتد ساعده رماني.
من المؤسف أن حركة حماس لم تحسب حسابًا صحيحًا لاحتمالات الربح والخسارة وتدع هامشًا للصواب والخطأ، بما يعطيها القدرة على الاستدارة والعودة، فذهبت مع الذاهبين إلى أن سوريا بعد شهرين ستشطب من خريطة المنطقة، دون أن يقع في حسبانها ويقينها أن من ارتمت في أحضانهم وغمست يديها في “أموالهم” هم اليوم من يتنازلون عن حقوق الشعب الفلسطيني ويتاجرون بقضيته، وهم الذين لم يعطوا المقاومة الفلسطينية طلقة واحدة عندما كانت هذه المقاومة بحاجة إليها.
في تقديري أن هذا الخطأ الفادح لحركة حماس مثلما ارتد سلبًا على من رأت فيهم بديلًا، سيرتد عليها لا محالة، ولا أظن أن الحركة موفقة في الاعتقاد أن التزامها الهدنة مع كيان الاحتلال الصهيوني هو الذي سيضمن لها الهدوء والاستقرار والاستمرار في السيطرة على قطاع غزة، بل هي واهمة، وأزعم أن هذه الارتدادات ستتمثل في الآتي:
أولًا: صحيح أن المناخ الذي أدخلت فيه المنطقة طائفي ـ مذهبي بحت، وأصبح البديل للصراع العربي ـ الصهيوني، إلا أن البلد أو المكان الذي لا يوجد فيه تنوع طائفي ومذهبي وعرقي لإحداث فتنة فيه، يلجأ إلى زرع الشقاق بين أبنائه، ولعل اغتيال رائد جندية أحد أبرز القادة الميدانيين لسرايا القدس في حركة الجهاد الإسلامي من قبل عناصر من حماس، وتفجر المناوشات بين الحركتين وإعلان حركة الجهاد قطع اتصالاتها ومن ثم إطلاق صواريخ باتجاه كيان الاحتلال الصهيوني، قد يكون أحد أشكال الفتنة لخلخلة قطاع غزة، وضرب الهدوء والاستقرار فيه، وليس مستبعدًا أن يقوم الموساد الصهيوني بدس عناصر تقوم باغتيال عناصر من حماس ليتم توجيه أصابع الاتهام إلى الجهاد الإسلامي لتأجيج الفتنة بين الحركتين.
ثانيًا: كيان الاحتلال الصهيوني بات مقتنعًا أن إيران وحزب الله تعرضا لطعنة غادرة من حركة حماس، وبالتالي يجب أن تدفع ثمن ذلك بقطع السلاح عنها، ليبدأ كيان الاحتلال مرحلة جديدة من العمل وهي إنهاء الهدنة مع حماس بهدف استنزاف ما عندها من مخزونات من الصواريخ والذخيرة، لتصبح صيدًا سهلًا بيد المحتل الصهيوني وتحقيق ما أراده في عدوانه نهاية 2008 وبداية 2009م من القضاء على الحركة، وحينئذ لن يكون بمقدورها فعل أي شيء سوى الرضوخ لإملاءات المحتل الصهيوني، وما يعزز هذا التوجه ـ في تصوري ـ هو أن حركة الإخوان المسلمين في مصر التي تمثل حماس امتدادًا لها في وضع لن يسمح لها بتقديم الدعم على الأقل في الوقت الحالي.
ثالثًا: هناك أنباء عن مساعٍ أميركية حثيثة لإقامة قاعدة أميركية في سيناء التي لا يمكن للجيش المصري دخولها إلا بإذن من كيان الاحتلال الصهيوني، بسبب اتفاقية كامب ديفيد التي كبلت هذا الجيش تمامًا، ومن المؤكد أن هدف القاعدة هو تأمين كيان الاحتلال ومراقبة أي عملية تهريب سلاح للمقاومة الفلسطينية، وتسير هذه المساعي وسط تواصل عملية هدم الأنفاق؛ أي إحكام الحصار على غزة.
حقًّا إنها سوريا العروبة؛ من يعاديها لا يحصد إلا الذل والهوان.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2165272

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

2165272 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 3


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010