الثلاثاء 25 حزيران (يونيو) 2013

القدس والبوصلة المشبوهة

الثلاثاء 25 حزيران (يونيو) 2013 par بركات شلاتوة

ينتهج الكيان الصهيوني سياسة التدرّج والتكرار في عدوانه المتواصل على الشعب الفلسطيني ليجعل من ذلك حدثاً عادياً مع مرور الوقت، ما حوّل الأمور التي كانت تقوم لها الدنيا ولا تقعد إلى روتين يمرّ من دون تعليق أو حتى شجب واستنكار .

بالأمس القريب وتحديداً عام ،1996 كان افتتاح “إسرائيل” لنفق تحت المسجد الأقصى المبارك كفيلاً بإشعال مواجهات بدأت من رام الله وانتشرت كالنار في الهشيم في بقية مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس . وتحوّلت إلى أول اشتباكات مسلحة خاضتها القوى الأمنية الفلسطينية مع جنود الاحتلال “الإسرائيلي”، سقط خلالها أكثر من 85 شهيداً .

كما أن استعراض العضلات الذي مارسه عام ،2000 مسؤول المعارضة الصهيونية آنذاك أرييل شارون، في ساحات الحرم القدسي كان كفيلاً بإشعال انتفاضة الأقصى التي عمّت الأراضي الفلسطينية المحتلّة كافة حتى وصلت إلى أراضي ال48 وفتحت أبواب الجحيم على الكيان الصهيوني .

اليوم تفتتح “إسرائيل” أنفاقاً ودهاليز وتقوم بحفريات متسارعة تحت أساسات المسجد الأقصى المبارك، ما جعله معلقاً في الهواء ينتظر قدره، وتدنّس العصابات الصهيونية الحرم القدسي باقتحامات استفزازية وصلت إلى التجرؤ على إقامة طقوس تلمودية في باحاته، ويتسابق المسؤولون “الإسرائيليون” في انتهاك حرمته والمقدسات الإسلامية، ويتسارع الاستيطان ونهب الأرض الفلسطينية، ويمارس غلاة التطرف من المستوطنين عربدتهم في المناطق الفلسطينية تحت مسمى “جباية الثمن”، ومع كل ذلك، أصبحت هذه الأمور عادية لدى الجميع ويتم الاكتفاء ببيان شجب واستنكار ومطالبات ب”تحرّك دولي” ل”وقف” السياسة “الإسرائيلية” .

ولأن “إسرائيل” أصبحت مدركة لحدود رد الفعل فلسطينياً وعربياً وإسلامياً، فهي تلجأ إلى سياستها المعهودة بتسريع مرجل تهويد المدينة المقدسة وتدنيسها والسماح لغلاة التطرف من الصهاينة بإقامة طقوسهم فيها حتى بات الأمر شبه يومي، وتعمل على تقسيم المسجد الأقصى بعد أن تجرأت، كما لم يحدث من قبل، على انتهاك حرمته والدخول إليه والاعتداء على المصلين داخله .

الجامعة العربية، بعد أن باتت مشغولة بملفات أهم بالنسبة لها وتتطابق مع أهوائها وأهدافها، لم يعد لديها الوقت لمجرد إصدار بيان شجب واستنكار لإجراءات الاحتلال مع أنه جاهز ومعد سلفاً ويعلوه الغبار في أحد أدراجها . وبوصلة الجهاد موجهة لأي مكان على وجه الأرض غير المكان الحقيقي الذي ينتظر الفريضة الغائبة منذ أكثر من 65 عاماً، لكنها رغم ذلك لم تنعت بالمشبوهة .

من هنا فإن مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل عام 1993 التي قام خلالها الصهيوني باروخ غولدشتاين بقتل عشرات المصلين، طالما أنها كانت سبباً في تقسيم الحرم الإبراهيمي بين الصهاينة والفلسطينيين، فإننا سنشهد قريباً تقسيماً مشابهاً للحرم القدسي، وسيمنع فيه، كما الإبراهيمي، رفع الأذان وإقامة الصلاة بذرائع كثيرة، منها إتاحة المجال ل”الإسرائيليين” للاحتفال بالأعياد اليهودية التي تحل عشرات المرات على مدار العام .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 25 / 2165445

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2165445 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010