الأحد 9 حزيران (يونيو) 2013

أزمة المياه بين مصر وإثيوبيا

الأحد 9 حزيران (يونيو) 2013 par عبد الزهرة الركابي

على خلفية الأزمة المائية الناشبة بين مصر وإثيوبيا من جراء قيام الأخيرة ببناء سد على نهر النيل الأزرق الذي يزود مصر بنسبة 6067% من مياهها، قال أيمن علي مستشار الرئيس المصري محمد مرسي، إن “كل الخيارات مفتوحة في التعامل مع قضية “سد النهضة” الذي تعتزم إثيوبيا تشييده”، مضيفاً “لابد لمصر أن تضمن مصالحها المائية وتدافع عنها” .

وعلى المنحى نفسه، قالت مساعدة الرئيس المصري للشؤون السياسية باكينام الشرقاوي، إن بلادها ستطلب من إثيوبيا وقف بناء “سد النهضة” إلى حين التأكد من أنه لا يشكّل خطراً على أمنها المائي، ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن الشرقاوي قولها، إن مطالبة إثيوبيا بوقف البناء في السد الذي تزمع إقامته على النيل الأزرق ستكون خطوتنا الأولى .

وفي المقابل شدد وزير المياه والطاقة الإثيوبي على أن مستويات المياه لن تتأثر من جراء بناء السد متسائلاً: “لماذا يمثل تحويل مجرى النهر صداعاً للبعض، وأي شخص عادي يمكن أن يفهم ما يعني تحويل مجرى النهر”، وتابع الوزير الإثيوبي “أجندة إثيوبيا هي التنمية، إثيوبيا دولة تكافح ضد الفقر، إثيوبيا دولة تنمو بمواردها لإفادة شعبها، وتريد العيش مع جيرانها بسلام مع التشارك في مواردها” .

وكانت إثيوبيا بدأت بالفعل خلال الفترة الأخيرة في تحويل مجرى النيل الأزرق لبناء سد تبلغ كلفته 8 مليارات دولار، بغرض توليد الكهرباء، ويفترض أن تنتهي أولى مراحل بنائه بعد ثلاث سنوات مع قدرة على توليد 700 ميغاوات من الكهرباء، وعند استكمال إنشائه سيولد السد 6 آلاف ميغاوات .

وبعيداً من تضخيمات هذه الأزمة والأطراف التي تتبنى إثارتها على نحو واسع في مصر على الصعيدين الرسمي والشعبي، يتضح أن مصر في هذا الوقت الذي أثارت فيه هذه القضية، تهدف إلى التقليل من أضرار هذا السد إلى الحدود الدنيا، من خلال جعل إثيوبيا تقوم بمراجعة وتعديل المراحل الأخرى من هذا السد، على اعتبار أن حصة مصر من مياه النيل تبلغ 5 .55 مليار متر مكعب، وحسب المصادر المصرية، فإن هذا السد يهدد حصتها بنحو أكثر من 10%، كما أفاد مصدر مصري رفيع المستوى، مضيفاً أن “سد النهضة” الإثيوبي سيلحق أضراراً فادحة بمصر، ويخفض حصتها بنحو 17 مليار متر مكعب من المياه .

وتؤكد مصر أن لها حقوقاً تاريخية في مياه النيل تكفلها معاهدتا 1929 و1959 اللتان تمنحانها حق النقض (الفيتو) على أي مشروعات قد تؤثر في حصتها، إلا أن دول حوض النيل تقول إن هاتين الاتفاقيتين موروثتان من الحقبة الاستعمارية، ووقعت في العام 2010 اتفاقية جديدة تتيح لها إقامة مشاريع على النهر من دون الموافقة المسبقة لمصر، بل هدد بعض الدول بتنفيذ مشاريع مستقلة على مجرى النهر، في ظل حاجته إلى موارد مائية متزايدة، بينما تحصل مصر بموجب اتفاقية توزيع مياه النيل التي وقعتها العام ،1929 على 48 مليار متر مكعب في العام، في ما يحصل السودان على 5 .18 مليار متر مكعب، في وقت تطالب فيه دول إفريقية تقع على حوض النيل بزيادة حصتها من المياه .

بسبب كل ذلك، تبدو مصر في حالة من الاستنفار السياسي والإعلامي جراء هذه الأزمة، حيث راحت المواقف تتوزع على خيارات عدة، بما في ذلك التدخل العسكري، بيد أن هناك من يفضل المفاوضات واستخدام كل أوراق الضغط على إثيوبيا للتراجع عن هذه الخطوة أو لضمان عدم إلحاقها آثاراً سلبية بمصالح مصر الاستراتيجية المائية .

وعلى خطى الحل السياسي لهذه الأزمة، قالت مصر إنها تسعى إلى تنسيق المواقف مع الخرطوم لمواجهة مخاطر “سد النهضة”، وتوجه في الفترة الأخيرة إلى الخرطوم محمد رأفت شحاتة رئيس المخابرات العامة المصرية، على رأس وفد رفيع المستوى، لبحث كيفية التعامل واحتواء الأزمة .

يُذكر أن الرئيس المصري محمد مرسي كان قد أجرى في وقت سابق اتصالاً هاتفياً بنظيره السوداني عمر البشير، تناول تقرير اللجنة الثلاثية الفنية المُتعلق بالسد الإثيوبي وما ورد فيه من ملاحظات، وأكد الرئيسان أهمية التنسيق والتعاون بين البلدين بما يُحقق مصلحة الشعبين الشقيقين، كما أكدا أهمية التعاون الثنائي الفعال في كل مجالات الاهتمام التي سبق إقرارها، وفقاً لما ذكره المتحدث باسم الرئاسة المصرية .

على كل حال، إذا ما استمرت إثيوبيا في بناء السد المذكور الذي يتم من خلاله تحويل نهر النيل الأزرق، فإن هذا العمل لن يتم السكوت عليه من قبل مصر، خصوصاً أن مصر حالياً تعد من الدول الداخلة تحت خط الفقر المائي، حيث يبلغ نصيب الفرد 860 متراً مكعباً سنوياً، في حين أن خط الفقر المائي يبدأ من 1000 متر مكعب سنوياً . إضافة إلى ذلك، فإن “سد النهضة” بمواصفاته الإثيوبية، والجهات الممولة له، والجهات الدولية التي تقف وراء فكرة بنائه، وما يتردد عن دور “إسرائيلي” في ذلك، يجعل الأمر محاطاً بالريبة والشكوك، وخصوصاً تعريض أمن كل من مصر والسودان المائي للخطر، بل أمنهما القومي نظراً إلى ما يشكله نهر النيل من أهمية استراتيجية لهما .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 40 / 2178906

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

23 من الزوار الآن

2178906 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 23


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40