الأحد 2 حزيران (يونيو) 2013

كيري والأغوار الفلسطينية

الأحد 2 حزيران (يونيو) 2013 par أمجد عرار

تمخض الجبل فولد فأراً . هكذا جاء المخاض الأمريكي على يد القابلة جون كيري الذي يطرح خطة جهنمية تقضي بمشاركة ثلاثية “إسرائيلية” - أردنية - فلسطينية على منطقة الأغوار المحاذية للأردن، في محاولة ترمي لامتصاص رفض “إسرائيل” الانسحاب من المنطقة . صحافة الكيان تتحدث عن خلافات بين “إسرائيل” والقيادة الفلسطينية حول هذه الخطة، وإذا صدقت هذه التقارير، ونأمل أن تكون كاذبة، فإن الخلافات المشار إليها تتناول التفاصيل ومدة بقاء الاحتلال، وليس المبدأ .

قبل أسبوع كان كيري في منتدى دافوس قرب البحر الميت وطرح اقتراحاً لن يكون إلا مولوداً ميتاً لأنه يحوّل القضية الفلسطينية إلى قضية اقتصادية من خلال حديثه عن خطة “تنمية” للأراضي الفلسطينية بمبلغ أربعة مليارات دولار، أي أنه يخرج القضية من جوهرها الوطني والقومي ويدخلها في إطار صفقة عقارية، أو بتبسيط أكثر على قاعدة “اطعم الفم تستحي العين” . كيري ترك اقتراحه ليتفاعل في مياه الاقتصاديين الفلسطينيين تحديداً، حيث يدرك أن بعض هؤلاء على الأقل يرى الوطن بعيون المال .

الآن يستجيب كيري للتشبث “ الإسرائيلي” بمنطقة الأغوار، مستفيداً من عرض الجامعة العربية “مبادلة الأراضي”، ويجد للصهاينة تخريجة لمصلحتهم، لأن القوة العسكرية المشتركة في ظل الغلبة “الإسرائيلية” ستجعل الحضور الفلسطيني شاهد زور على بقاء الاحتلال فعلياً، حيث إن الاختلال في موازين القوى سيجد تعبيراته في التشكيل المقترح . يمكننا للتدليل على ذلك العودة للتجارب المشابهة، فعندما قبل الجانب الفلسطيني بالحضور الشكلي على معبر الكرامة مع الأردن، ظلت “إسرائيل” لها اليد العليا أمنياً على المعبر، هي التي كانت تسمح بمن يدخل ومن لا يحق له الدخول، بل إنها في كثير من الحالات اعتقلت فلسطينيين على المعبر، ولم يستطع الموظفون الفلسطينيون هناك فعل أي شيء إلى أن تم طردهم خلال الاجتياح “الإسرائيلي” للضفة الفلسطينية عام 2003 . ويمكننا أيضاً العودة إلى تجربة الإشراف الأمريكي - البريطاني المشترك على سجن أريحا ك “حل” لمشكلة طلب الاحتلال من السلطة تسليمه القيادي أحمد سعدات ورفاقه والمسؤول المالي في حركة “فتح” فؤاد الشوبكي . ونتذكّر كيف انتهى الاتفاق باجتياح “إسرائيل” للسجن وتدميره واختطاف ستة مناضلين في مقدمهم سعدات والشوبكي . وإذا ذهبنا إلى معبر رفح، فإننا نجد كيف أن “إسرائيل” الغائب الحاضر هناك، وإلا ما معنى بقاء المعبر مغلقاً رغم عدم وجود “إسرائيل” بشرياً عليه؟

منذ بدء عملية التسوية في مؤتمر مدريد عام ،1991 بدا واضحاً أن الإدارة الأمريكية في رعايتها لهذه العملية لم تلتزم نزاهة الوسيط بل كانت تكيّف دورها مع الموقف “الإسرائيلي”، وعندما فشلت مفاوضات “كامب ديفيد” الثانية برعاية بيل كلينتون، خرج ذلك الرئيس الأمريكي على العالم بمؤتمر صحافي حمّل فيه الجانب الفلسطيني مسؤولية الفشل، معطياً عن سبق إصرار وترصّد الغطاء للعدوان الدموي الذي شنته “إسرائيل” على الضفة، بعد يوم على قمة بيروت التي أطلقت خلالها المبادرة العربية .

الآن المطلوب مصالحة فلسطينية فورية ترد على كيري بموقف فلسطيني يقول إن الأغوار جزء أصيل محتل من أرض فلسطين، إما أن يخرج منه الاحتلال أو تغور مقترحات كيري إلى مكان تحت مستوى البحر الميت .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2165792

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165792 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010