الاثنين 27 أيار (مايو) 2013

«ما دام العرب يتقاتلون فإنهم لن يأتوا لقتالنا»!

الاثنين 27 أيار (مايو) 2013 par د. عصام نعمان

تتوزع قيادات ‘اسرائيل’، كما الرأي العام، اراءٌ ومواقف متباينة حول كيفية التعامل مع سورية في الحرب التي دخلت سنتها الثالثة.
الموقف الرسمي أكده بنيامين نتنياهو بقوله إن ‘اسرائيل’ ستستمر في اتباع السياسة التي تقضي بالحؤول دون وصول أسلحة متطورة من ترسانة الأسلحة السورية أو من إيران إلى يد حزب الله في لبنان، أو إلى أي منظمات ‘إرهابية’ أُخرى. نتنياهو اشار ايضاً إلى أن حكومته تعدّ العدة لأي سيناريو محتمل.
المحلل العسكري لصحيفة ‘معاريف’ أشار إلى أن هناك خلافات في الرأي داخل المؤسستين السياسية والأمنية في ‘إسرائيل’، في ما يتعلق بالموقف الذي يجب اتخاذه من نظام الأسد. فمن ناحية، هناك جهات تعتقد أنه على الرغم من أن سقوط نظام الأسد سيؤدي إلى تعزيز قوة الجماعات الإسلامية المتطرفة في صفوف المتمردين، وإلى تفاقم التهديدات ‘الإرهابية’ المتربصة بـ’إسرائيل’، فإن هذا السقوط يخدم ‘الهدف الأسمى’ الذي تسعى ‘إسرائيل’ لتحقيقه، وهو كبح البرنامج النووي الإيراني. في المقابل، تعتقد جهات أُخرى سياسية وأمنية أن تصاعد خطر ‘الإرهاب’ من ناحية سورية في حال سقوط نظام الأسد، هو الأمر الرئيس الذي يجب أن يثير قلق ‘إسرائيل’ أكثر من أي أمر آخر . ومع ذلك، فإن مصادر سياسية رفيعة في القدس المحتلة ما زالت تشدد على أن’ إسرائيل’ لا تنوي التدخل في الحرب الدائرة في سورية.
إفرايم هليفي، الرئيس السابق لجهاز ‘الموساد’ ومجلس الأمن القومي، كتب في صحيفة ‘يديعوت أحرونوت’ أن مصالح ‘إسرائيل’ في سورية كامنة في التوصل إلى اتفاق سلام معها، وضمان عدم قيامها بشن حرب، وكبح النفوذ الإيراني، وأن ‘مناقشة موضوع أي نظام أفضل لـ’اسرائيل’ في سورية غير مجدية على الإطلاق، ذلك أن ‘إسرائيل’ لا تمتلك أي قدرة على أن تؤثر في هذا الأمر. وفضلاً عن ذلك، فقد ثبت منذ اندلاع الاحداث في سورية أن جميع النبؤات الإسرائيلية بشأن مصير نظام الأسد لم تتحقق’.
هليفي دعا ‘اسرائيل’ الى أن تحدّد ما هي مصالحها الحقيقية في سورية، ذلك
أن المصلحة الرئيسة ما زالت كامنة في تحقيق السلام معها، وهو ما حاول أن يفعله بعض رؤساء الحكومات منذ ايام اسحاق رابين. وفي ظل عدم التوصل إلى سلام، فإن لدى ‘إسرائيل’ مصلحة رئيسية أُخرى، هي ضمان عدم قيام سورية بشنّ حرب عليها، وضمان الحفاظ على اتفاق فصل القوات، الذي تم التوصل إليه بين الجانبين في سنة 1974 بوساطة وزير الخارجية الأمريكية الأسبق هنري كيسنجر، وأن نظام الأسد الأب ونظام الأسد الابن حافظا على هذا الاتفاق حتى الآن، خصوصاً إبان حرب لبنان الأولى سنة 198، وحرب لبنان الثانية سنة 2006.
يعترف هيلفي بأن لدى ‘إسرائيل’ مصلحة رئيسية ثالثة في سورية هي كبح النفوذ الإيراني، ومنع استخدام الأراضي السورية لنقل أسلحة متطورة كاسرة للتوازن الى حزب الله في لبنان. وينصح هليفي ‘إسرائيل’ بأن تحافظ على هذه المصالح في الوقت الحاضر أكثر من أي شيء آخر. وفي الوقت نفسه، فإن عليها أن تدرك ‘أن الصراع القائم بين الولايات المتحدة وروسيا سيؤثر في حسم مستقبل سورية، ولذا من المحبّذ عدم دخول ‘إسرائيل’ في مواجهة مع أي منهما’.
المحلل العسكري في صحيفة ‘يديعوت احرنوت’، انتقد تصريح مصدر استخباراتي إسرائيلي رفيع إلى صحيفة ‘التايمز′ البريطانية بأن ‘إسرائيل’ تفضّل بقاء نظام الأسد كونه أهون الشرين. قال: ‘هذا التصريح إن دل على شيء، فإنما يدل على استراتيجية إسرائيلية مرتبكة ينتهجها سياسيون هواة، من خلال تسريبات متناقضة إلى وسائل الإعلام الأجنبية. إن تصريح المصدر الاستخباراتي الرفيع ناجم أساساً عن محاولة ‘إسرائيل’ امتصاص الغضب الروسي عليها وعلى الأمريكيين في كل ما يتعلق بتعاملهما مع الأزمة السورية. فمن المعروف أنه عندما يغضب الروس على أمر ما، فإنهم يكونون مستعدين لتغيير قواعد اللعبة كلها. هذا ما حدث بالنسبة إلى سورية، وانعكس في استعدادهم لتزويدها باسلحة متطورة على غرار صواريخ S-300 المضادة للطائرات، وصواريخ أرض -بحر من طراز ياخونت’.
إيال زيسر، الباحث في معهد موشيه دايان لدراسات الشرق الأوسط وإفريقيا، قال في صحيفة ‘يسرائيل هَيوم’ إن لا مفر من السير على حافة الهاوية مع النظام السوري . ذلك ان ‘التوتر في العلاقات بين إسرائيل وسوريا يأتي في الوقت الذي بدأت كفة الحرب تميل نحو نظام الأسد . فقد استطاعت قواته، بمساعدة حزب الله، استعادة السيطرة على مجموعة من المواقع المهمة الاستراتيجية التي كانت طوال أشهر مسرحاً لقتال ضارٍ’.
ختم زيسر : ‘في ظل هذا الوضع ليس من المستغرب ألاّ يرغب الأسد في المواجهة مع ‘إسرائيل’، لأن مثل هذه المواجهة ستجعله ينصرف عن مواجهة عدوه الحقيقي الذي يقف في مواجهته، أي المتمـــردين السوريين. لكن على الرغم من ذلك، فإن على ‘إسرائيل’ أن تأخذ في اعتبارها أن قدرة الأسد على ضبط النفس تجاهها ليست من دون حدود. ففي الأسابيع الأخيرة أرادت’ إسرائيل’ استغلال ضعف الأسد من أجل فرض قواعد جديدة قوامها منع انتقال أنواع جديدة من السلاح المتطور إلى حزب الله، ومنع تسلّح الجيش السوري بأسلحة متطورة من نوع صواريخS- 300 . وفي مواجهة هذه الخطوات الإسرائيلية ضبط الأسد نفسه، لكنه قد يصل إلى الاستنتاج أن مواصلته ضبط النفس ربما يفسَّر داخل سوريا على أنه علامة ضعف، وسيكون أكثر ضرراً له من الحرب الشاملة مع جارته في الجنوب’.
قائد سلاح الجو الإسرائيلي اللواء أمير إيشل قال إنه في حال انهيار سورية، يمكن أن تجد ‘إسرائيل’ نفسها فجأة وفي غضون فترة قصيرة في خضم حرب. ولذا فإن جهوزية الجيش الإسرائيلي لحرب قد تندلع في أي لحظة باتت في الوقت الحالي مطلوبة أكثرمن أي وقت مضى. أضاف ان على ‘إسرائيل’ أن تظل محتفظة بتفوقها الجوي، ولا سيما مقابل الجهود التي تبذلها سورية للتزود بأسلحـة متطـورة مضادة للطائرات من طرازS-300. كما أعرب عن اعتقاده بأن أي حادث عسكري مفاجئ يمكن أن يتصاعد على نحوٍ سريع، ولذا يتعيّن على سلاح الجو أن يكون جاهزاً للعمل بأقصى قوته.
غير ان حيرة المسؤولين والإعلاميين امام المفاضلة بين نظام الاسد والمعارضة المسلحة انحسرت، بعد إعلان سورية رسميا ان قواتها ‘دمرت عربة اسرائيلية بمن فيها دخلت من الاراضي المحتلة (في الجولان) باتجاه قرية بئر عجم، التي تقع في الاراضي السورية المحررة’.
‘اسرائيل’ اعترفت بالحادث الذي يشكّل اول اشارة الى تغيير في النهج السوري، الذي كان يحاذر الرد المباشر، ثم جرى تعديله جذرياً ليصبح، ‘اي اختراق او محاولة اختراق لسيادة البلاد سيتم الرد عليه فوراً’.
رئيس الاركان الإسرائيلي الجنرال بني غانتس هدد بأنه ‘لن يسمح بتحويل هضبة الجولان الى حلبة مريحة لردود الاسد’. غير انه اخذ علما بأن سورية باتت حريصة على الرد الفوري في حال تعرضها لأي اعتداء.
هل يتطور الوضع الى حرب؟
غانتس نفسه يعتبر ‘ان احتمالات انفجار حرب شاملة متدنية’. لماذا؟ لأن ثمة ايماناً لدى القيادة الإسرائيلية بأنه «ما دام العرب يتقاتلون فإنهم لن يأتوا لقتالنا» لكن باب المفاجآت ما زال مفتوحاً…



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2178996

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

22 من الزوار الآن

2178996 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40