الثلاثاء 21 أيار (مايو) 2013

اللقاءات المقيتة

الثلاثاء 21 أيار (مايو) 2013 par د. فايز رشيد

كشف موقع “التايمز” النقاب عن لقاءات سرية جرت أواخر العام 2010 وبداية ،2011 بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني، من خلال اجتماعات عقدها أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه مع مستشار رئيس الوزراء الصهيوني إسحق مولخو . يجيء ذلك في الوقت الذي يحيي فيه شعبنا الفلسطيني الذكرى الخامسة والستين للنكبة، ويؤكد من خلال النشاطات العديدة التي قام وما زال يقوم بها حرصه على حق عودة اللاجئين إلى مدنهم وقراهم ووطنهم، وعلى الحق التاريخي في أرض فلسطين من النهر إلى البحر كاملة غير منقوصة . تجيء هذه اللقاءات الممجوجة في الوقت الذي يصادر فيه العدو الصهيوني حقوق شعبنا الوطنية مستمراً في اغتصاب الأرض وتهويد القدس، والقيام بالمذابح والاعتقالات والاغتيالات، وهدم البيوت، واقتلاع الأشجار، ومحو الوجه الفلسطيني العربي الحضاري عن أراضينا وتاريخنا وتراثنا، وفرض المزيد من الشروط على الفلسطينيين والعرب للاعتراف بالدولة الصهيونية “كدولة يهودية”، كثمن لقبول “إسرائيل” المفاوضات معهم .

ووفقاً للموقع فإن المباحثات بلغت ذروتها في الاجتماع الذي التقى فيه عبد ربه مع نتنياهو شخصياً في بيت مولخو في تل أبيب . من جانبه اعترف المسؤول الفلسطيني للموقع أنه التقى نتنياهو لمدة ساعتين ونصف الساعة في أواسط شهر فبراير/ شباط ،2011 مشيراً إلى أنه لم يتم التفاوض حول قضايا الوضع النهائي بما فيها القدس والحدود واللاجئين .

معروف عن عبد ربه أنه خاض مباحثات في جنيف مع يوسي بيلين، واتفق الاثنان على إصدار وثيقة جنيف، التي عرفت في ما بعد بورقة عبد ربه - بيلين، وكان ذلك في الأول من ديسمبر/ كانون الأول عام ،2003 وفيها تخلى الأول عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم . حينها ثارت ثائرة شعبنا في كل مواقعه على هذه الوثيقة السوداء، وأعلن رفضه المطلق والقاطع لما جاء فيها . ما كان على المسؤول الفلسطيني أن يجري هذه اللقاءات (التي أتت وكما أعلن في مقابلة له في ما بعد على المواقع بموافقة رئيس السلطة محمود عباس) بعد تجربة مفاوضات مع “إسرائيل” استمرت عشرين عاماً، ولم تحصل فيه السلطة على أي شيء، بل العكس من ذلك، زاد الاستيطان وتوسع القمع الصهيوني لشعبنا، وأصبحت “إسرائيل” أكثر تعنتاً في رفضها لحقوق شعبنا الوطنية .

نود التساؤل، ما الذي قصده محمود عباس ومبعوثه من هذه اللقاءات؟هل يريدان إقناع نتنياهو بالسلام؟ ألا يدركان أنه الأكثر تطرفاً وغطرسةً وعناداً وتعنتاً واعتناقاً للأيديولوجية الصهيونية، التي ترى حق “إسرائيل” في دولتها الكبرى من النيل إلى الفرات؟ ألا يتناقض عباس مع نفسه، مرّةً يُعلن أن لا مفاوضات مع “إسرائيل” حتى توقف الاستيطان، ومرة أخرى يجري مفاوضات يسميها “استكشافية” في العاصمة الأردنية عمّان، وأحياناً يمارس المفاوضات من خلال ما يسميه دبلوماسية الرسائل، ومرات من خلال مباحثات سرية بين مندوبيه ومسؤولين صهاينة .

معروف عن عبد ربه أيضاً دوره الكبير عندما كان نائباً للأمين العام للجبهة الديمقراطية، في إعداد ما يسمى ب”برنامج النقاط العشر الذي تم تقديمه إلى المجلس الوطني الفلسطيني، وبموجبه أبدت منظمة التحرير الفلسطينية استعدادها للاعتراف ب”إسرائيل” على أساس حل الدولتين، وكان البرنامج سبباً رئيساً في بدء الانقسام الفلسطيني الذي لانزال نعيش تداعياته السلبية حتى هذه اللحظة . كان برنامج النقاط العشر السبب الرئيس في أخذ القضية الفلسطينية إلى نهج التفاوض مع “إسرائيل”، الذي لم يؤد في جوهره إلا إلى المزيد من التنازلات الفلسطينية، بدءاً من اتفاقيات أوسلو المشؤومة وصولاً إلى التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني وإلى المزيد من التعنت “الإسرائيلي” .

يحاول عبد ربه في أقواله للموقع الإلكتروني “الإسرائيلي” ووفق ما كشفه الأخير، بأنه قام “بتعنيف” نتنياهو الذي جعل من اللقاء درساً تاريخياً، (وكأن نتنياهو مستمعاً منضبطاً!)، من خلال استعراض الحق التاريخي لليهود في فلسطين منذ ثلاثة آلاف عام، ويحاول التذاكي أيضاً برفضه لأن يكون الجانب الأمني (أمن “إسرائيل”) أساساً رئيساً في المفاوضات بين الطرفين، كما طرح نتنياهو، من خلال إجابته (عبدربه) لرئيس الوزراء، بأن تكون حدود عام 1967 هي الموضوع الأول على جدول أعمال المفاوضات، ومن ثم يجري بحث أمن “إسرائيل” . نقول للمسؤول الفلسطيني، إن هذا التذاكي يصب أيضاً في خانة القبول الفلسطيني بجعل موضوع (الأمن “الإسرائيلي”) نقطة رئيسة في المحادثات بين الجانبين، ولم يطالب ببحث حتى “الأمن الفلسطيني” وهذا على سبيل المثال وليس الحصر .

للأسف، ما يطرحه رئيس السلطة في العلن، من أن المفاوضات بين السلطة الفلسطينية و”إسرائيل” متوقفة، بسبب استيطان الأخيرة، هي أقوال ليست صحيحة، فبين الفينة والأخرى تأتي الصحافة “الإسرائيلية” غالباً لتكشف لنا عن مباحثات سرية تجري بين الطرفين، وأن وقفها هو مجرد فقاعة هوائية ليس إلا . المباحثات السرية على شاكلة مباحثات عبد ربه مع “الإسرائيليين” لن تجلب سوى الدمار لقضيتنا الفلسطينية ولمشروعها الوطني .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2165804

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

2165804 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010