السبت 11 أيار (مايو) 2013

نزولاً عن الشجرة . . . إلى أين؟

السبت 11 أيار (مايو) 2013 par عوني صادق

في مقال سابق لي في ( 26-4-2013)، تساءلت عن معنى ذهاب وفد الجامعة العربية إلى واشنطن “للبحث في مبادرة السلام العربية”، طالما أن وزير الخارجية الأمريكية، جون كيري، استبق الزيارة قبل أن ينهي جولته الثالثة ويغادرالمنطقة، بالقول إنه يعمل لإعادة سلطة رام الله وحكومة نتنياهو إلى الطاولة، و”لكن المبادرة العربية لن تكون أساساً للمفاوضات” . وبطبيعة الحال لم أكن أعرف ما دار وراء الكواليس بين جون كيري والزعماء العرب ووزراء خارجيتهم، الذين التقاهم في زياراته، وخصوصاً بينه وبين الرئيس محمود عباس وبنيامين نتنياهو . لكن ما خرج من تصريحات واجتماعات الوزير الأمريكي ووفد الجامعة العربية، كشف الكثير من ذلك الذي جرى، حيث تبين أن كل شيء كان معداً ومرتباً، ونتيجته كانت مقررة سلفاً قبل أن يصل الوفد العربي إلى العاصمة الأمريكية .

فمن ناحية، وفي كلمة لجون كيري، ألقاها أمام لجنة العلاقات الخارجية التابعة للكونغرس، بتاريخ 17-4-2013 قال: “إنني أعتقد أن “نافذة حل الدولتين تنغلق” بما يتطلب العمل بشكل طارىء من أجل إعادة إحياء المفاوضات الفلسطينية- “الإسرائيلية” “لأن الوقت ينفد” . وأخبر كيري اللجنة أن الجامعة العربية “على وشك إرسال وفد وزاري إلى هنا (واشنطن) الأسبوع المقبل” . وأضاف: “أعتقد أننا إذا ما تقدمنا على الطريق سنجد 19 دولة عربية والعديد من الدول الإسلامية الجاهزة للحضور إلى الطاولة لتحقيق السلام” . ومن ناحية أخرى، سبق كلمة كيري أمام الكونغرس، زيارة قام بها الرئيس محمود عباس إلى عمّان تم فيها التوقيع على “اتفاقية حماية القدس والأماكن المقدسة”، أعطيت فيها “الوصاية” على هذه الأماكن للأردن . وقبل وصول وفد الجامعة العربية إلى واشنطن بأيام، نقلت صحيفة “هآرتس” عن مصادر أمريكية، قولها إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يسعى لعقد قمة رباعية تجمعه مع نتنياهو وعباس وعبدالله الثاني، لتحريك “عملية السلام” في المنطقة .

في تلك الأجواء، جاء تعديل وفد الجامعة العربية على “مبادرة السلام العربية “الذي اعتبره كيري “خطوة مهمة إلى الأمام”، وجعل صهيوني عتيق، شغل منصب وزير الحرب في الكيان الصهيوني، القيادي في “حزب العمل” وعضو الكنيست الحالية، بنيامين بن اليعازر، يعتبره أهم “فرصة تاريخية . . . منذ كان يافعاً، قبل 50 عاماً”، اعتبره كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات “ليس بالأمر الجديد . . . وهو يعكس الموقف الفلسطيني الرسمي” بالنسبة لمسألة تبادل الأراضي .

ما قاله عريقات صحيح، من حيث إنه سبق طرح مسألة “تبادل الأراضي” منذ العام ،2000 وأعيد طرحها العام ،2008 وآخر مرة في عهد إيهود أولمرت العام ،2009 ولم يتم الاتفاق بشأنها، ومن حيث إن الطرح “الجديد” يعكس الموقف الرسمي للسلطة . لكن إعادة طرح مسألة سبق طرحها لا يكون بلا سبب، فلماذا أعيد طرحها في هذا الوقت بالذات؟ إيلي أفيدار، في (معاريف- 1-5-2013)، أيضا، لم يجد “تغيراً” في المواقف منذ آخر مرة طرحت فيها المسألة، إذ لا يزال عباس ونتنياهو، في العلن، يتمسكان بموقفيهما من موضوع استئناف المفاوضات، وأن: “التفسير يكمن بالذات في ضعف الجامعة العربية، وفشل الإدارة الأمريكية في إحداث اختراق في المسيرة السياسية” . كذلك رأى دان مرغليت في صحيفة “إسرائيل اليوم”، أنه: “ليس في ذلك تجديد حقيقي”، وأضاف: “إذا كان في الأمر ما يجدد المحادثات، فقد أصبح لكيري وليفني ومولخو وصائب عريقات موضوع يشغلون أنفسهم به، وإن كانوا يعلمون أنه غير قادر على توجيه سفينة التفاوض إلى شاطىء الأمان” .

وبينما رفضت حركتا “حماس” و”الجهاد الإسلامي” و”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” تعديل الجامعة العربية، اعتبره البعض مقدمة لتصفية القضية الفلسطينية، بقبول بقاء الكتل الاستيطانية الكبرى، وحتمية أن تتغير حدود 1967 . أما نتنياهو، فقد ذهب إلى أبعد من ذلك عندما رفض فكرة “مبادلة الأرض”، وأكد موقفه باستئناف المفاوضات “من دون شروط مسبقة” . وكان نتنياهو قد اعتبر الفكرة “نكتة”، وصرح في يوليو/تموز الماضي، بأنه: “ليس لدى “إسرائيل” أراض يمكن أن نعطيها في إطار هذه المعادلة” .

وعليه، هل نستطيع أن نقول، مع أفيدار ومرغليت وعريقات، أن لا شيء تغير، خصوصاً أن الرئيس محمود عباس، وعضوي اللجنة المركزية في حركة فتح محمد اشتيه ونبيل شعث، أكدوا في تصريحات جديدة أنه مازال مطلوباً لاستئناف المفاوضات وقف عمليات الاستيطان والاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود ،1967 كمرجعية للتفاوض، ثم بعد ذلك تطرح مسألة “تبادل الأراضي”؟ بالتأكيد سيكون ذلك تبسيطاً شديداً للأمر، خصوصاً أن التعديل لم يذكر بند عودة اللاجئين الفلسطينيين . لكن إذا قبلنا هذا التصور، يكون جوهر ما فعلته الجامعة العربية بتعديلها الأخير أنها قدمت “سلماً” ينزل عليه عباس عن الشجرة، وغطت الفشل الأمريكي في تحقيق “اختراق” يؤدي إلى استئناف مفاوضات لها معنى . ولكن السؤال: إلى أين؟ إن الإقرار بأنه “لم يتغير شيء”، يعيد الوضع إلى ما كان عليه قبل التعديل، بحيث يصبح الهدف منه إيجاد “موضوع لكيري وليفني ومولخو وصائب عريقات يشغلون أنفسهم به، وإن كانوا يعلمون أنه غير قادر على توجيه سفينة التفاوض إلى شاطىء الأمان”، كما قال دان مرغليت .

إن ذلك يعني، في أحسن الأحوال، إننا أمام العودة إلى طحن الأوهام والدوران مجدداً في حلقة المفاوضات المفرغة، بينما تستمر عمليات مصادرة الأرض والاستيطان والتهويد، في انتظار أن تظهر المقاصد الحقيقية للتعديل، و”تتغير الأشياء” دونما التباس .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2178927

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2178927 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40