الجمعة 3 أيار (مايو) 2013

هيمنة باسم التنمية

الجمعة 3 أيار (مايو) 2013 par أمجد عرار

الرئيس إيفو موراليس طرد الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (يو إس إيد) من بوليفيا بعد أن اتهمها بالتدخل في السياسة الداخلية البوليفية والتآمر ضد الشعب والحكومة . لكن موراليس الذي قدّم هذه الخطوة هديّة لآلاف المحتفلين البوليفيين بعيد العمال العالمي، ربما لم يضف جديداً عندما قال إن هذه المنظمة الأمريكية موجودة في بلاده، كما في غيرها، لأهداف سياسية وليس لأهداف اجتماعية . وهو بهذه الخطوة يرد على وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي عبّر قبل أسابيع عن حنينه لعهد السيطرة والهيمنة على أمريكا اللاتينية حين قال إن هذه القارة “كانت منطقة نفوذ” للولايات المتحدة . لعل موراليس يرد بهذا القرار بأن العهد الذي كانت فيه واشنطن تستطيع التلاعب بالشعوب الحيّة المناضلة، قد ولّى إلى غير رجعة، ولا بد لأمريكا أن تدرك أن عقلية السيطرة الاستعمارية لم تعد قابلة للاستمرار، حتى لو وجدت مرتشين ومأجورين محليين مستعدين لارتداء ثوب “التنمية والديمقراطية” والعمل كجواسيس وأدوات إفساد وفتنة في بلدانهم .

قبل بضعة شهور تعرضت المنظمة الأمريكية نفسها للطرد من روسيا، وأيضاً بسبب تدخّلها في الشؤون الداخلية . وفي كل الحالات المشابهة تقيم وزارة الخارجية الأمريكية الدنيا ولا تقعدها دفاعاً عن هذه الوكالة التي تحاول أمريكا تصويرها كمؤسسة خيرية خالصة لوجه الله تعالى، ولا هدف لها سوى تحقيق التنمية في عشرات الدول التي تتواجد فيها، في حين أن المجتمع الأمريكي نفسه يئن تحت وطأة الفقر والبطالة وتفشي الجريمة حتى في المدارس الابتدائية .

تريد الولايات المتحدة أن تقنعنا بأن وكالتها التي يحتاج نشاطها “التنموي” إلى مليارات الدولارات، لا همّ لها سوى مساعدة الشعوب الأخرى، فيما تواجه هي نفسها أزمة مالية كادت تتحوّل إلى انهيار اقتصادي كارثي . لكن من لا يرى من الغربال يكون أعمى، فمثل هذه المؤسسات ليست سوى أذرع للتدخل غير المباشر والإفساد والتجسس وفرض منهج يبقي على التبعية للولايات المتحدة، وفقاً لطبيعة كل دولة تعمل فيها . ولا نعرف ما الذي يمكن أن يكون عليه الموقف الأمريكي لو أن روسيا أو فنزويلا أنشأت وكالة تنمية وقررت فتح فرع لها في الولايات المتحدة، ونحن نعرف الكثير من الحالات التي منعت فيها أمريكا فنانين من تلبية دعوات لإحياء حفلات على أراضيها، مثلما منعت كتّاباً ومثقفين، بمن فيهم أوروبيون، من الدخول إلى أراضيها لإقامة ندوات أو محاضرات، وفي الحالتين تكون الخلفية موقف المدعوين من “إسرائيل”، حيث تتحوّل هذه الخلفية، على الطريقة “الإسرائيلية” إلى اتهامات باللاسامية .

لم ننس بعد الأزمة التي أثارتها الوكالة الأمريكية ذاتها في غزة عندما طلبت منها الحكومة المقالة، باعتبارها السلطة هناك بعد الانقسام، أن تخضع معاملاتها المالية للرقابة . وكان واضحاً أن الوكالة لا تنتهج مبدأ المكاشفة في طريقة صرفها للأموال، وهي لو كانت واثقة من نزاهة عملها لما رفضت إطلاع السلطات القائمة على معاملاتها المالية . ولم ننس كذلك، أن الوكالة الأمريكية عمدت قبل بضع سنوات إلى فرض وثيقة “إدانة الإرهاب” على المؤسسات التي “تدعمها” في الضفة الفلسطينية، كشرط لمواصلة أو تقديم “المساعدات”، وهي تشمل بتوصيفها للإرهاب أي مقاومة مشروعة وفق القانون الدولي للاحتلال .

كنا نتمنى أن تستخدم أمريكا، كدولة جبارة، إمكاناتها في خدمة شعبها ومن ثم الشعوب الأخرى، وليس استخدام “المساعدات” وسيلة للهيمنة والتدخّل والإلحاق الاقتصادي .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 20 / 2165292

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2165292 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 28


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010