الجمعة 3 أيار (مايو) 2013

لك الله أيها الفلسطيني المعذب!

الجمعة 3 أيار (مايو) 2013 par نواف أبو الهيجاء

تتفنن بعض الحكومات والأنظمة العربية في ابتكار سبل تعذيب الفلسطيني والتنكيل به معنويا وماديا في وقت واحد. هناك من يرفض نهائيا دخول أي فلسطيني إلى أراضيه، وهناك أنظمة تطالب الفلسطيني الذي يروم زيارة بلدانها بأن يكون حاصلا على إقامة دائمة أو شبه دائمة في بلدان أخرى، وهناك أنظمة ترفض إدخال الفلسطيني الحامل لجواز سفر السلطة أراضيها، وهناك أنظمة تشترط على الفلسطيني حامل جواز السلطة أن يكون له رقم وطني؛ أي من سكان الضفة والقطاع تحديدا لكي تسمح له بالزيارة. وهناك أنظمة تطلب كفيلا من أبناء الوطن لأي فلسطيني يرغب في زيارة البلد المعني، وهناك أنظمة تطالب الفلسطيني الراغب بزيارة بلدها أن يكون حاصلا على إقامة لمدة معينة في بلد عربي آخر وتأشيرة تسمح له بالعودة من حيث أتى وأنظمة تمنح الفلسطيني اللاجئ إليها وثيقة سفر تسمح له بمغادرة البلد، لكنها في الوقت عينه تمنع عودته اليها.
فقط في سوريا ومنذ عام النكبة عومل الفلسطيني معاملة السوري في كل الحالات. ولذلك الفلسطيني السوري اليوم تشرد وقدم التضحيات بسبب الأحداث هناك.
عجائب وغرائب تلاحق الفلسطيني الذي كسر (الجرة على رأسه) في عدد من بلداننا العربية. كسرت الجرة على رأسه في لبنان وفي الكويت وفي العراق، كما في عدد آخر من أقطارنا العربية .. واليوم يتشرد عشرات الآلاف من الفلسطينيين من سوريا.
وصل بعض الفلسطينيين إلى حد الكفر بالعروبة والعرب. هاجروا إلى بلدان أوروبية وإلى أميركا وهجروا أيضا إليها من البلدان العربية. أغرب ما صادفوه أنهم حين عادوا بزيارة إلى البلدان العربية وهم يحملون جوازات سفر أوروبية وأميركية أنهم قوبلوا بالترحاب وكلمات المودة. بل إن بعضهم كان قد لاقى الويل في مطارات عربية قبل أن يهاجر وبعد عدة سنوات عادوا إلى الدول ذاتها، فإذا بهم مرحب بهم أشد الترحاب وكأنهم تمت عملية استبدال لهم في بلدان المهجر والشتات.
لماذا يعامل الفلسطيني من قبل بعض أهله العرب هذه المعاملة؟ أليس ذلك دليلا على عدم جدية تلك الأنظمة في ادعاءاتها بأنها تناضل من أجل الحق العربي في فلسطين؟ ألم يكف الفلسطيني أنه شرد من وطنه؟ ألا يكفيه ما يلاقيه من العدو الصهيوني؟ ألا تكفيه سنوات الغربة والتشرد حتى لا يجد اليد التي تكفكف دموعه وتحد من ألمه، وهي أيد عربية شقيقة يفترض أنها تمسح الدموع عن عينيه، وتقدم له المساعدة والمساندة خاصة أنه ضحية عدوان لا يستهدف فلسطين وحدها، بل يستهدف الأمة كلها من المحيط إلى الخليج؟
هل المطلوب أن يتخلى الفلسطيني عن هويته وعن انتمائه، عن هويته الفلسطينية وانتمائه العربي؟ إن الأنظمة العربية تعرضت لعدد من الامتحانات بشأن صدق نواياها حيال القضية الفلسطينية، ومن هذه الامتحانات تلك المتصلة بهجرة فلسطينيي العراق بعد عام 2006 إلى الأقطار العربية حيث منعوا من الدخول إلا في مخيمات بعينها ولمدد محدودة في انتظار تسفيرهم إلى دول أجنبية في أميركا اللاتينية وفي أوروبا وأستراليا. وكم من عائلة جرى تشتيتها وتمزيقها وإرسال بعضها إلى أستراليا وبعضها إلى أوروبا وأخرى إلى أميركا اللاتينية وأخرى إلى الولايات المتحدة.
أين هي المشاعر العربية والنخوة العربية التي تأبى على العربي رؤية أخيه على هذه الحال دون أن يقدم له المساعدة طوعا؟ وظلم ذوي القربى أشد (مرارة) على النفس والقلب والضمير.
أدري أن الكلمات ربما تذهب أدراج الرياح، ولكنني أقول للفلسطيني المعذب من ذويه وأهله (لك الله أيها المعذب) وهو خير معين وناصر.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 14 / 2165410

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2165410 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010