الاثنين 29 نيسان (أبريل) 2013

زيارة القدس والتطبيع

الاثنين 29 نيسان (أبريل) 2013 par بركات شلاتوة

الجدل الدائر حول قضية الحج إلى القدس المحتلّة ينبغي أن يكون مدعاة للتفكير في الأمر بمنطقية وموضوعية بعيداً عن التعصّب . فالقدس واقعة تحت احتلال صهيوني منذ نحو 65 عاماً، ولم يكن هناك في أي وقت من الأوقات خلاف على أن زيارتها تحت حراب الاحتلال بمنزلة تطبيع يخدم الكيان الصهيوني ويصب في مصلحته بعيداً عن أي خدمة للإسلام أو للقضية الفلسطينية .

ما يؤكد هذا الطرح أن الاحتلال يمنع الفلسطينيين القاطنين على مرمى حجر من المدينة من زيارتها، ويفرض عليها طوقاً يمنع حتى الطيور من التحليق في سمائها، وفي الوقت ذاته يمنح التأشيرات سريعاً لمن يريد زيارتها من العرب، فهل يأتي ذلك نتيجة حرص الاحتلال على المشاعر الدينية للمسلمين والعرب، أم أنه يسعى إلى جرهم إلى مربع التطبيع وختم جوازات سفرهم بأختام الاحتلال ومهرها بالنجمة السداسية؟ .

من يتذرّع بدعم القضية الفلسطينية ونصرة القدس من خلال الزيارة، عليه التيقن أن ذلك يخدم الاحتلال، لأن نصرة القدس ينبغي أن تكون أولاً من خلال العمل على تحريرها ودعم أهلها بالمال لمواجهة الحملة التهويدية الشرسة التي تتعرّض لها، ثم دعم الفلسطينيين لمؤازرتهم في التصدي للاحتلال وتحرير وطنهم المغتصب والمنسي منذ سبعة عقود .

مؤخراً برزت قضية الحج المسيحي من طرف الأقباط المصريين إلى المدينة، رغم أن ذلك لم يكن موجوداً، إلا ضمن حالات فردية، منذ ما بعد “النكسة” بعد قرار البابا شنودة الثاني منع الأقباط من الحج إلى الأراضي المقدّسة، في موقف وطني عروبي يحسب للراحل . لذلك مطلوب من النظام المصري الجديد موقف واضح حول الأمر، ولا أحد يتوقع أنه لا سلطة للدولة في هذا الأمر، لأن القائمين على الأمر لا يمكن أن يتصرفوا من دون ضوء أخضر .

على الطرف الفلسطيني، يبدو التناقض واضحاً في تصريحات وتصرّفات المسؤولين الفلسطينيين، فمن جهة نرى استماتة في الدفاع عن الموقف الرسمي بتشجيع زيارة المدينة المقدسة على اعتبار أنها دعم ومساندة للقضية، وعلى الجهة الأخرى نرى رفضاً قاطعاً وشجباً واستنكاراً وتقطيباً للحواجب عند زيارة أي مسؤول عربي أو إسلامي لقطاع غزة المحاصر والمحروم من استنشاق الهواء منذ أكثر من ست سنوات، رغم أن هذا جزء من فلسطين وذلك جزء آخر منها أيضاً .

هذا بغض النظر عن مدى تعزيز زيارة غزة للانقسام ووحدانية التمثيل الفلسطيني، لكن في المحصلة فإن دعم الشعب المحاصر في غزة، خير من دعم الاحتلال في مواجهة الفلسطينيين . لذا على المسؤولين الفلسطينيين إعادة التفكير في موقفهم حول زيارة المدينة المقدسة، والتراجع عن خطأ اقترفوه بحقها، فهي بحاجة إلى العمل على تحريرها من مغتصبيها، ودعم صمود أهلها، ووضع خطة فلسطينية لمواجهة تهويدها، ولنتذكّر قول الرسول صلى الله عليه وسلم حول زيارة المسجد الأقصى “ائتوه فصلوا فيه . . . فإن لم تأتوه فابعثوا بزيت يسرج في قناديله” .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 25 / 2165305

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2165305 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010