الأحد 28 نيسان (أبريل) 2013

هايجل على خطى أسلافه !

الأحد 28 نيسان (أبريل) 2013 par عبداللطيف مهنا

في زيارته لفلسطين المحتلة، سار هايجل تماماً على خطى أسلافه وزراء الحرب الأميركيين في مختلف إداراتهم المتعاقبة. ولأسبابه الشخصية، المتعلقة بما كان قد أثير من اعتراضاتٍ حول مسألة تعيينه في الكونجرس، أو ما كان من تشكيكٍ في مدى انحيازه المطلوب للكيان الصهيونى، زاود عليهم. لم يكتف بلازمة تكرار التأكيد الأميركي الدائم على التزامات بلاده الثابته بأمن هذا الكيان، بل بزَّ رئيسه أوباما وزميله وزير الخارجية كيري، اللذين كانا قد سبقاه زائرين، تزلفاً ونفاقاً للصهاينة. اغتنم هايجل الفرصة لإيضاح البون المعهود بين مواقف السياسيين الأميركان خارج وظائف الإدارة وبعد تسنُّمهم لمسؤلياتها. إذ بعد ذلك، لا من خروجٍ عن موروث المؤسسه الأميركية التليد المتعلق بالتزامها بمسلماتها الصهيونية المعروفة. بدا الزائر الأميركي الأخير للكيان الغاصب متحمساً لانتهاز فرصة زيارته هذه لمسح ماعلق بسجِّله من شبهة تبرُّمٍ ما ببعضٍ من وطئة هذا الالتزام كانت قد سبقت تعيينه فكادت تحول بينه والوظيفة. تفانى في إثبات أنه قد وعى الدرس جيداً فاعتبر من ما لاقاه في موقعة تمرير قرار تعيينه في الكونجرس بسببٍ من بعض اعتراضاتٍ لصهاينته ومتصهينيه. فعل أو قال كل ما بوسعه لكي ينتزع “عفا الله عما سلف” صهيونية من تل ابيب. ربما كان مَثَله الأعلى في هذا كان رئيسه إبان حجه الأخير للكيان الصهيوني حين جهد لتبديد شبهة برود قيل إنها مسَّت حميمية علاقته المفترضة بنتنياهو.
... بتفريقه بين ما هو منه قبل وبعد اعتماد تعيينه، أزرى هايجل في فلسطين المحتلة بامتيازٍ بتهافتٍ سابقٍ للبعض من بني جلدتنا العرب، حين استبشروا خيراً بطرح اسم وزير الحرب الأميركي الجديد للتعيين، وآن طبل وزمر البعض منهم لهذا الذي عدوه مستجداً وبنوا عليه ما لذ لهم من مستطاب التمنيات وعزيز الأوهام.
في مؤتمره الصحفي وإلى جانبه زميله الجنرال يعلون، قال: “لقد كانت متعة شخصية لي أن أكون هنا في إسرائيل لأجدد الصداقة وبناء علاقات عمل مع يعلون”. وسر هذه المتعة، وحافز تجديد هذه الصداقة، ومدعاة بناء علاقات العمل مع مضيفه، فمردها، وكما أوضح، هو “أن دولتينا تتشاركان القيم والمصالح المتشابهة”، بمعنى آخر عنى هنا التركيز على العلاقة شبه العضوية بين المركز الإمبراطوري الإمبريالي في واشنطن وثكنته المتقدمة في قلب المنطقة الكيان الصهيوني، وكانطلاقٍ من اعتبارها علاقة استثمار استراتيجي متبادل. ومن بين هذه القيم والمصالح المتشابهة، كما قال،“شرق أوسط هادئ”، بما يعنيه الهدوء عنده من كامل الخضوع ودائم الخنوع للهيمنة المعادية والإقتناع بقدرية التبعية والاستجابة لإملاءاتهما. وعليه، يقول هايجل،“فالولايات المتحدة أوضحت أننا ملتزمون بأن نزوِّد إسرائيل بما تحتاج لكي تحافظ على تفوَّقها الأمني”، وعلى تمكينها من “امتلاك القدرات لمواجهة الواقع المتغير” ... كيف؟ هنا بالإضافة إلى ما هو المعهود المعروف، يعدد: “بما في ذلك القبة الحديدية ، حيتس، وعصا الساحر” ... وماذا أيضاً؟
يلخِّص ذلك بقوله: “إننا خطونا خطوة مهمة، فيعلون وأنا اتفقتا على تسليم إسرائيل راداراً للطائرات الحربية، وطائرات تزوُّد بالوقود في الجو، وطائرات 7,22”أوسفري“للشحن، التي لم نزوِّد بها أي دولة أخرى حتى الآن. وهذا يضمن لإسرائيل تفوُّقاً في المستقبل ويسمح لسلاحها الجوِّي بإمكانيات بعيدة المدى” ... وختاماً لما عدده في خطوته هذه لم يفته التنويه إلى كونها “تثبت أن الشراكة الأمنية بين إسرائيل واميركا هي أقوى من أي وقتٍ مضى”... وانسجاماً مع هذه الشراكة، حلَّق مع زميله يعلون بمروحية فوق الجولان السوري المحتل. وكان منه أن أكملها فيما بعد في ختام زيارة الشراكة هذه عندما تعهَّد لنتنياهو بأن “نبقى أقرب من أي وقتٍ مضى” ، وحين أكَّد له بأنه شخصيًّا “ملتزم بمواصلة منظومة العلاقات” التي مر تبيانها “وضمانها” ... وأكثر من هذا ذهب إلى اعتبار“إسرائيل قدوة للعالم” !
... كان هايجل هذا، وفي كل ما قاله إبان زيارته لفلسطين المحتلة، صريحاً وواضحاً وصادقاً مع نفسه، ومنسجماً تماماً مع تليد سياسات بلاده في المنطقة، وحيال ربيبتها وثكنتها المدللة ... باستثناء بعضٍ من قولٍ كان للاستهلاك الإعلامي الذي لا يعتد به ولا يصدِّقه إلا ساذج، وهو ما قاله وهو في طريقه للكيان وكرره بعد حلوله ضيفاً على صهاينته، ومفاده أنهم وحدهم هم من يقررون فيما إذا سيهاجمون إيران بداعي الحؤول بينها وبين مواصلة برنامجها النووي ! كذب الزائرالمتزلف هنا ، فالثكنة في خدمة المركز لا تقدر وحدها أولاً، ولا تجروء ثانياً، على الإقدام على هكذا أمر دون إذنٍ ومشاركةٍ من مركزها .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 32 / 2177726

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2177726 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40