الثلاثاء 22 حزيران (يونيو) 2010

حضارة «اللواط» والموقف من الاعتداء على سفينة الحرية

الثلاثاء 22 حزيران (يونيو) 2010 par د. عوض السليمان

لم يكن مفاجئاً أن يأتي الموقف الغربي من الهجوم على سفينة الحرية بهذه الهشاشة وهذا الضعف. وبكل حال، فإننا لم نتوقع من مجلس الأمن الدولي المسيطر عليه صهيونياً وغربياً إدانة صريحة وواضحة للهجوم البربري الذي شنه الكيان الصهيوني على مجموعة مسالمين في عرض البحر لا سلاح لهم ولا قوة تحميهم.

الغرب هذا، هو المسؤول عن ضياع فلسطين كلها، وليس عن مجزرة سفينة الحرية فقط، فمن غير المعقول أن يدين اليوم، هجوم الصهاينة على المتضامنين مع غزة في الوقت الذي سلم فيه فلسطين للصهاينة وعمل خلال سبعين عاماً على تثبيت أقدام شذاذ الأرض في أرض عربية إسلامية. أليس البريطانيون هم الذين منحوا فلسطين التي لا يملكونها إلى الصهاينة الذين لا يستحقونها، أليست فرنسا هي التي طورت القدرات النووية الصهيونية وزودتها بالطائرات المقاتلة لتضرب الشعوب العربية في كل مكان. أوليست ألمانيا هي التي تحلب شعبها فتعطي الحليب إلى الصهاينة تكفيراً عن قصص لا نعرف أصلها وفصلها. أم تريدون أن نذكر أمريكا التي أعاقت بإرهابها عشرات القرارات ضد الكيان الصهيوني الغاصب.

لم نتوقع أي إدانة عملية للقرصنة الصهيونية من الدول العربية نفسها ولا من عمرو موسى ذاته، حتى نتوقعها من الدول الغربية والولايات المتحدة، راعية الإرهاب واللواط في العالم.

إن الدول الأوروبية التي تدعي الحضارة، وتدعي حماية حقوق الحيوان فضلاً عن الإنسان، لم تهتز ولم تنبس ببنت شفة لإدانة الهجوم على أسطول الحرية كما أنها لم تدن يوماً الاعتداءات الصهيونية الأمريكية البربرية على جنين وغزة وصبرا وشاتيلا وبغداد وملجأ العامرية ولا تزال القائمة طويلة لا تنتهي.

فإذا كانت أوروبا وأمريكا من الدول المتحضرة التي تدعي رعايتها لحقوق الإنسان فلماذا لم تقف وقفة واضحة في مجلس الأمن لإدانة ما فعله الصهاينة ولماذا لم تسحب تلك الدول سفرائها من تل أبيب. لكن لو أن لواطياً تعرض لمضايقة في بلد إسلامي لقامت الدنيا ولم تقعد، وخرجت رؤوس اللواطيين في أوروبا كلها لتدافع عن ميل هذا الرجل الفطري إلى بني جنسه أو إلى الأطفال بل وإلى البهائم أيضاً ولما كان الكيان الصهيوني أحد أقطاب اللواط في العالم كان لزاماً على أهل حضارة اللواط أن يقفوا معه بل ويؤيدوا ضمناً ما قام به هذا الكيان وما يقوم به كل يوم من إزهاق لأرواح الأطفال منذ سبعين عاما.

حتى لو كان المقتول على سفينة الحرية حيواناً لتقدمت «بريجيت باردو» بالشكوى إلى مجلس الأمن ومجالس حقوق الحيوان ومجالس اللواطيين في العالم كله دفاعاً عن ذلك الحيوان، أما عندما يموت المتعاطفين مع غزة وعندما يموت أبناء غزة أنفسهم، فلا حقوق لهم ، فهم على ما يبدو أقل من الحيوانات في عيون أهل حضارة اللواط.
قالها الرئيس التشادي يوماً، عندما سرقت فرنسا مئة وثلاثة أطفال من تشاد، «إنهم يعاملوننا كالحيوانات» لم يهتز حكام الغرب لفضيحة بهذا الحجم، وماتت القضية وعاد سارقو الأطفال إلى فرنسا معززين مكرمين، تماماً كما حدث مع الممرضات البلغاريات اللواتي جربن منتجات حضارة اللواط على أطفال ليبيا المسالمة، فقتلن أربعمئة طفل بريء.

لقد اصطف عالم حضارة اللواط كله مع بلغاريا، وضد أطفال ليبيا واستطاعوا بضغطهم الإفراج عن المجرمات، اللواتي استقبلن في بلغاريا استقبال الأبطال، لدرجة أن الرئيس البلغاري سلمهن أوسمة الشجاعة والاستحقاق. ولقد حصلن على تلك الأوسمة لقتلهن أطفال ليبيا. فأطفال ليبيا ليسوا لواطيين وهم خطر على مستقبل حضارة اللواط في الغرب.

جريمة صهيونية بربرية في عرض البحر وفي المياه الدولية يذهب ضحيتها أشخاص لا يحملون السلاح؛، وإنما يحملون الخبز والدواء لأطفال أبرياء محاصرين منذ سنوات. كانت مكافأتهم أن تقتلهم القوات الصهيونية على مرأى من العالم ومسمع.

فماذا يكون رد بريطانيا، أن تتصل بالحكومة الصهيونية لتطمئن على الرعايا البريطانيين في السفينة، بينما تعبر الأمم المتحدة عن إصابتها بالصدمة، أما إسبانيا فتطلب توضيحات حول الهجوم. وتعلن السويد، أن الهجوم غير مقبول البتة، وأعلن البيت الأبيض أسفه على سقوط ضحايا في الهجوم، فهم مع الهجوم ولكن لا يريدون ضحايا بل ربما أسرى جرحى، وأدانت فرنسا الاستخدام غير المتكافئ للقوة، فهي لا تمانع من الهجوم، ولكن ربما تريد بنادق نصف آلية ولم يعجبها الرشاشات التي استخدمت في المذبحة الإرهابية.

تعالوا نتصور لو أن بلداً عربياً هاجم بريطانياً أو فرنسياً أو أمريكياً، ألا تقوم القيامة فوق رأسه، ولا شك أن مجلس الأمن الدولي سيجتمع وسيدين الحادثة بالإجماع، وسيلجأ إلى الفصل السابع لإحقاق الحق وتقوم حروب ويقتل آلاف الناس فيها؟ أما إن كان المعتدى عليه عربياً أو مسلماً فإلى الجحيم، وهو لا يعني لأوربا شيئاً فهو ليس بلواطي وبالتالي ليس بمتحضر.

عجباً لهذه الحضارة التي قامت على استعباد البِيض لغيرهم، وعلى نهب ثروات الفقراء وإذلال الشعوب بالقوة العسكرية.

لقد ثارت ثائرة أوروبا للدفاع عن الرسام الدنماركي المأفون «فلمنغ روسن» وأصبحت رسوماته المشينة رمزاً للحرية في بلاد اللواط، تماماً كما دافعت أوروبا كلها عن سلمان رشدي لتشهيره بالإسلام، وهي تدافع عن كل لواطي يسيء للعربية قومية أو لغة أو شعوباً وعن كل حاقد يسيء إلى الإسلام دين الله الحنيف.

لن يقف العالم مع حقوقنا يوماُ لا في فلسطين ولا في العراق ولا في أي نقطة على وجه البسيطة، ولن يقف كثير من القادة العرب مع حقوق الشعوب العربية في استعادة فلسطين أرض كل العرب، ولن يقف كثير من قادة الدول الإسلامية مع حقوق المسلمين في استرجاع القدس، ولن نأمل في حضارة اللواط مهما ادعت دفاعها عن حقوق الإنسان، لا أمل لنا إلا في الشعوب العربية الإسلامية أن تهز عروش الطغاة فتفهم الصديق قبل العدو معنى الحفاظ على الحقوق ومعنى الموت في سبيل الحصول عليها، عندها فقط ستعود لهذه الأمة كرامتها، وأرجو من الله ألا يكون ذلك بعيداً وما ذلك على الله بعزيز.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 35 / 2165981

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2165981 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010