الجمعة 12 نيسان (أبريل) 2013

أوباما وكيري والتسوية

الجمعة 12 نيسان (أبريل) 2013 par أمجد عرار

يحار المرء كيف يراهن البعض على زيارة لوزير خارجية أمريكي للشرق الأوسط بعد أيام من زيارة للرئيس الأمريكي حملت بذور الثبات التقليدي الأمريكي على التبني المطلق ل”إسرائيل” ومواقفها . بعد أن يأتي باراك أوباما إلى فلسطين المحتلة والأردن ويذهب من دون أن ينطق بموقف خارج عن المألوف، ما الذي يمكن انتظاره من موظف لديه، حتى لو كان هذا الموظف كبير الدبلوماسيين في الولايات المتحدة . عندما يأتي أوباما إلى رام الله ويرفض زيارة ضريح الرئيس الراحل ياسر عرفات، أليست لهذا الرفض دلالات سياسية؟ عندما يرفض لقاء وفد من ذوي الأسرى هل يمكن المراهنة على موقف أمريكي من قضايا أكثر تعقيداً مثل القدس واللاجئين والدولة الفلسطينية؟

قد يطلب أحد إبقاء باب موارب لأمل ما بناء على تحليل بأن التفاصيل السياسية متروكة لوزير الخارجية، لكن “لو أرادت أن تمطر لغيّمت”، إلا إذا كان مطلوباً من القيادة الفلسطينية أن تدفع ثمن كل موقف أمريكي تنازلات سياسية، كأن تقبل استئناف المفاوضات مقابل زيارة أوباما لضريح عرفات، وليس مقابل وقف أو تجميد أو تعليق أو حتى تخفيف الاستيطان، أو تقبل التفاوض بلا مرجعية ولا آفاق واضحة .

بنيامين نتنياهو نفى ما قيل عن موافقته على إطلاق تدريجي لأسرى حركة “فتح” المعتقلين قبل اتفاق أوسلو، لكن بعد استئناف المفاوضات، ما يؤشر إلى السقف السياسي الذي يجري تحته التحرك السياسي الأمريكي . في الخطاب السياسي “الإسرائيلي” كثيراً ما تستخدم ثنائية الإعلان والنفي لكي يتحول الموضوع المعني من تفصيل في قضية إلى قضية قائمة بذاتها . فمسألة الأسرى المعتقلين قبل “أوسلو” واقتصارهم على “فتح” مسألتان تفصيليتان في قضية الأسرى، والحكومة “الإسرائيلية” تريد أن تفكك قضية الأسرى لكي تأخذ ثمناً مقابل كل تفصيلية . هذا المنهج هو ذاته المتبع في قضية الاستيطان الذي تم تحويله من قضية إلى حيثيات وتفاصيل تتراوح بين التعليق والتجميد والوقف، لكن من دون الوصول إلى سقف الحديث عن عدم شرعية الاستيطان باعتباره أحد مقومات الحد الأدنى لعملية تسوية . لقد خبرنا المنهج الحيثي متبعاً من جانب “إسرائيل” في أوقات سابقة من المفاوضات منذ مؤتمر مدريد التي بدأت عام ،1990 حيث كانت تجر الجانب الفلسطيني إلى حدود الحديث عن رفع حاجز هنا أو حاجز هناك، بعد أن رفعت عدد الحواجز في الضفة الفلسطينية إلى ستمائة .

عندما تبقى عملية التسوية تدور في حلقة “مفرّغة” تحت سقف هذا المنهج التجزيئي، فإن هذا يؤكد أن “إسرائيل” تريدها غطاء على مواصلتها سياسة تهويد القدس وتصعيد الاستيطان، وجسراً لتحقيق مصالحها على الحلبة الدولية . التجربة التفاوضية الطويلة والمريرة أثبتت أن كل ما تريده “إسرائيل” من “عملية السلام” هو العملية من دون “السلام”، ولهذا رفضت منذ البداية وطيلة فترة المفاوضات تحديد موعد لحل أي قضية من القضايا الرئيسة التي اتفق على تأجيل بحثها من دون تحديد طبيعة الحل .

إن ترك مرجعية هذه العملية التفاوضية للولايات المتحدة وتحييد قرارات الشرعية الدولية، يشكل جوهر فشل العملية، إذ إن الولايات المتحدة تتموضع على الجبهة “الإسرائيلية” وليست وسيطاً محايداً في الصراع . وعندما جاء أوباما للمنطقة لم يكن في ظاهر مهمته أو باطنها سوى مراعاة المصالح “الإسرائيلية” في ما يتعلق بالملفين السوري والنووي الإيراني . لذلك من الغريب والمفجع أن يراهن فلسطيني على أمريكا، لأنه في هذه الحالة يصبح مثل “طالب الدبس . .” .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2165880

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165880 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010