الاثنين 26 نيسان (أبريل) 2010

الكاتيوشا في خدمة طرد الفلسطينيين

الاثنين 26 نيسان (أبريل) 2010 par شاكر الجوهري

تلاقت المصادر المصرية والإسرائيلية على ترجيح أن يكون الصاروخان من طراز كاتيوشا اللذين سقطا على مدينة ايلات (أم الرشراش) صباح الخميس، اضافة للصاروخ الذي سقط على اطراف مدينة العقبة الأردنية، اطلقوا من داخل الأردن، على يدي تنظيم اسلامي متطرف.

من مصلحة مصر أن تنفي التهمة عن نفسها، لأن البديل الآخر للأردن، هو شبه جزيرة سيناء المصرية.

أما اسرائيل فهي صاحبة مصلحة كبرى في هذا التوقيت بإتهام الأردن، الذي قرر التصدي بكل امكانياته لمشروع طرد عشرات ألوف الفلسطينيين من داخل الضفة الغربية، اساساً باتجاه الأراضي الأردنية.

اسرائيل تريد من، خلال هذا الإتهام، أن “توشوش” في الأذن الأميركية، أن الأردن لا يلتزم بنصوص معاهدة وادي عربا بالخصوص، التي تنص الفقرة 5/أ من مادتها الرابعة، على ما يلي:

“يتخذ الطرفان اجراءات ضرورية وفعالة لمنع اعمال الإرهاب والتخريب والعنف من أن تشن من اراضيهما. أو من خلال اراضيهما، وباتخاذ اجراءات ضرورية وفعالة، لمكافحة هذه النشاطات ومرتكبيها”.

بالطبع، تدرك اسرائيل مدى التزام الأردن، ليس فقط بهذه المواد، وإنما بكل نصوص معاهدة وادي عربا..

غير أن المصالح الإسرائيلية تتطلب في هذا التوقيت التشكيك بالإلتزام الأردني، بهدف تبرير ممارسة ضغوطات متنوعة على الأردن، بهدف ارغامه على عدم اغلاق ابوابه في وجه من تريد اسرائيل ابعادهم من الفلسطينيين، من الضفة الغربية بإتجاه الأراضي الأردنية.

الموقف الأردني شديد الوضوح لهذه الجهة، فهو يرفض استقبال أي مواطن فلسطيني يتم دفعه عنوة بإتجاه الأراضي الأردنية.

· فعل الأردن ذلك خلال الحرب الأهلية اللبنانية، بدءاً من سنة 1975، حيث فتح ابوابه للاجئين اللبنانيين، دون الفلسطينيين الذين فروا من جحيم تلك الحرب، التي امتدت طوال ستة عشر سنة.

· وفعل الأردن ذلك خلال، وعقب أزمة الكويت سنة 1991، حيث استقبل فقط مواطنيه الأردنيين، الذين قارب عددهم الأربعمائة ألف، وإن كان جلهم من أصول فلسطينية، حيث لم يكن بإمكانه، خاصة في ظل حالة الهيجان الشعبي، في ذلك الوقت، رفض عودة مواطنيه.

· وفعل ذلك أيضا اثناء وعقب الإحتلال الأميركي للعراق سنة 2003، حيث تم احتجاز الفلسطينيين الآتين من العراق في معسكرات حدودية، لحين تأمين مأوى لهم خارج الأراضي الأردنية، في حين فتح ابوابه امام آلاف من العراقيين، يتواجد منهم داخل الأردن حالياً أكثر من نصف مليون نسمة.

لقد فتح الأردن ابوابه للمهاجرين اللبنانيين، ثم العراقيين خلال تلك الأحداث، دون الفلسطينيين، لثلاثة اسباب:

الأول: أن الهجرة اللبنانية، كما العراقية، مؤقتة، في حين أن المرجح أن تكون الهجرة الفلسطينية طويلة الأمد.

الثاني: أن الهجرة الفلسطينية من شأنها التسبب بمزيد من الخلل للمعادلة الديمغرافية داخل الأردن.

الثالث: كي يهيئ الجميع، حين يحين موعد الحل النهائي للقضية الفلسطينية، الذي وشت به حرب لبنان أولاً، ثم حرب الخليج الثانية، إلا أن يرفض أن يكون الحل الفلسطيني على حسابه.

ومن يدقق في المادة الثامنة من معاهدة وادي عربا، لا يجد ما يذهب إليه البعض من وجود نصوص تقضي بتوطين اللاجئين الفلسطينيين في الأردن. إن البند ب/3 من الفقرة الثالثة من المادة الثامنة تنص على تسوية قضية اللاجئين “من خلال تطبيق برامج الأمم المتحدة المتفق عليها، بما في ذلك المساعدة في العمل على توطينهم”.

النص لا يوضح مكان التوطين.

وعلى ذلك، فإن اسرائيل لا تستطيع الزام الأردن بشيىء في هذا المجال، غير أنها تستطيع أن تلجأ إلى وسائل البلطجة.

ومع ذلك، فإن هناك من يتوقع في ضوء تفسير هذه المادة من خارجها، بالقول إن الدولة الأردنية أسست أصلاً سنة 1921 مكلفة بوظيفة احتواء مخرجات القضية الفلسطينية، وقضية اللاجئين هي جزء من آخر هذه المخرجات.

مرة أخرى، بيت القصيد الإسرائيلي من إتهام الأردن بأنه كان مصدر صواريخ الكاتيوشا التي سقط اثنان منها في ايلات (أم الرشراش)، هو عشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين تريد اسرائيل ابعادهم من الضفة الغربية إلى الأردن.

لا تستطيع اسرائيل التلويح باستخدام القوة لفرض استقبال هؤلاء الفلسطينيين في الأردن، لكنها تستطيع التلويح باللجوء إلى القوة في مواجهة صواريخ الكاتيوشا..!

وتستطيع اسرائيل أيضاً أن تخلط الأرواق بشكل مؤقت، من أجل ضمان إعادة فرز هذه الأوراق بشكل دائم.

الفلسطينيون الذين تريد اسرائيل طردهم من الضفة هم من حملة الجنسية الأردنية، وقد دخلوا إلى الضفة بموجب تأشيرات زيارة صادرة عن السفارة الإسرائيلية في عمان، بموجب جوازات السفر الأردنية.

دخل هؤلاء إلى ديارهم، وعادوا لممتلكاتهم، وفي المقدمة منها منازلهم وأراضيهم، واستقروا فيها من جديد.

هؤلاء هم الذين قالت اسرائيل أنها تريد أن تبدأ بطردهم من أجل سبعين ألف فلسطيني، بعضهم جاء إلى الضفة من قطاع غزة.

بالتأكيد أن معاهدة السلام الأردنية لا تنص على عودة هؤلاء، وإن نصت المادة الثامنة من المعاهدة على الإعتراف بمشاكل النازحين واللاجئين، وأن يجري حل مشاكل النازحين من خلال اطار لجنة رباعية تضم مصر والفلسطينيين إلى جانب الأردن واسرائيل، غير أن هذه اللجنة نجحت اسرائيل في تعطيل عملها مبكراً، دون إعادة أي نازح..!

أما اللاجئين، فنصت المعاهدة على معالجة مشاكلهم من خلال المفاوضات الثنائية، والخاصة، وهنا أيضاً تعطل كل شيىء دون إعادة أحد.

لكن المعاهدة لا تنص في المقابل على توطين اللاجئين في الأردن.

اسرائيل لم تقل في قرار قائد جيشها في الضفة الغربية أنها قررت طرد مواطنين فلسطينيين، وإنما “متسللين”، في اشارة إلى أنهم اردنيون.

أما الأردن، فإنه يتعامل مع جميع مواطنيه على قاعدة أنهم مخيرون بين الإحتفاظ بجنسيتهم الأردنية، أو استعادة جنسيتهم الفلسطينية. وهؤلاء الذين اختاروا البقاء في الضفة الغربية، إنما مارسوا اختياراً مبكراً للجنسية الفلسطينية قبل قيام الدولة الفلسطينية.

غير، أن الموقف الإسرائيلي يستند إلى اتفاق اوسلو الذي لم يعترف بغير السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية وقطاع غزة..!

لذا، فإن اسرائيل تقرر إعادة أهل غزة إليها من الضفة..!! وهي كذلك، تريد إعادة أهل الضفة إلى الأردن.

وهي تفعل ذلك في الحالتين استناداً إلى أنها ترى في نفسها صاحبة السيادة في الضفة والقطاع.. أو في “يهودا والسامرة”، والقطاع..!!

وهذا هو الملمح الأهم للحل الفلسطيني كما تراه اسرائيل، وكما نجحت في تكريسه عبر اتفاق اوسلو..!!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 57 / 2177897

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

22 من الزوار الآن

2177897 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 23


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40