الأحد 30 كانون الأول (ديسمبر) 2012

حل السلطة

الأحد 30 كانون الأول (ديسمبر) 2012 par محمد عبيد

لتلويح بحل السلطة الفلسطينية، و”تسليم المفاتيح” للكيان المحتل، ما لم تقدم حكومته المقبلة على العودة إلى مفاوضات التسوية، ما يعني تحميل الاحتلال مسؤوليته عن الأرض التي يحتلها وسكانها . والحديث الدائر هنا وهناك، والتسريبات الإعلامية عن عودة سيناريو الفدرالية والكونفدرالية بقوة إلى المشهد الفلسطيني، تضع أكثر من سيناريو لتطور الأوضاع .

أغلب الظن أن هذا التلويح سيصير إلى ما صار إليه سابقاً، فهي ليست المرة الأولى التي يطرح فيها خيار حل السلطة، لكن المختلف أن الخيار الرسمي يبدو وكأنه مناورة أو تكتيك على أبعد تقدير، بينما الدعوات الأخرى لحل السلطة، حملت في طياتها أبعاداً أخرى، على رأسها أولاً إعادة المحتل إلى مسؤولياته التي تفرضها عليه مواثيق جنيف لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة وفي حالات الحرب، وثانياً إعادة الأمر إلى أصحابه الأساسيين، ليقرروا سبل مقاومة الاحتلال .

الحل ليس “حلاً” إن كان أداة ضغط مكشوفة، لكنه سيكون كذلك إن أرفق بخطوات فاعلة لتحميل الاحتلال مسؤولياته، وملاحقته أمام المؤسسات والمنظمات الدولية، من ناحية، والتوقف عن محاولة لجم أي إمكانية لاستعادة الفلسطينيين زمام الأمور من خلال المقاومة بمختلف أشكالها، كونها حقاً تكفله الشرائع كلها، لا “منّة” من هذا الطرف أو ذاك .

العالم المنشغل بكثير من الملفات لن يلتفت في الغالب لمثل هذا التهديد، وسينتظر -كما هي العادة- ليرى كيفية تعاطي أصحاب الفعل، “إسرائيل”، لا “رد الفعل”، مع التطورات، وسينتظر أيضاً حتى ينفض متطرفو الكيان غبار معركتهم الانتخابية، وينهوا تشكيل حكومة أشد تطرفاً من سابقاتها، ليوجهوا ضغطهم، باتجاه الفلسطينيين بالتأكيد، تحت شعار إحياء التسوية السياسية .

الغريب في الأمر أن الجميع يراهنون على ما سيكون، مع أن ما هو كائن وقائم وملموس باليدين أيضاً، أبلغ من أي توقعات أو تحليلات، أو حتى تخيلات، ولا يمكن إلا أن يرى خطوات على الأرض المحتلة، وفي العالم .

هذا هو المشهد الحالي، الكيان مستمر في مخططاته الإجرامية والإرهابية والتهويدية، والأرض المحتلة تتعرض للنهب يومياً، وحركة المستوطنين المسعورة تطال كل مقدس ليصبح مدنّساً، وتضرب الصمود الفلسطيني على الأراضي المهددة بحركة الاستعمار التي لا تفوّت سانحة من دون أن تستغلها أفضل استغلال، وجرائم القتل والإعدام والتعذيب وامتهان الكرامة التي يحترفها الجنود المدججون بالسلاح والعقلية العنصرية لا تلبث تتزايد .

على الأرض يؤكد الاحتلال من خلال مختلف الممارسات، وبشكل فعلي، أن لا سلطة قائمة فعلياً غير سلطة جيشه ودباباته، فمختلف مفاهيم السيادة المتعارف عليها يقرصنها الكيان المارق، فيقطّع أوصال المدن الفلسطينية، ويحرمها من تواصل جغرافي منحته لها الطبيعة، وينثر مستوطناته وبؤرها وسط التجمعات السكانية الفلسطينية، جاعلاً من المشهد فسيفساء متشظية، ولا يترك مظهراً فلسطينياً من دون محاولة المساس به، ومن ذلك ما كان قبل أيام حين اعتقل شرطياً فلسطينياً بزيه الرسمي .

تقضي فلسفة الضغط بامتلاك مصدر أو مصادر متعددة للقوة، ولذلك يغدو التلويح بحل السلطة الفلسطينية، شبيهاً بتهديد من دون أنياب، كون الأنياب سحبت مسبقاً، بتأكيد منع انتفاضة فلسطينية ثالثة، وفي ذلك إنهاء للتهديد مع صدوره، وإلغاء لأي إمكانية أن يؤخذ على محمل الجد .

حل السلطة ليس حلاً، ما دام لا يأخذ بعين الاعتبار ما يريده الشعب الفلسطيني، والأولى من حيث المبدأ قبل إطلاق مثل هذا الحديث، البحث عن حل لأهم مظاهر الضعف الفلسطيني، وهو بالطبع ذاك الانقسام المقيت، وإعادة الوحدة إلى الفلسطينيين، ومن ثم فليختر الشعب ويقرر، وبذلك تعود السلطة إلى أصحابها، وبيدهم يكون القرار الذي سيتحملون تبعاته أياً كانت .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2182056

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

36 من الزوار الآن

2182056 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 33


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40