الاثنين 3 كانون الأول (ديسمبر) 2012

عَمودُ السَّحاب... مَذبَحة بِغِطاءٍ دينيْ

الاثنين 3 كانون الأول (ديسمبر) 2012 par أحمد الدبش

قد يتساءَل البعض؛ لماذا تمَّ اختيار عبارة “عمود السحاب”، ليتِم إطلاقها علي العمليَّة العسكريَّة الصهيونيَّة في غزة؟! وهي باللُّغة العبريَّة “عامود هاعنان”؛ فاختيارها لا يُشبِه؛ من قريب، أو من بعيد؛ مُسمَّيات العمليَّات العسكريَّة الصهيونيَّة السابِقة؛ وآخِرها “الرصاص المصبوب”، نهاية عام 2008؛ فالتسمِيَة تُشير إلى أبعاد أخرى تَحمِلُنا إلى أحداثِ، ومَوقِع هذه التَسمِيَة. فالعبارة مجازية وليس اصطلاحية مستوحاة من عبارات توراتية “. ففي إحدى تلك المَقاطِع”التوراتيَّة“؛ والمُتعلِّقَة بـ”سلوك طريق البحر“، للفرارِ من مصرِ؛ يَظهرُ عمودُ السحاب؛ ليَدُلُّ اليهود على الطريقِ التي يجب عليهم سُلوكها؛ كما يَظهرُ لهم في الليلِ على شكلِ عامودٍ من نارِ؛ فكما جاء في المَقاطِع:”وَكَانَ الرَّبُّ يَسِيرُ أَمَامَهُمْ نَهَارًا، فِي عَمُودِ سَحَابٍ لِيَهْدِيَهُمْ فِي الطَّرِيقِ، وَلَيْلاً فِي عَمُودِ نَارٍ لِيُضِيءَ لَهُمْ. لِكَيْ يَمْشُوا نَهَارًا وَلَيْلاً. لَمْ يَبْرَحْ عَمُودُ السَّحَابِ نَهَارًا، وَعَمُودُ النَّارِ لَيْلاً، مِنْ أَمَامِ الشَّعْبِ." ــ سِفر الخروج (13: 21- 22).

وخلال المُواجَهَة مع جيشِ “فرعون” مصر؛ ظهرَ العمودُ من جديدِ، في السِفر نفسِهِ؛ إذ جاء فيهِ: “فَانْتَقَلَ مَلاَكُ اللهِ السَّائِرُ أَمَامَ عَسْكَرِ إِسْرَائِيلَ، وَسَارَ وَرَاءَهُمْ، وَانْتَقَلَ عَمُودُ السَّحَابِ مِنْ أَمَامِهِمْ، وَوَقَفَ وَرَاءَهُمْ. فَدَخَلَ بَيْنَ عَسْكَرِ الْمِصْرِيِّينَ، وَعَسْكَرِ إِسْرَائِيلَ، وَصَارَ السَّحَابُ، وَالظَّلاَمُ، وَأَضَاءَ اللَّيْلَ. فَلَمْ يَقْتَرِبْ هذَا إِلَى ذَاكَ كُلَّ اللَّيْلِ.” ــ سِفر الخروج (14: 19- 20)؛ ويَستطرِدُ السِفرُ: “وَتَبِعَهُمُ الْمِصْرِيُّونَ وَدَخَلُوا وَرَاءَهُمْ جَمِيعُ خَيْلِ فِرْعَوْنَ، وَمَرْكَبَاتِهِ، وَفُرْسَانِهِ، إِلَى وَسَطِ الْبَحْرِ. وَكَانَ فِي هَزِيعِ الصُّبْحِ، أَنَّ الرَّبَّ أَشْرَفَ عَلَى عَسْكَرِ الْمِصْرِيِّينَ، فِي عَمُودِ النَّارِ وَالسَّحَابِ، وَأَزْعَجَ عَسْكَرَ الْمِصْرِيِّينَ” ــ سِفر الخروج (14: 23- 24). وفى البرية؛ كان بنو إسرائيل يَتَحرَّكونَ تبعاً لتحريكِ السحابة:“وَعِنْدَ ارْتِفَاعِ السَّحَابَةِ عَنِ الْمَسْكَنِ، كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَرْتَحِلُونَ فِي جَمِيعِ رِحْلاَتِهِمْ. وَإِنْ لَمْ تَرْتَفِعِ السَّحَابَةُ، لاَ يَرْتَحِلُونَ إِلَى يَوْمِ ارْتِفَاعِهَا، لأَنَّ سَحَابَةَ الرَّبِّ كَانَتْ عَلَى الْمَسْكَنِ نَهَارًا؛ وَكَانَتْ فِيهَا نَارٌ لَيْلاً، أَمَامَ عُِيُونِ كُلِّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ، فِي جَمِيعِ رِحْلاَتِهِمْ.” ــ سِفر الخروج (40: 36- 38).

وفي السِفرِ عينِهِ؛ يُذكَر أنهُ كُلَّما نَزَلَ اليهود في مكانٍ؛ يحدث كما وَرَدَ: “وَأَخَذَ مُوسَى الْخَيْمَةَ، وَنَصَبَهَا لَهُ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ، بَعِيدًا عَنِ الْمَحَلَّةِ، وَدَعَاهَا (خَيْمَةَ الاجْتِمَاعِ). فَكَانَ كُلُّ مَنْ يَطْلُبُ الرَّبَّ، يَخْرُجُ إِلَى خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ، الَّتِي خَارِجَ الْمَحَلَّةِ. وَكَانَ جَمِيعُ الشَّعْبِ، إِذَا خَرَجَ مُوسَى إِلَى الْخَيْمَةِ، يَقُومُونَ، وَيَقِفُونَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي بَابِ خَيْمَتِهِ، وَيَنْظُرُونَ وَرَاءَ مُوسَى، حَتَّى يَدْخُلَ الْخَيْمَةَ. وَكَانَ عَمُودُ السَّحَابِ إِذَا دَخَلَ مُوسَى الْخَيْمَةَ، يَنْزِلُ، وَيَقِفُ عِنْدَ بَابِ الْخَيْمَةِ. وَيَتَكَلَّمُ الرَّبُّ مَعَ مُوسَى. فَيَرَى جَمِيعُ الشَّعْبِ عَمُودَ السَّحَابِ، وَاقِفًا عِنْدَ بَابِ الْخَيْمَةِ، وَيَقُومُ كُلُّ الشَّعْبِ، وَيَسْجُدُونَ كُلُّ وَاحِدٍ، فِي بَابِ خَيْمَتِهِ. وَيُكَلِّمُ الرَّبُّ مُوسَى وَجْهًا لِوَجْهٍ؛ كَمَا يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ.” ــ سِفر الخروج (33: 7- 11).

وخلالَ صعودِ موسى إِلى جبلِ سيناء، لتَلقِّي التعاليم المقدَّسَة؛ يَحدُث؛ حسب ما وَرَدَ: “فَصَعِدَ مُوسَى إِلَى الْجَبَلِ، فَغَطَّى السَّحَابُ الْجَبَلَ، وَحَلَّ مَجْدُ الرَّبِّ عَلَى جَبَلِ سِينَاءَ، وَغَطَّاهُ السَّحَابُ سِتَّةَ أَيَّامٍ. وَفِي الْيَوْمِ السَّابعِ، دُعِيَ مُوسَى مِنْ وَسَطِ السَّحَابِ. وَكَانَ مَنْظَرُ مَجْدِ الرَّبِّ، كَنَارٍ آكِلَةٍ عَلَى رَأْسِ الْجَبَلِ، أَمَامَ عُيُونِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَدَخَلَ مُوسَى فِي وَسَطِ السَّحَابِ، وَصَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ. وَكَانَ مُوسَى فِي الْجَبَلِ، أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً.” ــ سِفر الخروج (24: 15- 18).

كما كانتَ السحابة بمثابةِ غطاءٍ لَهُم؛ تَحميهِم من أَِشَّعة الشمسِ اللافِحَة في البرية؛ فيقولُ المُرَنِّم، في سِفرِ المزامير (105: 39): “بَسَطَ سَحَابًا سَجْفًا، وَنَارًا لِتُضِيءَ اللَّيْلَ”. وفي تَرنيمَةِ سِفرِ المزامير (78: 14): “وَهَدَاهُمْ بِالسَّحَابِ نَهَارًا، وَاللَّيْلَ كُلَّهُ بِنُورِ نَارٍ”.

أيضًا؛ فقد وَرَدَت عِبارةُ “عمود السحاب”، في سِفرِ العدد (9: 15- 23): “وَفِي يَوْمِ إِقَامَةِ الْمَسْكَنِ، غَطَّتِ السَّحَابَةُ الْمَسْكَنَ، خَيْمَةَ الشَّهَادَةِ. وَفِي الْمَسَاءِ، كَانَ عَلَى الْمَسْكَنِ، كَمَنْظَرِ نَارٍ إِلَى الصَّبَاحِ. هكَذَا كَانَ دَائِمًا. السَّحَابَةُ تُغَطِّيهِ، وَمَنْظَرُ النَّارِ لَيْلاً. وَمَتَى ارْتَفَعَتِ السَّحَابَةُ عَنِ الْخَيْمَةِ، كَانَ بَعْدَ ذلِكَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَرْتَحِلُونَ، وَفِي الْمَكَانِ حَيْثُ حَلَّتِ السَّحَابَةُ هُنَاكَ كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَنْزِلُونَ. حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَرْتَحِلُونَ، وَحَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ كَانُوا يَنْزِلُونَ. جَمِيعَ أَيَّامِ حُلُولِ السَّحَابَةِ عَلَى الْمَسْكَنِ كَانُوا يَنْزِلُونَ. وَإِذَا تَمَادَتِ السَّحَابَةُ عَلَى الْمَسْكَنِ أَيَّامًا كَثِيرَةً كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَحْرُسُونَ حِرَاسَةَ الرَّبِّ وَلاَ يَرْتَحِلُونَ. وَإِذَا كَانَتِ السَّحَابَةُ أَيَّامًا قَلِيلَةً عَلَى الْمَسْكَنِ، فَحَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ كَانُوا يَنْزِلُونَ، وَحَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ كَانُوا يَرْتَحِلُونَ. وَإِذَا كَانَتِ السَّحَابَةُ مِنَ الْمَسَاءِ إِلَى الصَّبَاحِ، ثُمَّ ارْتَفَعَتِ السَّحَابَةُ فِي الصَّبَاحِ، كَانُوا يَرْتَحِلُونَ. أَوْ يَوْمًا وَلَيْلَةً ثُمَّ ارْتَفَعَتِ السَّحَابَةُ كَانُوا يَرْتَحِلُونَ. أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَةً، مَتَى تَمَادَتِ السَّحَابَةُ عَلَى الْمَسْكَنِ حَالَّةً عَلَيْهِ، كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَنْزِلُونَ وَلاَ يَرْتَحِلُونَ. وَمَتَى ارْتَفَعَتْ كَانُوا يَرْتَحِلُونَ. حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ كَانُوا يَنْزِلُونَ، وَحَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ كَانُوا يَرْتَحِلُونَ. وَكَانُوا يَحْرُسُونَ حِرَاسَةَ الرَّبِّ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ بِيَدِ مُوسَى.”.

نتساءَل هاهُنا؛ لماذا إصباغ العُدوانِ الغاشِم على قطاعِ غزة 2012 بالقُدسِيَّة؟! قد يَذهبُ البَعض، إلي أن استِخدام مُصطَلَح “عمود السحاب”، في العَمليَّة الصهيونيَّة على قطاعِ غزة، من بابِ التَبرُّكِ بروايةٍ مُقدَّسة؛ لأنهم يَتصوَّرونَ؛ أو يُريدون إقناع الآخَر؛ بأن الله، كما حماهم عِندَ مُطارَدَةِ فرعون لَهُم، سيَحميهِم أثناء خروجِهِم نهارًا، للعدوانِ على غزة؛ وعليهِ؛ فمِنَ المُفتَرَض أن تقودَنا هذهِ الدَلالة؛ الروحيَّة، والدينيَّة؛ إلى أن خروج قوم موسى من مصر - أيًا كانت - كان بقيادةِ الإله؛ وبالتالي فإن مُحارَبَةَ الفلسطينيّينَ، أيضًا، بقيادةِ الإله، وإرشادِهِ، وأمرِهِ؛ وعليهِ فإن الحرب بهذا الاسمِ، طاعةً لأمرِ الإله؛ الذي يُسمَّي لديهم برَبِّ الجلودِ.

وبالرغمِ من وَجهَيْ هذا الرأي؛ إلا أن اعتمادَ هذا المُصطَلَح؛ لِما لهُ من دلالةٍ روحيَّةٍ، ودينيَّةٍ؛ في هذا التوقيتِ الحسّاس، بظِلِّ ربيعٍ عربيٍّ ساخِنٍ؛ يُوجِّهُ رسالةً، إلي الشعوبِ العربيَّةِ عامةً؛ والشعبِ المصري خاصةً؛ إلي الحمايةِ التي وَفَّرَها الرَبّ لبَني إسرائيل، ضد أعدائهم؛ وأن الرَبَّ “ياهو”، يقودُ الحرب بِنفسِهِ!

فلا يُمكِنَ فِهم مَغازي ما يَحدُث، في بلادِنا فلسطين؛ وبالأخصِ ما حَدَثَ من مذابِح دمويَّة، في مدينتِنا العَريقة غزة؛ قلعة العِزَّة؛ إلا من خلالِ الرجوع إلى التوراة؛ فالشريعة اليهوديَّة، تُركِّز على تَضمينها تعليمات بَشِعة؛ يَلتزِم اليهود باتِّباعِها؛ لكي يَستَحقّوا أرضنا الفلسطينيَّة! هذا ما يُحاوِلونَ إقناع الآخر بِهِ؛ وغاية هذه الشريعة، جَعْل اليهود أهلاً للسيطرة على أعدائهم من الجوييم (غير اليهود)! ويُلاحَظ أن أوامِرَ القتلِ الجماعي تتكرَّر، في كلِّ مَقاطِعِ التوراةِ، التي تُنظِّم تفكير، وحياة اليهودي؛ فالتوراة بوضعها الحالي، تُفسِح المجال أمامَ المُجرمينَ اليهود؛ لكي يَنهبوا الأرض، والثروات، ويغتالوا البشر؛ فقد تَمرَّسَ اليهودُ، منذُ القِدَم، كيف يَصبغونَ أعمالهم الإجراميَّة بصبغةٍ دينيَّةٍ؛ فللشر في السلوكِ اليهودي، جذور عقائديَّة.

وقد جاء في سِفرِ التثنية (7: 1-6): “مَتَى أَتَى بِكَ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِلَيْهَا لِتَمْتَلِكَهَا، وَطَرَدَ شُعُوبًا كَثِيرَةً مِنْ أَمَامِكَ: الْحِثِّيِّينَ وَالْجِرْجَاشِيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالْكَنْعَانِيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْحِوِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ، سَبْعَ شُعُوبٍ أَكْثَرَ وَأَعْظَمَ مِنْكَ، وَدَفَعَهُمُ الرَّبُّ إِلهُكَ أَمَامَكَ، وَضَرَبْتَهُمْ، فَإِنَّكَ تُحَرِّمُهُمْ. لاَ تَقْطَعْ لَهُمْ عَهْدًا، وَلاَ تُشْفِقْ عَلَيْهِمْ، وَلاَ تُصَاهِرْهُمْ. بْنَتَكَ لاَ تُعْطِ لابْنِهِ، وَبِنتْهُ لاَ تَأْخُذْ لابْنِكَ. لأَنَّهُ يَرُدُّ ابْنَكَ مِنْ وَرَائِي فَيَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى، فَيَحْمَى غَضَبُ الرَّبِّ عَلَيْكُمْ وَيُهْلِكُكُمْ سَرِيعًا. وَلكِنْ هكَذَا تَفْعَلُونَ بِهِمْ: تَهْدِمُونَ مَذَابِحَهُمْ، وَتُكَسِّرُونَ أَنْصَابَهُمْ، وَتُقَطِّعُونَ سَوَارِيَهُمْ، وَتُحْرِقُونَ تَمَاثِيلَهُمْ بِالنَّارِ. لأَنَّكَ أَنْتَ شَعْبٌ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ. إِيَّاكَ قَدِ اخْتَارَ الرَّبُّ إِلهُكَ لِتَكُونَ لَهُ شَعْبًا أَخَصَّ مِنْ جَمِيعِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ، لَيْسَ مِنْ كَوْنِكُمْ أَكْثَرَ مِنْ سَائِرِ الشُّعُوبِ، الْتَصَقَ الرَّبُّ بِكُمْ وَاخْتَارَكُمْ، لأَنَّكُمْ أَقَلُّ مِنْ سَائِرِ الشُّعُوبِ.”.

وانطلاقاً من هذهِ الطبيعة القاسِيَة لإله التوراة؛ كالنار التي لا تُبقِي، ولا تَذِر؛ فمنَ الطبيعي، ألاّ تَقَل تعليماتَهُ تشجاه أعدائه، أو غرمائه، قسوة، أو حسماً.

وبذلك؛ كانت التوراة هي أفضل المَصادِر قاطِبِيَّة للحُكمِ على المَسلكِ الدموي، الذي يسلُكُهُ العدو الصهيوني، تجاه شعبنا في فلسطينِ؛ ولقد دَفَعَ مسلكُهُم هذا نُقَّادَ التاريخ، إلى وَصفِهِم بأنهم وحوشٌ ضارِيَة؛ مُتعطِّشَة للدماءِ؛ دينها الحقدَ، والغدرَ؛ لا تَعتَرِف بالحقِّ؛ ولا تَحفَل بالوفاءِ.

إلى بابا روما؛ وبطارِكَةِ المسيحيَّةِ؛ وشيوخِ الإسلامِ؛ وقادتِنا؛ ومُثقَّفينا؛ ووسائلِ إعلامِنا؛ ها هو مضمون “دعوة السلام الصهيونيَّة”؛ التي تَتكالَب عليها الأنظمة العربيَّة، للعيش بسلامٍ، ورفاهِية، ورخاء؛ لتتحوَّل سيوفهم سككاً؛ ورماحهم مناجلاً، لخدمةِ “إسرائيل”؛ تمجيداً لربِ “إسرائيل”، كما يُريدونَ إيهامنا!

لقد أصبحنا أمواتًا بلا قبور؛ وغرقنا في بحرِ التطبيع، والعِلاقاتِ الحميمة مع الكيان الصهيوني؛ وأصبحت أعلامُهُمُ القَذِرَة، بنجمتِهِمِ الدمويَّة، تُرفرِفُ في أرجاءِ عواصمنا العربيَّة الباسِلة؛ برغمِ هذا السيل المُنهمِر، من الدماءِ الفلسطينيَّة؛ وكأن دماء أهلينا في فلسطين رخيصة؛ لا ثمن لها؛ ليت الأمر تَوقَّف عند هذا الحَد؛ بل فقد خَرج علينا بعض المسئولينَ العرب؛ من أصحابِ القرار؛ ليُعلِنوا بمنتهى الوقاحة “أن العمليّات الاستشهاديَّة إرهاب! وأن الشعب الذي نعتوهُ بـ”الإسرائيلي“يُريد السلام!”. أي سلام هذا يا أجِلاّءنا؟! سلام التوراةِ؟ أم سلام الخصيانِ، والأقزامِ؟! كيف باللهِ العظيم؛ أن يؤمِن هؤلاءِ النِفايات البشريَّة بالسلامِ؛ وكُتُبهمُ المقدسَّة تحضُّهُم على تطبيقِ شريعةِ القتلِ العامِ ضِدَّ من أطلقوا عليهم إيهانًا الأجانب؟! أَلَم تَقرؤوا ما نقلهُ الدكتور الألماني، “إريك بسكوف” (Dr. Erich Bischoff) - المُتخصِّص في دراسةِ تعاليمِ اليهودِ، وتمحيصِها - عن كتابٍ يهودي اسمهُ (Thikume Zohar) ما نصّهُ أن: “من حِكمةِ الدينِ، وتوصياتِهِ، قتلَ الأجانِبَ، الذين لا فَرقَ بينهم، وبين الحيوانات. وهذا القتل يجب أن يَتِم بطريقةٍ شرعيَّةٍ. والذينَ لا يؤمنونَ بتعاليمِ الدينِ اليهودي، وشريعةِ اليهودِ، يجب تقديمهُم قرابين إلى إلهِنا الأعظم”.

ولقد اعترفَ السير “رتشارد بورثون” (Sir Richard Burton) ؛ الذي دَرَسَ التلمود، وعلاقتهُ بغيرِ اليهودِ، في كتابِهِ “اليهود، النور، الإسلام”، الذي نُشِرَ سنه 1898، بقولِهِ: “إن أهمَ نُقطة في المعتقدات اليهوديَّة الحديثة، هي أن الأجانِب؛ أي الذين لا يَنتمونَ إلى الدينِ اليهودي؛ ليسوا سِوى حيوانات متوحِّشة؛ حقوقها لا تزيد عن حقوقِ الحيواناتِ الهائمةِ في الحقولِ”!

بَقِيَ أن نُشيرَ أخيراً، إلى مبدأ العرب، كما جاء في وَصِيَّة “أبي بكر الصديق”، رحمهُ الله: “لا تَخونوا، ولا تغلوا، ولا تُمثِّلوا، ولا تَقتلوا طِفلاً صغيراً، ولا شيخاً كبيراً، ولا امرأة، ولا تَعقروا نخلاً، ولا تَحرقوهُ، ولا تَذبحوا شاةً، ولا بقرةً، ولا بعيراً، إلا لمأكلِهِ؛ وسوف تَمرّونَ بأقوامٍ، قد فَرَّغوا أنفسهم في الصوامِعِ؛ فدَعوهُم؛ وما فَرَّغوا أنفسهُم لهُ”.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 33 / 2166003

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

26 من الزوار الآن

2166003 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010