الجمعة 7 أيلول (سبتمبر) 2012

توابيت تركيا: من المسجد الأموي إلى الأقصى!

الجمعة 7 أيلول (سبتمبر) 2012 par د. محمد نور الدين

تنتقل تركيا من واقعة الى أخرى. من هجمات حزب العمال الكردستاني الى انفجارات في المدن حتى انفجار مخازن الذخيرة في أفيون بالأمس، وسقوط أكثر من 25 قتيلاً بين ضابط وجندي.

تؤكد الحكومة انه قضاء وقدر وتؤكد رئاسة الأركان ان السبب غير معروف بعد. لا يمكن فصل الحادثة عن سياقات التوترات الأمنية الأخيرة.

بمعزل عن الأسباب هنا وهناك فإن تركيا بلد بات مغطى بالتوابيت من أقصاه الشرقي الى أقصاه الغربي. وقد خرجت إحدى الصحف التركية منذ مدة واصفة تركيا في عنوانها الرئيسي على أنها «بلد التوابيت».

توابيت تركيا لم تبدأ مع الأزمة السورية ولم تبدأ مع اشتداد عمليات حزب العمال الكردستاني في الداخل التركي.

بل يمكن القول ان تركيا عاشت فترة ذهبية من الاستقرار الأمني من العام 1999 وإلى الأمس القريب. وكان احد اكبر الأخطاء لحكومة رجب طيب اردوغان انه ضحّى بهذا الإنجاز الأمني غير المسبوق معرضاً امن تركيا للخطر من دون ان يثبت ارتباط ذلك بدعم النظام السوري. ذلك ان عمليات الكردستاني في الداخل التركي عادت بقوة قبل 3ـ4 أعوام وقت كان شهر العسل التركيـ السوري في ذروته.

تركيا بلد التوابيت. هذا أمر مؤسف.

لكن المؤسف أكثر هذه النظرة مزدوجة المعايير الى طابور التوابيت.

طوابير التوابيت التركية على يد حزب العمال الكردستاني او على يد الدفاعات الجوية السورية استدعت ابتهالاً من رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان الى الله كي يصلي في المسجد الأموي في دمشق هو وأعضاء حزبه. ومن ثم يذكر اردوغان انه سيزور قبر صلاح الدين الأيوبي وصحابة آخرين في محيط الجامع الأموي.

هنا يستدعي هذا التصريح إضافات طفيفة قد تكون مفيدة. وهو ان يضيف اردوغان في جولته الافتراضية مدافن وضرائح أبطال الاستقلال السوري ضد الاستعمار الفرنسي وفي مقدمهم يوسف العظمة ومن قبلهم بل في رأسهم من سقطوا ضد الحكم العثماني الاتحادي المختصرين بشهداء 6 أيار سواء في ساحة المرجة بدمشق او ساحة الشهداء في لبنان.

الإضافة الطفيفة الثانية، هي بماذا سيجيب اردوغان على صلاح الدين الأيوبي فيما لو سأله عن أحفاده الأكراد في تركيا اليوم.

الإضافة الطفيفة الثالثة هي عن طابور الشهداء الأتراك التسعة الذي سقطوا على أيدي جيش الاحتلال «الإسرائيلي» في سفينة «مرمرة» في 31 أيار 2010. فإذا كان سقوط قتلى أتراك على يد حزب العمال الكردستاني يستدعي ابتهالاً من اردوغان لزيارة سوريا والصلاة في المسجد الأموي، فالأولى ان يستولد قتل شهداء سفينة «مرمرة» دعاءً مماثلاً لزيارة فلسطين والقدس والصلاة في المسجد الأقصى.

وإذا كان الانتقام من النظام السوري استدعى حالة طوارئ تركية وتعبئة لدعم المعارضة السورية سياسياً وعسكرياً وديبلوماسياً وإنسانياً واقتصادياً فإن أنقرة لو منحت الفلسطينيين وخصوصاً حركة «حماس» عشرة في المئة فقط مما تقدمه الى المعارضة السورية لربما كنا نرى «إسرائيل» خارج الأراضي المحتلة.

فهل يعتبر قادة تركيا من ازدواجية معاييرهم ويعودون جزءاً من الهوية الأصلية للمنطقة أم أنهم سيواصلون النظر الى «معركة حلب»خصوصاً على أنها «مرج دابق» جديدة تفتح لهم أبواب المنطقة ولا توفر حتى مصر والسعودية من تطلعاتهم؟.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 22 / 2165250

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165250 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010