الأحد 2 أيلول (سبتمبر) 2012

فليقتتل السوريون

الأحد 2 أيلول (سبتمبر) 2012 par د. حياة الحويك عطية

بعد النقاشات التي دارت على الساحة الفرنسية حول التدخل في سورية والتي نقلنا ثلاث مقالات تمثل وجهات نظر ذات دلالة فيما يخصها الأسبوع الفائت، جاء خطاب الرئيس الفرنسي، وحديث الرئيس السوري، وغياب الولايات المتحدة عن اجتماع مجلس الأمن، لتقود كلها الى الاستنتاجات التي كانت قد تبلورت.

ففرانسوا هولاند (المنتخب لتوه) ملزم برد دين للوبيات اليهودية التي يمثلها برنار هنري ليفي في فرنسا، وبما ان بلاده ترأس مجلس الأمن فهو مطالب بعمل شيء ضد سورية من خلال هذه الرئاسة. ولكن، إذا كانت أحلام ليفي وغيره تمضي حد التدخل العسكري، فان الجميع - حتى هم - باتوا يعرفون ان فرنسا وبالتالي أوروبا غير قادرة على فعل ذلك بدون قرار أممي وبدون مشاركة الولايات المتحدة، وهما شرطان غير متوفرين حالياً. إذاً فالمطلب يصبح إقامة مناطق عازلة تقتضي بالتالي فرض حظر جوي لحمايتها. لكن تركيا تصيح بأنها لا تريد هذه المناطق على أرضها، وهنا كان الأردن أكثر حذراً وحكمة من البداية، وبدا لبنان غير قادر بدوره على تحقيق هذا المطلب. إذاً فالحل بالنسبة للجميع، ان تعقد فرنسا جلسة مجلس الأمن تطالب فيها بهذه المناطق على الأراضي السورية نفسها. وتقوم بدعوة داود أوغلو لحضور الجلسة علماً بان بلاده ليست عضواً في مجلس الأمن للدورة الحالية. مع علم الجميع بأن كل شيء يظل محدود الأهمية طالما لم تحضره الولايات المتحدة نفسها. خاصة ان واشنطن عبرت عن عدم دعمها لإعلان الرئيس الفرنسي عن استعداده للاعتراف بحكومة سورية في المنفى.

إذاً قدم هولاند خدمة طلبت منه، وسارع بعده وزير خارجيته اليهودي الوفي لـ«إسرائيل» بالدعوة الى مناطق آمنة والإعلان عن صرف ملايين جديدة للمعارضة. في الوقت الذي كان يعقد فيه مؤتمر عدم الانحياز في طهران، ويدور على هامشه الحديث عن لجان رباعية هنا وخماسية هنا للبحث عن حل سلمي للأزمة. فيما يظهر الرئيس السوري واضحاً وصريحاً بقوله إن الأزمة لم تنته، وان الحسم قد لا يكون قريباً، لكن الدولة تتقدم باتجاهه.

كله يعكس عمق الأزمة التي يقع فيها الذين وعدوا بانهيار النظام السوري خلال أسابيع. ولكنه لا يعني ان أعداء سورية قد سلموا أمرهم للمطالبة بإصلاحات ديمقراطية، تتم على أساسها مصالحة وطنية وحكومة تنقذ البلاد، سواء بقي الرئيس الأسد أو تغير. لأن ما يطلبه الغرب هو تدمير البلاد واستنزاف جميع قدراتها، وعدم السماح باستقرارها.

لذا فان خلاصة التطورات تدلل على ان الجهود ستنصب بالدرجة الأولى على تسليح الجماعات المسلحة في الداخل السوري لإطالة أمد النزاع لأطول مدة ممكنة، كما قال، بصراحة، المحللون ورجال القرار الذين ترجمنا لهم، وبفظاظة اكبر قالوا حرفياً انه إذا كان الهدف إضعاف سورية فان إطالة أمد الحرب الأهلية هو أفضل الحلول، وليقتل السوريون بعضهم بعضاً. كما طالب من رفض الحرب المباشرة الأجهزة السرية الفرنسية بالقيام بعمليات وصفها بالجريئة. وهذا ما ينطبق على الكثير من الأجهزة السرية الأخرى. ويتوازى ذلك مع السعي الى إقامة مناطق عازلة، سواء في الداخل السوري او على الحدود، مما سيكون خطيراً على الدول المحيطة بسورية، قبل ان يكون على سورية. وهنا ستقوم فرنسا والقوى الغربية والأجهزة السرية بما فيها «الموساد» بالدور الذي وصفه مهندس اللوبي الصهيوني برنار هنري ليفي بـ «الموصل، المهندس، والممهد»، كما ستقوم «بتوصيل الطاقات وتجميع الإرادات المتناقضة وتشجيع المترددين وإحباط المنهزمين».

وتجدر الملاحظة الى استعمال ليفي لعبارة : مثلث الكراهية (إيران - سورية - حزب الله). والحقيقة ان هذا التعبير «الكراهية» لم نعتده في الخطاب السياسي إلا في خطاب اليهود، بإحالاته السيكولوجية الى كراهية الآخرين لليهود ولـ«إسرائيل». ومن اللافت انه يضيف إليه العراق. ليترك لنا السؤال : كراهية من؟ وبالتالي هل ان سورية تعاقب على كراهيتها لـ«إسرائيل»؟

ملاحظة تضاف إليها أخرى وهي ان من يرفض التدخل العسكري، من مقاربة فلسفية حقوقية، أو سياسية، أو عسكرية لوجستية، لم يستند الى مسألة مبادئ احترام السيادة، وعدم التدخل في شؤون بلاد عضو في الأمم المتحدة، ولا الى ما يمكن ان يحدثه هذا التدخل من دمار وخراب وكوارث تصيب البلاد والعباد، وإنما استند الى مناقشة التمكن من ذلك او عدمه.

إنها القوة، هي القول الفصل في تقرير مصير الأمم.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2177277

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

7 من الزوار الآن

2177277 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 4


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40