الاثنين 13 آب (أغسطس) 2012

هذا ما ابلغه جليلي للأسد!

الاثنين 13 آب (أغسطس) 2012 par د. محمد صادق الحسيني

بقدر ما هو جازم وحازم صانع القرار الإيراني الأول بأن ما يسميه بجبهة المقاومة والجهاد ستنتصر على جبهة الاستكبار وأذنابه الصغار في المنطقة على الساحة السورية، بقدر ما هو قلق من إمكانية ان يدفع الغرب الاستعماري الجريح في هذه المعركة الى «حرب عالمية» مفتوحة انطلاقاً مما هو آت او متبلور من معادلة ما بعد حلب!

فالمعلومات والوثائق والأوراق المتجمعة لدى الإيرانيين والتي نقلها وناقشها رجل الأمن القومي الأول في طهران سعيد جليلي مع السوريين بشكل تفصيلي تفيد بان ثمة قراراً أمريكياً أطلسياً يتجه لتحويل شمال سورية الى سد «قاعدي» بوجه النفوذين الروسي والصيني يشبه أيام القتال ضد النفوذ السوفياتي في أفغانستان، ومعهما إذا ما تمكن فتح جبهة أخرى ضد النفوذ الإيراني المتنامي على قاعدة تحولات ما تسميه طهران بالصحوة الإسلامية وما يسميه الغرب بـ«الربيع العربي» بعد ان فشلت كل محاولات التدخل الأجنبي المباشر ضد سورية!

وفي هذا السياق فان طهران التي تحاول المستحيل ديبلوماسياً والكثير مما تستطيع على مستويات أخرى مساعدة صانع القرار السوري ليخرج منتصراً من معركة حلب بأقل الخسائر على مستوى الأمن القومي، فإنها حذرت وناقشت تفصيلاً مع القادة السوريين من احتمالات اندفاعة غربية باتجاه اندلاع حرب إقليمية مفتوحة على مسرح التجاذبات الدولية يحضر لها الغرب على ان تكون بأيد تركية تكون بمثابة «فخ» ينصب لحكومة اردوغان الطامحة في تزعم «قوس سني» على خلفية وذهنية هلع غربي مفبرك تحت عنوان ما يسمى بـ «الهلال الشيعي»!

لم تعد الثقة المعهودة بين أنقرة وطهران قائمة، وكل الدلائل تشير الى ان اردوغان بات يراوغ مع الإيرانيين واقرب ما يكون الى لاعب أطلسي بوجه ما يسميه الغرب «التمدد الإيراني» في «الجيوبوليتيك السني» الذي يفترض ان يرثه العثماني الجديد، الى كونه وسيطاً بين جاره الإيراني وحليفه الغربي كما كان يردد أيام الوساطة النووية!

صحيح ان طهران عقدت مؤتمراً تشاورياً حول سورية دعت إليه نحو ثلاثين دولة مختلطة ألوانها بين صديق للنظام وواقف على الحياد ومساند للمعارضة، وهي جادة في احتضان مؤتمر حواري سوري سوري تقول ان أطيافاً مهمة من المعارضة قد وافقت عليه مبدئياً وان نظام الأسد ابلغ بذلك وأخذت موافقته المبدئية عليه أثناء جولة جليلي الإقليمية، وان الدعوة قد وجهت للوزير علي حيدر وهو الوزير المعني سورياً بهذا الملف للتوجه الى طهران خلال أيام لمناقشة تفصيلات ذلك مع القادة الإيرانيين، إلا ان خشيتها كما استعدادها للوقوف بحزم ودون تردد تجاه أي مخطط للإطاحة بالرئيس الأسد او التلاعب بالأمن القومي السوري كما ابلغ جليلي ذلك للأسد، ببساطة لأن سقوط الدولة السورية في مستنقع «الفوضى الخلاقة» الأمريكية المتشحة بسواد «قاعدة» الحرب على النفوذين الروسي والصيني يعني فيما يعني ويتطلب فيما يتطلب حسب قواعد اشتباك الأطلسي إسقاط محور المقاومة في حروب الفتنة الطائفية والمذهبية، وهو ما تعتبره طهران تهديداً مباشراً لأمنها القومي وليس فقط خسارة حليف استراتيجي مقاوم!

من هنا كان لابد من تحرك ديبلوماسية الأمن القومي الإيراني الأعلى باتجاه الأضلاع الطبيعية الأخرى التي باتت تشكل الى جانب طهران الرباعية الميدانية والعملانية القادرة على تغيير قواعد الاشتباك عند الضرورة، أي في حال انتقال مستوى المعارك الدائرة في حلب من مستوى «حروب الشوارع» والأحزمة والمفخخات الى حروب النزاع على الأقاليم والساحات المفتوحة على جغرافية البحار والجيوبوليتيكا البشرية أي محاولة تغيير ديموغرافية المنطقة كما يحلم العدو الصهيوني كخطوة ردعية تمنع انتقال الحرب الى داخله!

وفي هذا السياق يعتقد الإيراني جازماً بان الأتراك هنا سيستخدمون مطية لتحقيق أهداف «إسرائيلية» أمريكية، وهم يسعون جاهدين لإقناع الأتراك بالخروج مبكراً من هذه الشرنقة التي باتت تلتف حول عنقهم كلما ازدادوا تورطاً بالملف السوري، ولكن هيهات كما يقول المثل!

فالرادار التركي الأطلسي بدأ بالعمل كما تقول المصادر التركية المعارضة والإغراءات الغربية كثيرة لاردوغان بأنه سيصبح قائداً للعالم الإسلامي، ولذلك تراه يغرق مع كل يوم يمر بمخطط ما يسمى بالمناطق العازلة في سورية كما كشفت الصحافة التركية مؤخراً وتصاعدت لهجته ضد الأسد حتى أخرجه من الملة والدين وبدأ بتصعيد لهجته تجاه الإيرانيين مطالباً إياهم بمراجعة مواقفهم تجاه سورية وكل ذلك وهو مطمأن الى كون العرب ومصر خاصة لا يحسب لهم حساب في موازين القوى في ظل فوضى «الربيع العربي» كما يصور له الأمريكيون والأطلسيون! لكن اردوغان نسي على ما يبدو ما قيل له في طهران كما في اسطنبول وهو ما ابلغ به القادة السوريين على لسان «معدل صناعة القرار الإيراني» أي سعيد جليلي ألا وهو بأن أي عدوان خارجي على أي طرف من أطراف محور المقاومة سيعتبر عدواناً على كل أطراف المحور مجتمعين وان المستوى الذي سيتم فيه العدوان سيرد عليه بنفس المستوى!

صحيح ان الرئيس بشار الأسد ابلغ كلاً من القيادتين الإيرانية والقوى اللبنانية وكذلك العراقية بأنه قادر لوحده وبإمكانات جيشه ان يطهر بلاده من «القاعدات» الأمريكية الأطلسية «الإسرائيلية» تحت أي عنوان حضرت او قاتلت في سوريا، لكن الأمر إذا ما انتقل الى مستوى آخر من العدوان فان قواعد الاشتباك ستتغير بالتأكيد!

وفي هذا السياق ثمة أمر عمليات واضح وشفاف وحازم وقاطع ولا يحتاج الى تفسير او تأويل ولا تتنصل منه القيادات المعنية! أما ما يسمع من سخافات هنا وهناك حول اكتشاف مقاتل من «حزب الله» هنا او مقاتل من الحرس الثوري هناك، فهذه ترهات يراد لها تبرير عمليات الخطف والقتل والترويع التي يمارسها ائتلاف «الموساد» والمخابرات الأمريكية وبعض أذنابهما الصغار في المنطقة مع زوار وسائحين مدنيين انتقاماً لسقوط مخططاتهم الواحد بعد الآخر!

وإلا بالله عليكم هل سمعتم بمقاتلين أذلوا «إسرائيل» وأمريكا يختبئون بين زوار عتبات مقدسة وبثياب مدنية؟! وقياداتهم العليا تصرح ولا تستحي من ذلك ولا تخبئه وهي تؤكد يومياً بأنها عند شعورها بالخطر على الأمن القومي الإقليمي للمقاومة ستأتي للعدو من البر والبحر والجو وستخوض معه معركة مفتوحة ومكشوفة لن يبقى من جيشه احد يخبر الدنيا بنتائج مثل هذه المعركة!

هذا ما اخبره جليلي للرئيس بشار الأسد بلغة الأمن القومي المقاوم!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 19 / 2178523

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2178523 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40