السبت 11 آب (أغسطس) 2012

تركيا ومؤتمر طهران

السبت 11 آب (أغسطس) 2012 par د. محمد نور الدين

شكّل مؤتمر طهران التشاوري حول سوريا فرصة أخرى لتظهير الخلاف العميق بين تركيا وإيران حول الوضع في سوريا.ومع ان حكومة «حزب العدالة والتنمية» والحكومة الإيرانية كانتا دائماً حريصتين على عدم قطع شعرة معاوية في الاتصالات بينهما، غير أن عوامل عدة ساهمت في اتخاذ موقف تركي سلبي، وبالتالي عدم المشاركة في الاجتماع.

يأتي في رأس هذه العوامل التركية الصرف أن حكومة رجب طيب أردوغان لا تريد أن تمنح إيران فرصة حصد نقاط إضافية في هذه المرحلة تأكيداً لدورها (إيران) المحوري في سوريا وفي قضايا المنطقة. ومع أن دولاً ليست مع النظام السوري مثل تونس والأردن شاركت في المؤتمر فإن السياسة التركية وصلت هذه الأيام الى مرحلة من التخبط لم تعد تعرف كيفية الخروج من الطوق الذي أحاطت نفسها به مفوّتة بذلك فرصة الالتفاف على أخطار باتت في «متناول اليد» وأهمها الخطر الكردي.

والعامل الثاني أن أنقرة أرادت أن تظهر انزعاجها الشديد من الموقف الذي أطلقه رئيس الأركان الإيراني فيروز أبادي، مهدداً فيه بأن الدور التالي سيكون على تركيا لجهة انتقال شرارة الأحداث السورية إليها.

والثالث هو اتهامات تركية غير مباشرة بأن إيران تقف وراء تصاعد هجمات حزب العمال الكردستاني على الجيش التركي في جنوبي شرقي تركيا.

لكن مع ذلك فإن العامل الأبرز هو أن تركيا لو شاركت لكان مثّل حضورها اختراقاً لمصلحة محور الدول المؤيدة للنظام السوري على اعتبار أن تركيا ليست فقط دولة أساسية من الدول المعارضة للنظام في سوريا بل هي في رأس الدول التي تخوض حرباً بالوكالة ضد دمشق عبر استضافة وتسليح مجموعات «الجيش السوري الحر». وهي التي كانت وراء فكرة مؤتمرات «أصدقاء سوريا»، التي انعقدت ثلاث مرات في تونس واسطنبول وباريس والتي يبدو أنها باتت في خبر كان بعد فشل الحشد ضد النظام السوري. وبالتالي فإن مشاركة تركيا كانت ستشكل رصاصة الرحمة على فكرة «أصدقاء سوريا» التركية.

والعامل الرابع أن الحسابات الأميركية تتقاطع مع الحسابات التركية في عدم منح إيران أي دور في هذه المرحلة العديمة الوزن سياسياً، وبالتالي كان عدم مشاركة تركيا نتيجة موقف مشترك تركي - أميركي حتى لا نقول نتيجة ضغوط أميركية.

ومع ذلك فإن مشاركة دول أخرى محسوبة على المعسكر الأميركي مثل تونس والأردن ربما يكون رسالة أميركية ولو ضعيفة بأن باب التواصل والتوصل الى تفاهمات ليس مستحيلاً، ولكن دونه مسيرة طويلة.

نجحت طهران في ان تجابه المعسكر الآخر بالطريقة التي هو ايضاً يتحرك بها. فلم تعد العراضات الإعلامية التي يُحسنها معسكر القوى المعادية للنظام في سوريا حكراً عليه ولم تعد المبادرات في اتجاه واحد وتحت عنوان وحيد وهو إسقاط النظام.

ولعل من أهم العوامل التي ساهمت في أن يكون مؤتمر طهران علامة في حراك الدول المؤيدة للنظام، إنه جاء في توقيت مناسب لجهة الركود في المبادرات السياسية وحراك القوى المضادة. ولا تخفى أهمية المبادرة السياسية هذه، في لحظة ارتفاع وتيرة الاشتباك العسكري حول حلب، التي تحوّلت الى رمز للصراع ليس فقط بين الأطراف الداخلية في سوريا بل بين تركيا من جهة وايران من جهة ثانية، حيث إن القوى المؤيدة لـ«حزب العدالة والتنمية٠ صوّرت حلب كما لو أنها مدينة تركية وأن النظام يريد أن يؤدبها على ذلك. وفي الواقع إن الأتراك علقوا آمالاً على معركة دمشق واليوم يعلقون آمالاً على معركة حلب على أساس انها ستكون نقطة تحوّل؛ بعدها ليس كما قبلها.

إن انعقاد مؤتمر طهران كمبادرة سياسية ومد يد الحوار الى الجميع للوصول الى حلّ في ذروة الصراع العسكري على حلب، وقول المسؤول الإيراني سعيد جليلي إن طهران لن تسمح بكسر محور المقاومة، هو علامة على ان هذا المحور، وبالرغم من كل الضغوط الإقليمية والغربية استعاد زمام المبادرة عسكرياً وسياسياً في سوريا، وهو في وضع أفضل بكثير من قبل. وهنا لا تبدو تركيا مرتاحة لكل التطورات الأخيرة في المنطقة، ولا سيما بعد التصعيد العسكري الكبير بين الجيش التركي ومقاتلي حزب العمال الكردستاني في جنوب شرق تركيا، حيث المعارك مستمرة منذ 23 تموز الماضي من دون انقطاع مع تعتيم تركي كامل على الوضع منعاً لانهيار المعنويات ولتدارك حدوث خضات سياسية في الداخل، خصوصاً بعدما وسّع حزب العمال الكردستاني جبهة المواجهات ونقلها الى أقصى الغرب التركي بعد تفجير باص عسكري أفضى الى قتيل وعـدد من الجرحى.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 33 / 2178055

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع ريبورتاج   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2178055 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40