الخميس 2 آب (أغسطس) 2012

هل انتهت الثورة؟

الخميس 2 آب (أغسطس) 2012 par وائل عبد الفتاح

هذه ثورة بلا ساحر. سحَرتها يظهرون ويختفون.. لا مواعيد لهم. يخونون الانتظارات الكسولة، ويسخرون من المستسلمين لليأس المنتشر عبر شاشات التلفزيون وممرات السلطة والرسائل المشفرة التي تصل في قرارات التصالح مع ديناصورات نهب مصر.

السحرة يخرجون من اجساد روّضها الديكتاتور وجعلها سجونا لارواح متمردة، لكنها خرجت عن اتفاق الترويض وصنعت ما اعتبره علماء الاجتماع معجزة. معجزة توقيف القدر الهابط من الغرف المغلقة. «لكن المعجزة انتهت».

هكذا يتسرب اليأس الانيق في صورة اعتراف بالامر الواقع والهزيمة امام استقطابات ما قبل سقوط الفرعون.

تغير سكان الغرف، لكن ارادتهم لم تتغير في فرض الوصاية وقيادة القطيع الى نعيم اليوتوبيا.

هناك من ينتظر اجهزة الدولة الامنية، تخلصكم من عبث المشايخ بالبدلة او بالزي الباكستاني.

والمثاليون ينتظرون من الاسلاميين ديموقراطية او بناء جمهورية جديدة، فهم مشغولون باحتلال مواقع الحاشية القديمة والجلوس على مقاعدهم وركوب سياراتهم والاستمتاع بمزايا التسلط والوصاية.

انهم لن يغيروا النظام. هم فقط سيحتلون مكانه، وهذا انتصارهم الكبير او قمة التغيير.

لم يقرر المرسي ولا غيره تقديم نموذج مختلف، فالانتصار في عقلية تربت داخل مقار السمع والطاعة هو ان تعيد انتاج من قهرك سنوات.

لا تنتظروا منهم شيئا، انهم وقعوا في الفخ، فخ اعادة النظام القديم، وكل ما ستسمعه منهم وصلات الكلام السيريالي الذي ينافسون به العكش وخليفته في الملاعب ابو حامد.

العبث المتبادل يثير الاحباط، وربما اليأس النهائي من التغيير.

كأن قدرنا هو تداول الاستبداد بين من يروننا عبيد بطولاتهم التي لم نرها وبين من يرون اننا اسرى في يوتوبيا الفضيلة تحت سلطة المشايخ.

مصر لم تجرب سوى استبداد المماليك، وشبه اشتراكية، ثم شبه راسمالية، وبعدهما خلطة مبارك الشهيرة في نهب مصر، والاخوان مشروعهم الاقتصادي رأسمالية متوحشة لا فرق فيها بين احمد عز وبين حسن مالك الا في ان الاخير يهمهم بآيات القرآن بينما كان احمد يضغط على اسنانه لتخرج الكلمات الانكليزية ليبدو انه انكليزي اكثر من الانكليز انفسهم.

السياسة لا تهبط من السماء، وهذا لا يعرفه المرشد. ربما يدركه خيرت الشاطر ومن يمثل واقعية الاخوان التي تعرف انها في مأزقها الكبير الآن.

الاخوان يضيّعون الفرصة تلو الفرصة ويختارون تنفيذ الدور المطلوب منهم في اعادة النظام القديم الى مواقعه. وهم بهذه الطريقة يلعبون دور المحلل في تمرير الدولة الامنية «الجديدة» وهم يلعبون الدور ببراعة وتلقائية مبهرة.

لا تنتظروا منهم شيئا فهم وضعوا اسس عودة الدولة الامنية: تقديس الحاكم، وحماية انتهاكات قوات الامن بالقانون وعدم الجدية في محاسبة المسؤولين، ولوم الضحايا، إلى آخر ما يجعل هناك دائما ما يعرفه الحكام وكهنتهم ولا يجب ان يعرفه الشعب، مصالح عليا تدار في الغرف المغلقة وبالتلفونات: لماذا صدر العفو عن متهمين في قضايا ارهاب قديم ولم يصدر وقف لمحاكمات عسكرية او خطف نشطاء؟

يبدو الاختيار يجري بمعايير مركز قوى غير مرئي، ووفق حسابات ليس من

بينها الكفاءة ولا غيرها..انها «خلطبيطة» حصص بين السمك واللبن والتمر الهندي.. بين قوة النفوذ في الجماعة وضغوط العسكر وحسابات القرب والبعد عن سيطرة الجماعة، واخيرا تصور ما قد يعجب النشطاء.

وهذه تركيبة ليس خلفها عقل اكبر من الذي خطط لانطلاق فرقاطة نورماندي تو الشهيرة في فيلم «ابن حميدو»، حيث خطاب فخم عن عظمة الفرقاطة رغم تهتك خشبها وتداعي حالتها، ومع اول لمسة في الماء تذهب إلى مصيرها في القاع.

هكذا يتحسس الاخوان طريقهم الى ممرات السلطة ويحاولون ترتيب مواقعهم او اتفاقاتهم مع من يجدون في مرونته متسع لاتفاق اوسع. ولهذا، فهم بعد تأكد فشلهم في صنع جاذبية وتأثير لما يمتلكونه فعليا من وسائل اعلام (صحيفة/قناة/مواقع اخبارية الكترونية)، فإنهم يبحثون عن اختراق غير مرئي لوسائل اعلام موجودة بالفعل.

الاختراق يتم بطريقة الاقنعة الاخوانية الشهيرة. كيف تتحرك اموال الاخوان عبر عناصر ليست اخوانية، بل انها عناصر نائمة او شبكة ترتبط مباشرة بمدير الماكينة المالية خيرت الشاطر.

وهنا تولد الشائعة من دولة الغموض.

كل الشائعات التي ذكر فيها اسم الشاطر كديناصور جديد يبتلع سلاسل البقالة والصحف والقنوات الفضائية، يمكن نفيها بسهولة على صفحته الالكترونية، لكن ايضا، وبمتابعة لخطوط شبكة الشاطر، يمكن اكتشاف ان الشائعة لم تولد من فراغ وان ما يقال عن شراء الشاطر هو اختصار لما يمكن ان تفعله شبكة من رجال اعمال يبدو انها ستكون «نخبة البيزنس» الجديدة او البديلة عن نخبة جمال مبارك واحمد عز. وهي نخبة لم نفهم حتى الآن تفاصيل ادارتها لثروة مصر خلال السنوات العشر الاخيرة من حكم مبارك لكنها اعتمدت على فكرة وصفتها من قبل بأنها «المحميات السياسية».

انهم أبناء نظام مبارك، وقصصهم هي الحكاية الحقيقية لما حدث في الـ٣٠ سنة، هم اللاعبون الأساسيون، يعيشون في خير النظام وينقذونه من ورطات سياسية. كوّنوا ثرواتهم بقربهم من المنطقة الدافئة في قصر الرئاسة وتحوّلوا إلى ديناصورات مالية ببركة الرضا السامي، ويلعبون أدواراً لا يُعلَن عنها، لكنها تمنحهم المزيد من الثقة وتزيد فرصهم في حماية أكبر. المثال القوي هنا محمد نصير الذي يقول تقرير من معهد «كارنيغي» للسلام الدولي (صدر قبل عدة أشهر) إنه اشترى شركة كوكاكولا 1993 مستفيداً من علاقته الوثيقة بالنظام، ثم باعها بعد ذلك بسنتين بثلاثة أضعاف سعر الشراء. كذلك استفادت عائلة الزيات من علاقاتها المباشرة مع بعض رموز النظام واحتكرت صناعة المشروبات، وأخيراً نجحت عائلتان في نهاية التسعينيات في إقناع الحكومة بأن تحصر مناقصة في مجال صناعة الأفلام فيهما وعدم السماح لأي منافس آخر بالدخول.

التقرير انتهى ولم يتحدث عن دور نصير في تلميع صورة نظام مبارك أمام المؤسسات الدولية؛ فالرجل الذي اشترى كوكاكولا أعطى انطباعاً بأن مبارك يتنازل عن ملكية القطاع العام لرجال من القطاع الخاص، بينما كانت الحقيقة أن مبارك يبيع القطاع العام لمجموعة من «أهل الثقة» وتحت الحماية، وهذا غالباً ينطبق على عائلة الزيات، إحدى المحميات المعلنة أيضا. فالمحميات أنواع ودرجات خفية وعلنية، هم غالبا رجال أعمال يضعهم نظام مبارك في محميات ممنوع الاقتراب منها. ليس كل رجال الأعمال لكنهم الشطار القادرون على اختراق الأسوار والوصول إلى كبير في السلطة يمكنه أن يمنح الحماية.

هذه هي طريقة ادارة الثروة في عصر مبارك، تمنح الدولة تراخيص بجمع ثروات.. فيصبح رجل الاعمال وثروته ملكاً للدولة.

والدولة لا تحاسب والمتحكمون فيها يديرون شبكت ثروتها من اسفل كما كان معروفا ويعتبر شائعة حتى سقط مبارك واصبح حقيقة.

الشائعة تولد في دولة الغموض حيث تختفي الشفافية ويصبح النفوذ اهم من القانون.

هل هذا ما يحدث الآن ويجعل منطقة العلاقة بين المرسي وبين الشاطر مصنع شائعات.

[rouge]هل شبكة الشاطر حقيقة ام شائعة؟[/rouge]

الامر هذه المرة مزدوج؛ فهذه ليست فقط دولة غموض، لكن رئيسها قادم من العالم الواسع للغموض والسرية، ولم يتخلص بعد من عقل القبيلة.. فماذا سيحدث للسلطة والثروة؟

وربما من قبيل الاحتياط ارجو ان تتذكروا هذا الاسم جيدا: احمد ابو هشيمة. سيكون مفتاحاً لتفسير شائعات كثيرة رسمت صورة الديناصور الجديد لخيرت الشاطر.
تذكروه جيداً.

[rouge]الهويات القاتلة[/rouge]

قميص؟ نعم قميص وربما اكثر تفاهة من غلطة المكوجي التقليدية. هذه الغلطة كانت ضمن الكليشيهات المعتادة في كوميديا افلام الابيض والاسود.. كيف تحولت الكوميديا الى تراجيديا؟

لماذا فكرنا في ديانة القتيل والقاتل قبل القانون؟ كيف اختلف قميص المسلم عن قميص غيره؟ وماذا في المكواة من تعاليم المسيح؟ القتيل لم يكن شريكاً، ولا مساهماً في حرب القميص لكنه، وكما كل صامت عن الخطر ما دام بعيدا عنه، هو ضحية الصمت على حرب الهويات. كيف تطورت المعركة من العائلة الى الدين؟ وكيف تحولت المشادة العادية الى تبادل قصف بقنابل مولوتوف سقطت احداها على معاذ ليصبح ضحية ما لم يشارك فيه؟

هي الهويات القاتلة. وفي سنوات الاستبداد الطويلة لم يكن من الممكن مواجهة السلطة ولم يكن المتاح سوى الحشد مع قطيع مظلومين.

ولأن الأسهل هو تكون القطيع حسب الدين، فقد نما الوعي بأنك مظلوم لأنك تتعرض لحرب على دينك.

هنا لن تواجه مشكلتك لانك لن تستطيع، لكن ستواجه اعداء الدين وهؤلاء لا يمكن تحديدهم لأن الايمان بالقلب، وستنضم لقطيع المحاربين دفاعاً عن الدين. وبدلا من مواجهة الظالم كانت الحرب على من هو المظلوم اكثر.

ورغم انه لا يوجد تكوين سياسي طائفي او تاريخ لوعي بالطائفة، الا انها اصبحت اهم واقوى، والتعامل بمنطق الجماعات الصغيرة هو السائد! الاستبداد في مصر يوحد الأديان، ينشر اليأس ويزيد اعداد المستضعفين في البلاد، وهذا سر النزعة العنيفة باتجاه الطائفة او العائلة او كل جماعة صغيرة.

الدين هنا ليس اكثر من لافتة تتجمع عندها عصبية، تتوهم حرباً دينية، لتغطي عجزها عن الحرب الاساسية ضد الاستبداد والفساد.

الكنيسة في مصر ليست عدوة المسلمين، بل اصبحت مع طول الاستخدام السياسي، مؤسسة سياسية تلعب بالسياسة لتحقيق سلطة اوسع على المسيحيين، سلطة سياسية ومالية، وتلعب بها السلطة الكبيرة لتسيطر على المسيحيين.

لعبة مزدوجة تجعل البابا اباً روحياً، وامير طائفة تتفاوض باسم «شعب»، في دولة تعيش بعقلين احدهما يخص قروناً وسطى اسلامية، تنزع اليها عواطف الحكام ورجال الدين يبحثون فيها عن متعة الحكم المتعالي عن المحاسبة.

متعة يريدها المغرمون بمزاج القرون الوسطي، بدون صداع الفتنة الطائفية، يريدون اذعانا وتواطؤاً، لا صراعا يكشف المتعة السرية.

الكنيسة تفهم وتلتقط اشارة الرغبات، وتتأهب دائما للعب الواضح، وهي لا تخوض حرباً ضد الاسلام، لكنها تخوض حرباً بالمسيحيين لصالح موقعها في السلطة.

الاسلام ليس في خطر، «الاسلامو فوبيا» لها قرينها الذي يحوّل المسلمين الى الخوف المفرط على موقعهم الاجتماعي، رغم انهم مثل المسيحيين يشعرون بالضعف في مواجهة سلطة غاشمة، جبروتها مفرط، وبدلا من البحث عن الخصم الحقيقي، من السهل تصنيع عدو، وبدلاً من الصراع حول وضع قواعد ديموقراطية تضمن الاحترام للجميع، يبحث المصري عن ميزة، او ريشة توضع علي رأسه ليهرب من مصير الضحايا.

مناخ يعلي الطائفة ويغوي كل من يجد في نفسه ميول زعامة سهلة. زعامة طائفة اكثر سهولة من زعامة سياسية تتصادم مع السلطة. وهذا ربما اول الخيط اذا اردنا معرفة كيف تحول حرق القميص من طرفة الى مأتم؟

[rouge]كتالوغ المرسي وفريقه[/rouge]

تلمع الدموع في أعين المصلّين كلما وصل الشيخ إلى دعاء غافر الذنوب. شعور بالذنب يتأصل كل يوم.. «يا عزيزي كلنا مذنبين..» يحدث هذا عند مسلمين لا يقوم تدينهم على شعور بأن الحياة خطيئة.. ولا بأنهم مذنبون حتى يثبت العكس.

الشعور بالذنب ثقافة مجتمع ارادت السلطة السيطرة عليه، وعندما ظهرت منافستها الدينية.. زايدت ووضعت الشعور بالعار معنىً مقدسا.

المنافس الاسلامي خرج من حدود تنظيمه المغلق بإشاعة ثقافة الذنب. نحن بالنسبة لوكلاء الله هزمنا في الحرب ونعاني من الفساد لاننا قطيع شارد. انبياء لن يواجهوا السلطة ما دامت في عرشها الجبار، لكنهم سيبنون قاعدتهم من اسفل، فهم في مهمة استعادة القطيع، واعادته إلى حظيرة المؤمنين باليوتوبيا الضائعة.. بعد دفع ضريبة الشعور بالذنوب.

بهذا المعني انتشرت «ثقافة التنمية الانسانية» ذات الحس البروتستانتي باصلاح الفرد اولا. الفرد؟

المرسي استدعاه ليحل مشكلة النظافة بدلا من مواجهة مؤسسات الدولة.

استدعاه لأن تقاليد هذه الثقافة تضع الفرد في اختبار ليخرج من دائرة الذنوب، ليس لإنقاذ نفسه بل لتحل مشاكل المجتمع.

هنا بدلا من تنفيذ سياسة اصلاح مؤسسة، قاد المرسي حملة «مصر نظيفة» لينزل الناس إلى الشوارع استجابة لنداء الرئيس.

لم يفكر احد لماذا يمارس المرسي اساليب المجتمع المدني؟ وماذا سيفعل المجتمع المدني اذا اختارت السلطة خيار الشارع..؟ ولم يسأل احد لماذا يفعل المرسي ذلك؟ هل لانه فاشل؟ هل لانه ابن هذه الثقافة التي تربي الفرد على شعوره بالذنب؟

اذا سألت احدا من المشاركين بكل ما يملك من رغبة في المشاركة الايجابية: هل تحل مشاكل دولة حديثة بالدعاء؟

واذا قلت له: اعرف انك لا تحب السلطة، او تكرهها، او تعتبرها قدرا تتغير ألوانه فيأتي مرة على حصان ابيض، وحلم اشتراكي و بناء دولة «تهد الدنيا..»، ومرة على سفينة احلام مشحونة بماكينات البيبسي والكوكاكولا والدولارات الخضراء والشقراوات الكاوبوي... الى ان تصل إلى حكمة اللصوص وتجار الصنف المحترم من بيروقراطية تديرها عصابة مركزها في قصر الرئاسة.

الآن انت امام طبعة جديدة من السلطة تلعب معك اللعبة نفسها. ان وجودها قدر، وانك انت المكلف باصلاح نفسك، انت قمت بثورة او تحمست لها او خرجت في جمعة النصر تزغرد بعد ان لم تدفع الثمن، لكنك ما زلت مدانا.. كل المصائب تبرز من عندك، نعم من عندك انت ولا شيء تغير، مبارك او اخوان، فأنت المسؤول عن نظافة الشوارع وانت السبب في هطول الكوارث، لأن عينك زائغة وانت الذي تورط الرئيس في مواجهة مع العسكر وتريده ان يوقف المحاكمات العسكرية وخطف النشطاء لكن على أن يفرج عن متهمين قدامى بالارهاب ويستقبل قادة حماس.. وانت تورطه في المواجهات رغم انه مكبل بالاعلان المكمل وبألاعيب البيروقراطية. انت الذي تطلب منه فوق ما يستطيع بينما هو يكمل فريقه بعد مرور كل هذه الايام وفق خريطة وتوازنات القوى.

ماذا يفعل الرئيس وهو الذي يسير على درب امراء المؤمنين فيذهب بنفسه إلى التراويح ويتقدم الصفوف ليكون إماما في المسجد ويدعوك لكي تجعل مصر نظيفة.

نعم انت المسؤول عن النظافة، فاحمل مكنستك وأكياسك لتنظف شارعك. اذا كنت ايجابيا فشارك الرئيس حملته، لكي لا يضطر إلى مواجهة مؤسسات فاسدة او يتقدم بحلول ذكية. فالرئيس مشغول وانت المدان دوما. أصلح من نفسك فستنصلح البلد، ابدأ بنفسك تحل كل مشاكلنا.

سأعترف لك بأن هذه قواعد اي سلطة تخفي الاستبداد تحت لسانها الحلو، وتتعامل مع المواطنين بمنطق الرعايا ثقلاء الظل، بينما الرئيس المنتخب مشغول بتكوين فريق يرضي جميع اطراف القوى المتصارعة حول السلطة.. صراع قبيلة ونظام.. جماعة وعسكر.. صراع يستمر لانه لا بديل عنه حتى الآن. الاخوان يحصلون على الفرصة تلو الفرصة ويضيعونها.. لينالوا في النهاية كل حصاد مبارك من تجريف الارض وفشل القوى الاخرى في التنظيم.

صراع السلطة يعيد انتاج التربية العاطفية عن المواطن المذنب، الفرد الذي يحتاج إلى اصلاح. هنا تلتقي سلطة العائلة مع سلطة الدولة بمؤسساتها القديمة (عسكر وخلافه) وجديدة (وعاظ ودعاة ومراقبو الحريات الشخصية). كل هذه السلطات تحاصر الفرد من لحظة اليقظة إلى المنام. من الميلاد إلى الموت. ولأن الثورة لم تكتمل، كانت هذه هي التركة الوحيدة التي سمحت الدولة القديمة للاخوان بالتصرف فيها بكامل حريتها.

ادوات التربية العاطفية للمواطن المذنب تسلمها المرسي مع دخوله للقصر ولم يكن متحمسا الا وهو يعلن عن حملته لتنظيف الشوارع كأنه رسول سلطة وليس مسؤولا عن مؤسسات تركت اهرامات الزبالة تحتل كل مدينة وقرية.

لم تنزل علينا من السماء يا سيادة الرئيس، ولا مهمتك هي دعوة الشعب إلى تنظيف المدن بينما مؤسسات دولتك تغط في فساد. واجه بدلا من ان توقظ ادوات قهر المواطن باشعاره انه عبء على الدولة.

نعم، الرئيس الآن سعيد بهذه الادوات ويلعب بها ليشغل فراغه، خاصة انها تناسب هواه وتربيته في تنظيم اعادة تربية الفرد على كتالوغ الجماعة.

لهذا فكل فريق المرسي من هذا النوع.. سيلعبون على ان المصائب ليست من صنع مؤسسات فاسدة وادارتها فاشلة، بل لاننا نبتعد عن الاخلاق والدين، ولا بد لكي ننجو من ان نعتذر عن حياتنا ونشعر بالخجل منها ونتوافق مع كتالوغ المرسي وفريقه؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 28 / 2176771

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2176771 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40