الخميس 2 آب (أغسطس) 2012

حوار لا يستثني أحداً

الخميس 2 آب (أغسطس) 2012 par د. حياة الحويك عطية

«إسرائيل» شامير، اليهودي الروسي، الذي هاجر إلى «إسرائيل» حاملاً الحلم، كما سواه، وغادرها معارضا لوجودها كدولة عنصرية وبالتالي لسياستها. شامير يكتب أن ما تسرب إليه من اجتماع بوتين - نتنياهو - ليبرمان، هو ان الرئيس الروسي طلب من «إسرائيل» عدم القيام بتدخل عسكري في سورية، لأن ذلك سيؤدي إلى الصوملة والى انتشار المجموعات المسلحة السلفية ذات الولاء الوهابي على حدود «إسرائيل»، كما يقول شامير، وإذا صح ذلك فان السؤال يطرح حول المقابل الذي قدمه بوتين لنتنياهو، فـ«إسرائيل» ليست الدولة التي يطلب منها ولا تطلب مقابلاً. فهل كان مقابلاً اقتصادياً يتعلق بالغاز؟ أم تعهد بشيء آخر؟ خاصة ان الصوملة والوهابية لا تزعجان الدولة العبرية. لأن ما يزعجها ويحرجها هو نقيضها، الدولة التعددية دينياً وعرقياً المتعايشة وطنياً، والجيش القوي، لأنهما نقيض الدولة اليهودية وتهديدها.

السؤال الثاني والاهم وعما إذا كان قبول «إسرائيل» بالحياد، أو بالأحرى التظاهر بالحياد سيعني حالاً شبيها بضبط النفس الذي مارسته خلال حرب العراق، رغم صواريخ صدام حسين على مدنها؟ ضبط مؤقت هدفه عدم عرقلة مشروع التدخل الغربي الذي حقق لها تدمير الدولة العربية التي تشكل الخطر الأكبر عليها. وحقق للولايات المتحدة إرساء إمبراطوريتها في «الشرق الأوسط» في العالم. هدف ربما يكون هو ما جاء يطلبه وزير الدفاع الأمريكي أيضاً من المسؤولين «الإسرائيليين»، حيث رشحت التصريحات بان بانيتا طلب من «إسرائيل» عدم توجيه ضربة لإيران من دون أن يعني السكوت عن ذكر سورية في الإعلام سكوتاً في المفاوضات. فهل صرف الغرب النظر عن تكليف «إسرائيل» بالتدخل المباشر (والتدخل السري قائم منذ بداية العسكرة)؟ وهل قرر أن يتدخل هو بواجهة عربية أو تركية ؟ أو الاثنين معاً؟

سؤال تعززه التطورات المتسارعة التي برزت على ساحة المعارضة السورية، حيث ظهرت إلى النور وبوضوح فاقع الخلافات الحادة داخل مكوناتها، وبدا كأن هناك تسابقاً بل وهرولة غير مسبوقين لطرح النفس كبديل، مع مكونات النظام الحالي أو من دونه. حكومة منفى، بل حكومتان، مجلس أمناء الثورة، مجموعة نداء روما، المجلس الوطني، مجموعات كانت هي هي منذ البداية، وكانت خلافاتها هي هي منذ البداية، لكنها كانت تتحفظ في كشف خلافاتها وانقساماتها بهذه العلنية التنظيمية وفي إدارة الظهر، بعضها لبعض. كذلك على الأرض ينقسم «الجيش الحر» إلى جيشين ويهدد مالك الشريف بمعركة ميدانية بينهما، في حين يكشف عن وجود مجموعات غير سورية وغير عربية من مختلف الجنسيات، أبرزها لواء ليبي وتنظيما «أحرار الشام» و«صقور الشام». كما يدعو إلى حكومة منفى أخرى برئاسة الإخوان (ملهم الدروبي) وعضوية غليون وسيدا. فما الذي اخرج كل هؤلاء إلى العلنية؟

أهي معارك دمشق ثم حلب، بعد فشل مخطط احتلال دمشق بعد تفجير القادة العسكريين، مما برهن على أن انتصار المسلحين داخلياً غير ممكن، وان الدولة ما زالت قادرة على استعادة السيطرة على البلاد رغم كل الدم العربي والأوروبي و«الإسرائيلي»، الذي يضخ في دماء المسلحين رغم كل من تدفق لنجدتهم من الخارج؟

أمام هذا الفشل، قد يفكر الأطلسي في التدخل المباشر، وهنا يسارع كل إلى إبراز أوراق اعتماده، تماماً كما فعل ركاب الدبابات الأمريكية إلى العراق. في حين يذكرنا نداء روما ودعوته إلى حوار وطني لا يستبعد أحداً، بالخطوة التي اتخذها التحالف الوطني العراقي بقيادة الشهيد المرحوم جبار الكبيسي، بالتفاوض مع نظام صدّام حسين، عندما أيقن ان الهجوم الأمريكي قادم. ولكن الأمر كان متأخراً. ورأينا رجال التحالف ينضمون إلى المقاومة، وفي حين كان نزلاء واشنطن ولندن ينتزعون نهب العراق وكراسي سلطة تحت حكم بريمر، كان جبار يدخل السجن الأمريكي، ليخرج منه ويعود مراراً إلى البلاد متخفياً، قبل أن يستشهد.

لم يفت الأوان في سورية بعد، وما يحصل يترجم الخلافات بين الدول الراعية لفصائل المعارضة وعصابات المسلحين، كما يترجم هرولة رموز التدخل الأجنبي إلى استدرار اعتراف أعداء سورية بعمالتهم، وضمان مقعد في قطار احتلال يحلمون به، وينسون أن الظروف لم تعد ظروف 1991 ولا هي ظروف ليبيا. في حين يبدو نداء روما محاولة إنقاذ، وخطوة جريئة على طريق التخلي عن وهم استئصال غير ممكن، عبر القبول بحوار لا يستثني أحداً. ويبقى عليهم ان الحوار الذي لا يستثني أحداً يجب ألا يستثني خياراً ولا يضع شروطاً مسبقة لأن الثمن هو الوطن.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 50 / 2166101

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2166101 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010