الثلاثاء 31 تموز (يوليو) 2012

مرسي واختبار غزة

الثلاثاء 31 تموز (يوليو) 2012 par عوني صادق

في الفترة ما بين 26- 29 من يوليو/ تموز، قام وفد من الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة بزيارة رسمية إلى مصر لبحث الأوضاع في القطاع، وترأس الوفد رئيس الحكومة، إسماعيل هنية، وضم 18 وزيراً وعدداً من رجال الأعمال، والتقى الوفد الرئيس المصري محمد مرسي ومسؤولين آخرين. وقبل مغادرته معبر رفح، قال هنية للصحافيين: «نحن في زيارة مهمة لمصر ...» وأشار إلى أن الوفد «يحمل خطة عمل لحل ما يواجهه القطاع من أزمات بما يشمل مجالات الكهرباء والوقود، وعمل أنفاق التهريب، إضافة إلى ملف إعادة إعمار القطاع والمشاريع الاقتصادية». وأوضح هنية أن المطلب الرئيس هو فتح معبر رفح بشكل دائم، والمضي في خطط إقامة منطقة تجارية حرة على الحدود مع القطاع.

وأثناء الزيارة، نقلت وسائل الإعلام أن الرئيس المصري بحث مع الوفد الفلسطيني مجمل الأوضاع على الساحة الفلسطينية، بما في ذلك موضوع المصالحة الفلسطينية التي قيل إنها تراجعت على سلم الأولويات. ومع انتهاء الزيارة والمباحثات، أكدت مصادر مقربة من الوفد الفلسطيني، أن الوفد استطاع «إحراز تقدم» في عدد من الملفات، تتعلق بتخفيف الحصار وحرية التنقل للمواطن الغزي. وقالت المصادر: «لقاءات هنية بالمسؤولين المصريين والرئيس مرسي، نجحت في إعادة فتح ملف المصالحة وبشكل أعمق وتأكيد من جانب المصريين بتجديد رعايته وسرعة التباحث فيه لإنجازه في أقرب فترة ممكنة». وأضافت: إنه تم الاتفاق على إعادة تفعيل اللجان المشتركة التي تم تشكيلها سابقاً بين غزة والحكومة المصرية. وبينت المصادر ذاتها أن المباحثات تناولت دراسة حرية الحركة والسفر بشكل أفضل، وذلك من خلال عمل المعبر 12 ساعة يومياً، مشيرة إلى أن الوفد طالب الجهات الأمنية المصرية بضرورة مراجعة قوائم الممنوعين أمنياً من دخول مصر وأسباب منعهم.

المدقق في التصريحات وما نقلته وسائل الإعلام عن زيارة هنية واجتماعاته بالرئيس المصري والمسؤولين المصريين، لا يخرج من الزيارة بأي جديد، إذ إن كل القضايا المطروحة التي بحثت في الزيارة، هي قضايا قديمة كانت بسبب سياسة نظام مبارك. نتائج الزيارة لم تحقق «خرقاً» واحداً يستحق الذكر، بل إن المراقب لا يجد فرقاً حتى في اللغة التي كانت «تلخص» اللقاءات مع مبارك ومسؤوليه. فما أورده «المركز الفلسطيني للإعلام»، التابع لحركة (حماس)، تحدث عن «إحراز تقدم» لم نعرف كنهه أو ماهيته، وعن «تخفيف الحصار وحرية التنقل، وإعادة فتح ملف المصالحة بشكل أفضل ... وإعادة تفعيل اللجان المشتركة التي جرى تشكيلها سابقاً مع الحكومة المصرية»، وكل ذلك حديث في العموميات، التي سبق أن سادت لغة الاجتماعات واللقاءات السابقة في عهد مبارك، ولا جديد فيها.

لقد سبق الزيارة حديث عن «رفع الحصار»، وفي نهايتها سمع حديث عن «تخفيف الحصار»، وعن إقامة منطقة تجارية حرة جرى نفي طرحها للبحث، وعاد الحديث عن «تجديد فتح المصالحة لإنجازه في أقرب فترة ممكنة». باختصار، وكما قلنا، لا يبدو أن الزيارة حققت أي «خرق» يشي بتغيّر ولو طفيف في السياسة المصرية في عهد محمد مرسي، بل يبدو الأمر وكأنه استمرار لسياسة حسني مبارك. بالطبع لا يعود هذا إلى أن مرسي لا يريد أن يغير السياسة المصرية القديمة، بل لأنه لا يستطيع. وكل المؤشرات التي توافرت حتى الآن أفادت أن وعود مرسي في المئة يوم الأولى لم ينفذ منها شيء، داخلياً أو خارجياً، بعد انقضاء ثلث هذه المئة.

إن أول زيارة قام بها مرسي خارج مصر كانت إلى العربية السعودية، وأول زيارة لممثلي دولة كبرى لمصر قامت بها وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، والثانية ستكون لوزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا (التي ستتم هذا الأسبوع). ولم يكن غير متوقع ألا تتخذ خطوات حقيقية تجاه رفع الحصار أو التعامل مع قطاع غزة، حيث سبق للرئيس مرسي أن أكد أكثر من مرة على «التزامه بالتعهدات والاتفاقيات الدولية» أمام المبعوثين الأمريكيين، وأول تلك التعهدات والاتفاقيات (اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام مع الكيان الصهيوني). ومادامت مصر ملتزمة بهذه المعاهدة وتلك الاتفاقية، فلا جديد يمكن أن نتوقعه في السياسة المصرية مع قطاع غزة، فقطاع غزة «شأن إسرائيلي» أيضاً، منظوراً إليه من خلال معاهدة السلام واتفاقية الكامب.

مع ذلك، فإنه في 13/6/2012، رأت الأمينة العامة للشؤون الإنسانية ومفتشة الإغاثة الطارئة، فاليري أموس، أن الحصار المفروض على قطاع غزة، والذي دخل عامه السادس، «يرقى إلى العقاب الجماعي لجميع من يعيشون في غزة، وإنكار لحقوق الإنسان الأساسية على نحو يخالف القانون الدولي». وطالبت أموس برفع الحصار فوراً. وهناك قرارات دولية عدته جريمة حرب. بمعنى آخر، وفي ما يخص مصر، لم يكن الحصار الذي فرضه نظام مبارك على قطاع غزة التزاماً بالقانون الدولي، بل هو التزام بتعهدات هذا النظام للكيان الصهيوني والولايات المتحدة، مثّل خضوعاً لهما وتنازلاً عن المصالح والسيادة المصرية، وهو ما لا يليق بنظام جاء للثورة على نظام كان يجب أن يسقط، لأنه كان «كنزاً» للكيان الغاصب. ومع أن أحداً لا يطالب الرئيس مرسي بإعلان الحرب غداً، أو التخلي عن «الاتفاقيات الدولية» فوراً، إلا أنه من حق المصريين والفلسطينيين أن يروا مراجعة لتلك الاتفاقيات اليوم وفوراً، وإلا فلن يكون تحت الشمس جديد.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2178336

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2178336 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40