الاثنين 30 تموز (يوليو) 2012

مكافآت انتخابية

الاثنين 30 تموز (يوليو) 2012 par محمد عبيد

مشروع القانون الأمريكي الأخير الذي وقعه الرئيس باراك أوباما الجمعة الماضي، والذي حمل عنوان «قانون تعزيز التعاون الأمني بين الولايات المتحدة و«إسرائيل»»، وإشادته بتقديم 70 مليون دولار أخرى للمنظومة الصاروخية المسماة «القبة الحديدية»، والوعود التي أطلقها ملء الفم، والتعهدات التي قطعها وجدد تأكيدها، من التزام «ثابت» بأمن الكيان، استباقاً لزيارة منافسه الجمهوري في سباق الرئاسة المقبل ميت رومني إلى «إسرائيل»، والوعود المحتملة التي سيطلقها هو الآخر لقادة ومتطرفي الكيان العنصري، كل ذلك يقرأ على أكثر من وجه، لكن ما يعنينا كعرب ومسلمين وجه واحد، هو مبدأ الكيل بمكيالين إزاء القضية الفلسطينية وطرفيها، وإزاء المكافآت والرشى الانتخابية، والالتزامات الحقيقية التي يقدمها مرشحو الرئاسة الأمريكيون لـ«إسرائيل» وحدها .

ممثلو اللجنة الأمريكية «الإسرائيلية» للشؤون العامة «إيباك»، المعروفة بكونها أبرز مجموعات اللوبي الصهيوني، أحاطوا بأوباما الحالم بالحفاظ على كرسيه، وهو يوقع في المكتب البيضاوي، قانون أمن الكيان، مؤكداً أن هذا القانون الذي يتيح المزيد من الأسلحة والذخائر الأمريكية «يعكس التزامنا الثابت بأمن «إسرائيل»». وكأنه أردا بتأكيده التزام الأمريكيين ديمقراطيين وجمهوريين، أن يوحي للمتابعين بأن الأمر تحصيل حاصل، وليس صفقة انتخابية، أو رشوة في سلسلة طويلة من حلقات شراء رضا الكيان وقادته ومجموعاته «الضاغطة»، وفي اليد الأخرى، لا بد أنه أكد لـ«إسرائيل» هذا التفسير، ولا بد كذلك أنه أطلق وعوداً والتزامات غير معلنة أخرى.

الفلسطينيون، في المستوى الرسمي على الأقل، يواصلون رهانهم على المرحلة المقبلة التي تلي الانتخابات، متجاهلين أن ما يلي الانتخابات يشبه أو يتجاوز مستوى الالتزامات التي سبقتها، وغير عابئين بتراث طويل من خيبات التعويل على الانتخابات الأمريكية ونتائجها. وعلى الجانب الآخر نجد عدواً يتعاطى مع الفلسطينيين على أنهم أعداء، ويتهمهم أكثر مما يتنفس بإفشال التسوية، ويستمر في تثبيت الأمر الواقع على الأرض الفلسطينية المحتلة، بسلب المزيد من الأراضي، لمصلحة الاستعمار وجدار الضم والتوسع، وتهويد المقدسات وسرقة التاريخ، ويرتكب كل يوم أبشع الجرائم بحق بني الإنسان، ومن ثم يخرج ليرمي العالم بمعاداته على أسس إثنية.

المكافآت الانتخابية الأمريكية للكيان لن تتوقف عند هذا الحد، والمنتظر أن تكشف محادثات منافس أوباما الجمهوري ميت رومني عن وعود أكثر تشدداً، وأن تخفي تعهدات والتزامات أخرى، لن تسفر إلا عن المزيد من التدهور في مسار التسوية التي نعاها رعاتها و«إسرائيل» منذ زمن بعيد.

المفارقة المرة أن الكيان يعتمد بشكل كبير جداً على الولايات المتحدة والغرب، ويبتزهم ويضغط عليهم، ويحصل على آخر ما توصلت إليه صناعاتهم العسكرية، من دون أن يسدّد قرشاً، وأمام هذا الواقع هناك دول وشعوب تعد مئات الملايين، لا تلقي إليها واشنطن وإداراتها المتعاقبة بالاً، وتضعها كتحصيل حاصل في حسابات الربح والخسارة، ولو تركنا هذه الغالبية العالمية للشعوب العربية والإسلامية، ونظرنا إلى الجالية العربية والمسلمة في الولايات المتحدة ذاتها، لوجدنا أن هذه النسبة تفقد أهميتها أمام أي مرشح رئاسي، كونها لم ولن تنتظم في إطار موحّد، ولم تحاول يوماً أن تشكل جماعة ضغط، منافسة على الأقل، لا مكافئة، للوبي الصهيوني وجماعاته.

الالتزام الأمريكي بالكيان ومصالحه ليس أمراً مبدئياً، خصوصاً أن طرفي هذه العلاقة رائدان في نظرية العلاقات الدولية المعاصرة، وعنصران بارزان في صياغة مبادئها، إنها علاقة مصلحية بالدرجة الأولى، وابتزازية بالدرجة الثانية، وإلى أن يجد الفلسطينيون والعرب والمسلمون فرادى أو جماعات، طريقة إلى معرفة مصلحتهم والعمل بها، فلا شك أن هذا الحلف سيستمر طويلاً.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 31 / 2165872

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165872 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010