الاثنين 30 تموز (يوليو) 2012

تحرير فلسطين يمر في كل العواصم العربية

الاثنين 30 تموز (يوليو) 2012 par غالب ابو مصلح

لا يعني فشل فصائل الثورة الفلسطينية التي اختارت الكفاح المسلح طريقاً للتحرير، أنّ الكيان الصهيوني أصبح أكثر رسوخاً، وأنّه تخطى خطر زواله. فهناك متغيّرات كبيرة ومتسارعة على الصعد الداخلية والمحيطة والإقليمية والعالمية، تتفاعل في ما بينها وتعمل على إضعاف مرتكزات هذا الكيان وزوال مبررات وجوده. من الخطأ الاعتقاد بأنّ هذا الكيان الصهيوني كان نتيجة ما سمّي «المسألة الشرقية»، وعلى نحو أساسي نتيجة اضطهاد الغرب المسيحي لليهود بسبب ديانتهم وانتمائهم الإثني المزعوم. فالعداء لليهود في أوروبا ما قبل عصر الصناعة كان نتيجة الدور التاريخي لليهود المتحالفين مع طبقة النبلاء، وكوكلاء عنهم في علاقاتهم مع جماهير الفلاحين، كأداة اضطهاد واستغلال لهذه الجماهير الريفية على نحو خاص، كما يوضح إسرائيل شاحاك في كتابه الشهير: «التاريخ اليهودي، الديانة اليهودية».

ولم يمثّل الكيان الصهيوني حلاً تاريخياً للمسألة الشرقية، التي تخطاها التاريخي، بل إنّ استمرار أو بقاء المسألة الشرقية حتى اليوم كان نتاج الكيان الصهيوني والحركة الصهيونية العالمية، ولدورهما التاريخي في سياق الهيمنة الغربية. ومن الخطأ الاعتقاد بأنّ الحركة الصهيونية الدينية التي جمعت بين التطرف القومي الشوفيني والإيمان الديني، بقيادة العلمانيين من اليهود، هي التي أنبتت هذا الكيان في فلسطين. فقد فرض التمدد الاستعماري الغربي المتسارع منذ منتصف القرن التاسع عشر، الذي تزامن مع ترهّل الإمبراطورية العثمانية، استخدام الحركة الصهيونية ودعمها ومساندتها للسيطرة على اليهود في العالم، وفي أوروبا وأميركا على نحو خاص، وتوجيهها نحو خدمة هذا التوسّع الاستعماري. وكان اختيار فلسطين لإقامة هذا الكيان أحد الخيارات الاستعمارية البريطانية، التي يقف وراءها أحد الفرقاء الفاعلين في البنية الإمبراطورية البريطانية.

بنيت «دولة إسرائيل» كمشروع استعماري امبريالي في قلب المشرق العربي ووسط العالم الإسلامي، لخدمة مصالح الدول الغربية الصناعية المتقدمة، ولا تزال تؤدي هذا الدور. ويتّفق العديد من مؤرخي الغرب الأوروبي على هذا التوصيف، كما يوافق عليه بعض «المؤرخين الجدد» في الكيان الصهيوني، الذين عبروا «المرحلة الصهيونية» في شبابهم.

يعتقد نوام تشومسكي أنّ علاقة «إسرائيل» بأميركا - وريثة الإمبراطوريات الاستعمارية السابقة، وقائدة النظام الرأسمالي العالمي منذ الحرب العالمية الثانية، تقوم على أنّ (إسرائيل) «فرع» من أميركا، وعلاقتها بأميركا مثل علاقة أية ولاية أميركية بالحكومة الفدرالية، وهذا لا يعني أنّ «إسرائيل» من أشباه المستعمرات الأميركية تتلقّى الأوامر فترضخ لها، بل إنّها شريك في القرار الأميركي كأية ولاية أميركية كبرى، لكن القرار في النهاية هو للحكومة الفدرالية الأميركية.

ويقول إيلان بابي، وهو من «المؤرخين الجدد» في «إسرائيل» إنّ الصهيونية ليست سوى امتداد للاستعمار الأوروبي في الشرق الأدنى. وبالتالي تصبح دولة «إسرائيل» نتاجاً استعمارياً فاقداً كل شرعية، وتصبح الخطوة الصحيحة الوحيدة تجاه الفلسطينيين هي تفكيك «دولة إسرائيل»، وخلق دولة لكل المواطنين. ويتحدث الجنرال «الإسرائيلي» شلومو غازيت (رئيس سابق للاستخبارات «الإسرائيلية») عن دور الكيان الصهيوني في خدمة الهيمنة الغربية، فيقول: «إن دور «إسرائيل» الأساسي لم يتغيّر مطلقاً (منذ سقوط الاتحاد السوفياتي)، ويبقى ذا أهمية قصوى. إن موقع «إسرائيل» الجغرافي في قلب «الشرق الأوسط» العربي - الإسلامي يجعل «إسرائيل» حارس الاستقرار في جميع البلدان المحيطة بها. ويتمثّل دورها في حماية الأنظمة القائمة لمنع التغيير الراديكالي فيها، ولمنع تمدّد الأصولية الإسلامية النشطة». ويقول إسرائيل شاحاك تعليقاً على ذلك وتفسيراً له، ما يلي: «حسب رأي غازيت، تقوم «إسرائيل»، عبر حماية أنظمة «الشرق الأوسط»، بخدمة حيوية لمصلحة الدول الصناعية المتقدمة، والمعنية جميعها بتأمين الاستقرار في «الشرق الأوسط»». ويعتقد غازيت «أنّه لولا «إسرائيل» لانهارت الأنظمة القائمة في المنطقة منذ زمن بعيد، وأنّها باقية بفضل التهديدات «الإسرائيلية»».

أدت «إسرائيل» دوراً أساسياً في حماية النظام الأردني في مراحل تاريخية عديدة، وأدت دوراً كبيراً في حماية النظام المصري أيضاً، وكذلك فعلت في لبنان عبر عقود عديدة، لكن هزائم «إسرائيل» في لبنان قلّصت كثيراً هذا الدور الذي لا يزال قائماً. ولا يزال هذا الكيان يمثّل أحد الأركان الأساسية للسياسات الأوروبية ـ الأميركية في «الشرق الأوسط»، ويحظى بتأييد ضمني من قبل معظم الأنظمة المستتبعة في المنطقة، وخاصة النفطية منها والملكية.

يدرك الغرب الأوروبي ـ الأميركي أنّ قدرة «إسرائيل» على البقاء في المدى الطويل تعتمد على إنهاء صراعها مع محيطها العربي ـ الإسلامي، وقبولها، رسمياً وشعبياً، كجزء من هذا «الشرق الأوسط الكبير». وإذا كان الغرب قادراً على التحكّم في موازين القوى على المدى القصير، فإنّ متغيّرات التاريخ لا تضمن له هذه القدرة على المدى الطويل، فيصبح استمرار الصراع خطراً وجودياً على هذا الكيان. كان ناحوم غولدمان (رئيس المنظمة الصهيونية العالمية 1956 - 1967) قد نبّه إلى هذه الخطورة في 1975 حين قال: «لا يوجد لـ«إسرائيل» مستقبل على المدى الطويل دون تسوية سلمية مع العرب». وإدراكاً منها لهذا الواقع، عملت أميركا منذ سبعينيات القرن الماضي على إنهاء هذا الصراع بشروطها الامبريالية ـ الصهيونية. ونجحت واشنطن في دفع العديد من الأنظمة العربية، منذ ثمانينيات القرن الماضي، للاعتراف بهذا الكيان وإقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية معه. وعملت أيضاً على بناء أنواع متعددة من التطبيع بين الكيان الصهيوني والحركة الصهيونية مع شرائح شعبية ونخبوية عربية على امتداد الوطن العربي، وخاصة في مصر والأردن، وأشباه المستعمرات الخليجية، والمغرب وتونس.

وجرّدت السياسات الأميركية ـ الأوروبية هذا الصراع الوجودي من أبعاده القومية والإسلامية والعالمية (الصراع ضد الامبريالية والاستعمار الاستيطاني والعنصرية) لحصر الصراع بين الفلسطينيين والصهاينة ليس أكثر. ثم عزلت فلسطينيي الشتات لحصر الصراع على أراضي الضفة الغربية، عبر «مسيرة أوسلو»، وضم القدس الشرقية إلى الكيان الصهيوني كـ«عاصمة أبدية لـ«إسرائيل»». وجرى بالتالي طرح «مشروع الدولتين»، وإجراء مفاوضات مباشرة بين «منظمة التحرير الفلسطينية» والكيان الصهيوني، لتقاسم «أرض متنازع عليها» لا «محتلة»، لإقامة شبه كيان فلسطيني، مقسّم بواسطة المستعمرات الصهيونية، فاقد التواصل بين أشلائه، غير مسلّح، وتابع اقتصادياً لـ«إسرائيل»، على أجزاء من الضفة وغزة.

لكن هذا الحل الخيالي، الذي يتنكّر لحقوق الشعب الفلسطيني في الشتات، كما في الأرض المحتلة، كان يتناقض مع أسس الفكر الصهيوني والحركة الصهيونية، ومع تاريخ «إسرائيل» ومتغيّرات الداخل فيها. فالمتغيّرات الديموغرافية والميل نحو قوى اليمين الديني المتطرف، الحالم بإقامة «إسرائيل الكبرى»، يدفعان الكيان الصهيوني أكثر فأكثر إلى اللاعقلانية والعمى التاريخي، وبالتالي إلى الانتحار. يقول آفي شلايم (من المؤرخين «الإسرائيليين» الجدد) في كتابه «جدار الحديد»: «إنّ «إسرائيل» أبدت منذ نشوئها نفوراً من الانخراط في أي مفاوضات ذات معنى مع جيرانها العرب، بهدف حل الصراع القائم بينهما. وكانت دائماً مستعدة لاستعمال القوة العسكرية بهدف فرض رؤيتها». وكانت المقولة السائدة في أجواء النُخَب «الإسرائيلية» هي «ما لا يحلّ بالقوة، يحلّ بمزيد من القوّة».

لم يعد التوسّع «الإسرائيلي» في الضفة أو الجولان أو في أراضٍ محتلة من لبنان، تلبية لحاجات النمو الديموغرافي لليهود عبر الهجرات اليهودية أو ارتفاع معدلات الخصوبة لدى السكان اليهود. ولم تعد «إسرائيل» ملاذاً آمناً ليهود العالم، بل إنّ معظم دول العالم أصبحت أكثر أمناً بالنسبة إلى اليهود من «أرض الميعاد»، وعدد اليهود في العالم يتناقص، وقد تدنى من 15 مليون نسمة في 1975 إلى أقل من 12.5 مليوناً عند بدايات الألفية الثالثة، بسبب التنصّر والزيجات المختلطة في الغرب. في المقابل، ينمو عدد الفلسطينيين في الشتات كما في الأرض المحتلة بنسب مرتفعة تهدد الطابع اليهودي لدولة الاحتلال، ويطرح فكرة طرد الفلسطينيين من أرضهم من جديد (فكرة الترانسفير)، كحل للمشكلة الديموغرافية اليهودية، لكن هذا الحل أصبح مستحيلاً في عالمنا الراهن، الذي يختلف كثيراً عن عالم عام 1947.

يقول آفي شلايم: «صورة «إسرائيل» اليوم سلبية، ليس لأنّها دولة يهودية، بل لأنّها تتجاوز عادةً معايير السلوك الدولي المقبول. لهذا يُنظَر إلى «إسرائيل» أكثر فأكثر كدولة مارقة، كمنبوذة على الساحة الدولية، وكخطر على السلام العالمي»، كما أنّ «هذه النظرة إلى «إسرائيل» عنصر أساسي في المواجهة الأخيرة للعداء للسامية في أوروبا وفي العالم. بهذا المعنى، الصهيونية اليوم هي العدو الحقيقي لليهود. إنها لمأساة أن دولة بُنيت لتكون ملاذاً للشعب اليهودي بعد المحرقة، هي الآن من الأماكن الأقل أماناً على وجه الأرض بالنسبة إلى اليهود».

فالسياسة «الإسرائيلية» اليوم تمثل نزعة «دونكيشوتية» في الصراع والتوسّع والعنصرية، بمعنى أنّها تقاتل بمنطق «تلمودي» ينتمي إلى عصور غابرة لا علاقة لها بهذا العصر وقيمه وتوازناته. فقضية «شعب الله المختار» و«الأرض الموعودة» وما يحوم حول كل هذه الخرافات من أخلاقيات وأنماط سلوك، أصبحت غريبة عن هذا العصر، بل مناقضة له.

ولم يعد في «إسرائيل» حزب حاكم له رؤيته الإستراتيجية المتطابقة مع مصالح مراكز النظام الرأسمالي العالمي الأكثر تقدماً، ويملك أكثرية في «الكنيست». وانعكست شرذمة الحياة السياسية، وما يسودها من قلق وجودي دائم، والصراعات بين العلمانيين والمتدينين، وبين الإثنيات والمذاهب اليهودية، على بنية «الكنيست». ويتمثّل في «الكنيست» عدد كبير من الأحزاب وصل إلى ثلاثة عشر حزباً، وتتحكّم بعض الأحزاب الصغيرة في معظم الأحيان في تأليف الحكومات الائتلافية، وتفرض عليها برامجها اللاعقلانية ومصالحها الذاتية الضيقة.

وتشهد «إسرائيل» تراجعاً في نسبة عدد العلمانيين، وتقدماً في عدد المتدينين، ويمثّل اليهود الأرثوذكس أقلية متحكّمة، فهم يمثّلون أربعين في المئة من الائتلاف الحاكم (السابق)، وأكثر من أربعين في المئة من الضباط والجنود في الجيش، وينمو عددهم بأكثر من ضعف نمو عدد اليهود العلمانيين. وينقسم اليهود المتدينون إلى قسمين: قسم يريد السيطرة على أرض التوراة، وآخر يهدف إلى فرض «فتاوى» الحاخامات. وهناك تفاوت في الحدود التوراتية لأرض «إسرائيل» حسب تفاوت تفسيرات الحاخامات للتلمود. ويشمل التفسير الأوسع المناطق التالية: في الجنوب كل سيناء، وجزءاً من شمالي مصر حتى حدود القاهرة، في الشرق كل الأردن وقسماً كبيراً من السعودية، كل الكويت وجزءاً من العراق جنوبي نهر الفرات، في الشمال كل لبنان وسوريا، إضافة إلى قسم كبير من أرض تركيا حتى بحيرة «فان»، وفي الغرب قبرص. ويقول إسرائيل شاحاك إنّ هناك كمية هائلة من الأبحاث والدراسات المعمّقة مبنيّة على هذه الحدود، وتتمثّل في خرائط وكتب ومقالات يجري تمويلها من قبل «حكومة إسرائيل».

ويعاني الاقتصاد «الإسرائيلي» صعوبات اقتصادية واجتماعية بنيوية، منها ارتفاع معدل الدين العام، ارتفاع نسبة الفقراء (وخاصة بين العرب)، نمو الفروق الطبقية والبنية الاحتكارية للاقتصاد، حيث تمسك تسع عشرة عائلة بمفاتيح الاقتصاد، ويزيد دخل هذه العائلات السنوي عن مجمل الموازنة العامة بنسبة 30%. وتعاني «إسرائيل» هجرة الكفاءات وتدني الإنتاجية الصناعية، وانخفاض مستوى التعليم وارتفاع عجز الموازنة، ويرتبط الاقتصاد «الإسرائيلي» بالسوقين الأوروبية والأميركية المأزومتين، ويتأثر كثيراً بمنحى تطور أزماتهما.

[rouge]تحوّلات المحيط [/rouge]

لم تستطع حرب تشرين 1973 إيقاف انهيار النظام العربي، الذي بدأ بعد هزيمة 1967 ووفاة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، إذ سرعان ما عكست مصر مسيرتها الوطنية بقيادة أنور السادات، لتفكك كل إنجازات الثورة، وارتمت في أحضان أميركا وأدارت ظهرها للاتحاد السوفياتي، وخرجت من «أعباء» انتمائها العربي إلى إقليمية متنكرة لمحيطها. أدى ذلك إلى انهيار النظام العربي وسقوط الجبهة الغربية، وأصبحت الجبهة الشرقية أعجز من أن تقاتل لتحرير الجولان. وقد كبّلت معاهدة «كامب ديفيد» بقيودها العلنية والسرية مصر، وحررت أحلام التوسّع الصهيوني، فاجتاحت «إسرائيل» لبنان لطرد الجيش السوري والمقاومة الفلسطينية منه، وإقامة نظام تابع فيه، لكن حساب الحقل لم يتطابق مع حساب البيدر، ومُنيت «إسرائيل» بهزيمة تاريخية، وهو ما دفعها إلى مسار جديد لم تستطع الخروج منه، ولن تستطيع. فقد تحوّل احتلالها إلى كابوس جعل من لبنان «فيتنام إسرائيل»، وحوّله إلى ركن أساسي في مواجهة هذا الكيان.

كذلك سقطت نظرية «شد الأطراف» التي اعتمدها الكيان الصهيوني منذ أواخر خمسينيات القرن الماضي. وتستند هذه النظرة إلى مجابهة الحصار العربي للكيان الصهيوني ببناء تحالفات محيطة بالوطن العربي وغريبة عنه ومعادية له وتقع تحت السيطرة الأوروبية - الأميركية، وتتخوّف من المد القومي العربي بقيادة عبد الناصر. وظهر بالتالي تحالف إثيوبي ـ إيراني ـ تركي مع الكيان الصهيوني. وعبّرت غولدا مائير، وزيرة خارجية «إسرائيل» في 1960، في مؤتمر لـ«حزب العمال» عن ذلك قائلة: «لقد نجحنا في إقناع الدول المحيطة بالدول العربية بإقامة «حلف الدائرة» ليمثّل سوراً من حول تلك الدول، يدرأ الخطر ويقي هذه الدول ويصونها من حركة القومية العربية».

سقطت نظرية شد الأطراف بفعل متغيّرات المحيط. أصبح حكم هيلا سيلاسي، ملك الملوك، في ذمّة التاريخ، وكذلك حكم شاه إيران، الذي أدى دور الشرطي الأميركي الضامن لـ«استقرار» منطقة الخليج الزاخرة بالثروات النفطية تحت الهمينة الأميركية - الأوروبية. وتمر تركيا في مرحلة مخاض ولادة جديدة بعد رفض انضمامها إلى النادي الأوروبي المسيحي، وفشلها في استقطاب دول وشعوب وسط آسيا إثر تفكك الاتحاد السوفياتي. وتتطلع تركيا اليوم إلى الوطن العربي على نحو أساسي كمجال حيوي لها، مع ابتعادها عن «الأتاتوركية» التي عملت على تغريبها وفصلها عن محيطها الإسلامي. وتتحوّل الجماهير والأحزاب التركية عن سياسات «التغريب» على نحو أعمق من تحوّل حكومة أردوغان، ومواقف هذه الجماهير تجاه «إسرائيل» أكثر وضوحاً وحسماً من مواقف حزب العدالة والتنمية التركي.

وللتحوّل الإيراني أهمية خاصة في إطار تحوّلات المحيط. فإيران اليوم تدرك مخاطر وجود هذا الكيان الصهيوني كقاعدة أميركية كبرى على أمن وسلامة ورفاهية «الشرق الأوسط» العربي - الإسلامي، وتعمل على إسقاط هذا الكيان أكثر من أية دولة عربية اليوم، وتناصر القضية الفلسطينية كقضية محورية لسياساتها الإقليمية والدولية. ومثّل انهيار الاتحاد السوفياتي حافزاً لهجمة إمبريالية جديدة، في إطار عالم أحادي القطبية، وقيادة أميركية مأزومة. ظنّت الإدارة الأميركية أنّ التوسّع الإمبريالي يمكّنها من تجاوز أزماتها البنيوية، الاقتصادية ـ الاجتماعية. في هذا الإطار، قررت الولايات المتحدة احتلال سبع دول عربية وإسلامية خلال خمس سنوات، تبدأ في أفغانستان والعراق وتنتهي في ليبيا وإيران. دمرت أفغانستان والعراق. لم تترك دبابة عراقية غربي بغداد، كما وعدت شارون، لكنها سقطت في «التجربة» العراقية، وأُجبرت على الانسحاب منه و«ذيلها بين ساقيها»، كما علق بعض المراقبين «الإسرائيليين»، مثقلة بالديون والأعباء السياسية والنفسية، وبالعجز عن خوض أي حرب عدوانية جديدة، ومنزلقة على طريق الانحدار الشامل.

وتقاتل أميركا اليوم في العالمين العربي والإسلامي، عبر المنظمات الدولية التي تمسك بها منذ الحرب العالمية الثانية، وبأموال النفط العربي، للحفاظ على «النظام العربي القائم واستقراره» تحت هيمنتها، ولحماية قاعدتها «الراسخة» في المنطقة.

وتقف مصر اليوم على أبواب تحوّلات كبرى، متأهبةً للخروج من «الحظيرة» الأميركية التي أدخلها إليها السادات، وتمزيق «معاهدة كامب ديفيد» والعودة إلى تاريخها وتراثها النضالي العربي، وربما استمرت المعركة هذه سنوات عدّة، لكن الأفق أصبح واضحاً. ورياح التغيير تهبّ على الوطن العربي، معيدةً الجماهير صاحبة المصلحة في التغيير إلى ساحات النضال. وطريق الثورة كثيراً ما تكون متعرّجة طويلة وعرة المسالك في زحمة المصالح الدولية والمحلية المتناقضة - المتصادمة.

[rouge]متغيّرات العالم [/rouge]

صُنع الكيان الصهيوني بجهود مراكز النظام الرأسمالي الاستعماري، وعملت الثنائية الدولية المنبثقة عند نهاية الحرب العالمية الثانية على دعم ولادته والاعتراف به. ومع صعود الهيمنة الأميركية وفي ظل حمايتها، توسّع هذا الكيان عبر سلسلة طويلة من الحروب العدوانية، فأثبت جدواه بالنسبة إلى الإستراتيجية الغربية والأميركية العليا، وجرى دعمه وتزويده بكل وسائل القوة الاقتصادية والعسكرية، وخاصة مع اشتداد الحرب الباردة ما بين المعسكرين وظهور كتلة دول عدم الانحياز. ومع ضعف الاتحاد السوفياتي ومن ثم سقوطه، وفي ظل القيادة الأميركية الأحادية للنظام العالمي، تسارع انهيار مقاومة الأنظمة العربية لهذا الكيان، وتهافت العديد منها للاعتراف به، أو حتى التحالف العلني معه وإقامة علاقات تجارية واقتصادية وشبه دبلوماسية معه أيضاً.

لكن النظام العالمي دخل مرحلة تحوّلات كبرى منذ أواسط الثمانينيات من القرن الماضي، في ظل سيطرة المحافظين الجدد وأيديولوجية الليبرالية الجديدة على النظام العالمي، والتبشير بنهاية مسيرة الجدلية التاريخية المتصاعدة التي حطت رحالها في مرحلة «الديموقراطية» والليبرالية الجديدة، والسيطرة الأميركية التامة، بعدما تجاوز الاقتصاد الرأسمالي مراحل الأزمات الاقتصادية الدورية والحروب على الموارد.

والأزمة التي عصفت بالنظام العالمي في أواخر 2007، كانت حصيلة تراكم اختلالات أساسية في النظام الرأسمالي العالمي، وفي مراكز هذا النظام الأكثر تطوراً، بل إنّ وصول المحافظين الجدد إلى السلطة في بريطانيا والولايات المتحدة كان نتيجة تراكم الاختلالات البنيوية في النظام. فالنمو الاقتصادي عبر الاستهلاك، والاستهلاك العام والعائلي عبر الديون، ونمو المديونيات العامة والخاصة، ونمو الفروق الطبقية واستقطاب الثروات والمداخيل من قبل صفوة يتناقص عددها باستمرار، وإفقار يتوسّع باستمرار، وبطالة تتّسع، وسيادة قطاع المال وتحوله إلى «كازينو» عالمي للمقامرة. كل ذلك أدى إلى انفجار فقاعات تكوّنت في هذا النظام وانفجرت لتدفعه إلى الدخول في أزمة بنيوية طويلة المدى تعيد تصحيح الاختلالات البنيوية على صعيد الدول، كما على الصعيد العالمي بين الدول والقارات.

فتقدم الدول الناشئة على نحو عام، والصين ودول «البريكس» على نحو خاص، وإعادة بناء روسيا وإخراجها من مرحلة الوصاية الأميركية و«العلاج بالصدمة» بإشراف «إجماع واشنطن» في عهد بوريس يلتسين، تغيّر جميعها موازين القوى العالمية اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً لغير مصالح الدول الرأسمالية المهيمنة، وتدفع أميركا وأوروبا الغربية إلى التروّي على جميع المستويات.

وتظهر الإحصاءات الأوروبية تردّي الأوضاع الأوروبية وعمق أزمتها البنيوية. فقد أعلنت وكالة «يوروستات» الأوروبية للإحصاءات (8/2/2012) أنّه في عام 2010 واجه 115 مليون إنسان في أوروبا (أي ما يعادل 23.4% من سكان الاتحاد الأوروبي المؤلف من 27 دولة) خطر الفقر والتهميش الاجتماعي. وقد ساءت أوضاع أوروبا كثيراً منذ ذلك الحين. ويقف الاتحاد الأوروبي اليوم على شفير التفكّك. وبالرغم من الكلام العالي النبرة، والمعبّر عن حنين معظم قادة أوروبا إلى عهود الاستعمار مع تفاقم العجز، فإنّ أوروبا، مثل الولايات المتحدة، تنزلق بتسارع على طريق الانحدار التاريخي. يقول المؤرخ الأميركي البارز والتر لأكير في كتابه «بعد السقوط» إنّه «لا يزال هناك أمل بسيط في أن تستطيع أوروبا السقوط «بنعومة»، لكنها لن تعود بأيّ حال لترى نفسها كياناً في حال رخاء، أو تعيش مرحلة جديدة في عصر ما بعد الحداثة».

وليست أوضاع الولايات المتحدة أفضل من أوضاع أوروبا، رغم محاولات أوباما التزييفية في الإحصاء والإعلام، لستر تردي مقوّمات الاقتصاد الحقيقية لأسباب انتخابية. فالمديونية العامة، الداخلية والخارجية، تتصاعد وتبلغ اليوم أكثر من 315 في المئة من الناتج الأميركي (GDP)، وتجاوزت معدلات البطالة الحقيقية بتعريفها الواسع 23.7 في المئة من القوى العاملة. والتسهيلات الائتمانية لم تستطع تعديل هيكلية الفوائد ولا تنمية التوظيفات ولا التخفيف من معدلات البطالة، بل إنّها رفعت معدلات التضخم.

ويقول رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، ريتشارد هاس، بعد فشل حروب أميركا العدوانية على العراق خاصة: «إنّ عصر أميركا في «الشرق الأوسط» قد زال، وبسبب أهمية «الشرق الأوسط» فقد ضعفت أيضاً قوة أميركا العالمية لسنوات إنْ لم يكن لعقود. صحيح أنّ أميركا استعادت قوتها من نكبات سابقة، ليس أقلّها حرب فييتنام، لكن مشاكلها العسكرية تأتي في الوقت الذي تبدو فيه الموازين العسكرية العالمية تميل لغير صالحها».

وتفقد «إسرائيل» تدريجياً تعاطف الأميركيين معها، نتيجة متغيّرات عديدة، أهمها تطور وسائل الاتصال والإعلام وتعدّد مصادره، وهو الذي كشف حقيقة الدور «الإسرائيلي» في المنطقة وسلوك هذا الكيان، كما فقدان «إسرائيل» دورها كشرطي يحمي مصالح أميركا، وخصوصاً في منطقة ذات أهمية إستراتيجية قصوى، ونتيجة الأزمة الاقتصادية الأميركية وعبء «إسرائيل» على الاقتصاد الأميركي. وتقول صحيفة (هآرتس) «الإسرائيلية» (بتاريخ 13/1/2012) إنّ سلسلة الحوادث المعادية للسامية تزايدت في نيويورك ونيوجيرسي. ويرى الطلاب الأميركيون أنّ «إسرائيل» دولة «آبارتهايد» (تمييز عنصري). ويعتبر 33 في المئة من هؤلاء الطلاب أنّ «إسرائيل» تمثل عبئاً على الاقتصاد الأميركي.

أما تحولات الرأي العام في العديد من الدول الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية و«إسرائيل»، فأقدم وأعمق من تحولات النُخَب الأميركية، لكن الحكومات في معظم تلك الدول تمثّل المؤسسات المالية والتجارية والصناعية، والشركات المتعددة الجنسيات المرتبطة مصلحياً بالهمينة الأوروبية - الأميركية على الوطن العربي ومحيطه الإسلامي، وتقف بالتالي إلى جانب «إسرائيل»، وتستفيد من دورها التاريخي في خدمة المصالح الاستعمارية والامبريالية.

وتنعكس الأزمة الاقتصادية الأوروبية - الأميركية على الاقتصاد «الإسرائيلي» لارتباطاته العميقة بالأسواق الأميركية - الأوروبية. وتعمل «إسرائيل» على تقليص الإنفاق العام، وبما يتلاءم مع تردي الأوضاع فيها. أجبرت هذه الأزمة «إسرائيل» على تقليص إنفاقها العسكري في الوقت الذي تحتاج فيه إلى زيادة الإنفاق مع تنامي المخاطر المحدقة بها. فقد عرض رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الجنرال أفيف كوخافي بتاريخ 2/2/2012 وضع «الأمن القومي الإسرائيلي»: «إننا نواجه «شرقاً أوسط» أشدّ عدائية، أكثر إسلامية، أكثر حساسية وأشد ترابطاً بين الجماهير في الدول المختلفة، وأقل خضوعاً لسيطرة الأنظمة، وأقل خضوعاً للنفوذ الدولي». وقال أيضاً: «إنّ «إسرائيل» تواجه خطر وجود حوالى 200 ألف صاروخ موجّه ضدها من الدول المعادية».

وانعكس خفض الإنفاق العام على الإنفاق العسكري، مما أدّى إلى خفض الكميات التي يشتريها الجيش من المدرعة «نمر»، وتقليص الطلب على دبابات «ميركافا» وعلى مشروع «القبة الحديدية» والقمر الصناعي «أفق»، وطائرة «هرمس» من دون طيار، وكذلك على تدريبات الجيش المكلفة.

ويهدد نقص الموازنة الجبهة الداخلية «الإسرائيلية»، الشديدة الحساسية، لعلاقتها الوثيقة بالهجرة والهجرة المضادة. فقد حذر اللواء إيال إيزنبرغ من التآكل الذي تشهده الموازنة المخصصة للجبهة الداخلية في حالات الطوارئ، بعدما تعرّضت لتقليص يبلغ 25% مقارنةً بالسنوات الأربع الماضية، كما حذّر متان خيلنائي، وزير الجبهة الداخلية «الإسرائيلي» من «ضعف التحصين الذين تعانيه البنى التحتية، ودعوته الحكومة إلى زيادة الإنفاق على تحصين المدن «الإسرائيلية»»، حسب صحيفة «هآرتس». أما نظام القبة الحديدية، فهو عبارة عن نظام صواريخ «أرض - جو» قصير المدى، مرتفع الكلفة ومحدود الفعالية ولا يحمي السكان. إنّ كلفة هذا المشروع ستصل إلى 50 مليار دولار، ولا تملك «إسرائيل» هذا المبلغ لتنفقه. وتصل كلفة صاروخ «القبة الحديدية» إلى 50 ألف دولار، بينما تقل كلفة صاروخ «القسام» المستهدف عن 500 دولار أميركي.

والمشروع الصهيوني المستنبت قبيل منتصف القرن العشرين، والقادم من غياهب التاريخ اليهودي المثقل بالميثولوجيا، شديد الحساسية لدروس التاريخ وعِبره. يقول عبد الوهاب المسيري «إنّ الصهاينة يدركون أنهم يعيشون في الأرض نفسها التي أقيمت فيها ممالك الفرنجة، وتحيط بهم خرائب قلاع الفرنجة التي تذكّرهم بهذه التجربة الاستيطانية التي أخفقت وزالت. ومما يعمّق من هاجس النهاية أن الوجدان الغربي الصهيوني يوحّد في البداية بين المشروع الصليبي والمشروع الصهيوني ويقارن بينهما... لكل هذا يدرس العلماء «الإسرائيليون» المقوّمات البشرية والاقتصادية والعسكرية للكيان الفرنجي، والعلاقة بين هذا الكيان والوطن الأصلي المساند له. ولا يقتصر هذا الاهتمام على الدوائر الأكاديمية، حيث نجد أنّ شخصيات سياسية عامة مثل إسحق رابين وموشيه ديان يهتمون بمشاكل الاستيطان والهجرة. ففي أيلول 1970 عقد إسحق رابين مقارنة بين ممالك الفرنجة والدولة الصهيونية، حيث توصّل إلى أنّ الخطر الأساسي الذي يهدد «إسرائيل» هو تجميد الهجرة، وأن هذا هو الذي سيؤدي إلى اضمحلال الدولة بسبب عدم سريان دم جديد فيها».

ويعتقد حاخامات «ناطوري كارتا»، الذين يملكون تفسيراً آخر للتوراة والتلمود يختلف عن التفسيرات الصهيونية، أنّ ««إسرائيل» مصيرها الزوال، ونحن ننتظر هذه النهاية التي باتت قريبة جداً». ففي رأيهم أنّ (إسرائيل) «تخالف تعاليم الله بممارساتها الوحشية، لذا فهي زائلة لا محالة، وتتخبّط في الفوضى في سبيل إثبات قوتها، لأنّها تعرف أنّ نهايتها باتت قريبة».

وفي مقالة له في «يديعوت أحرونوت» يقول أبراهام بورغ إنّ «نهاية المشروع الصهيوني على أعتاب أبوابنا. وهناك فرصة حقيقية لأن يكون جيلنا آخر جيل صهيوني. فقد تظلّ هناك دولة يهودية، لكنّها ستكون شيئاً مختلفاً، غريبة وقبيحة... فدولة تفتقر إلى العدالة لا يمكن أن يكتب لها البقاء... إن بنية الصهيونية التحتية آخذة في التداعي... تماماً مثل دار مناسبات رخيصة في القدس، حيث يستمر بعض المجانين في الرقص في الطابق العلوي، بينما تتهاوى الأعمدة في الطابق الأرضي».

[rouge]خلاصة [/rouge]

إنّ القوى الدولية التي صنعت الكيان الصهيوني في عهدي التوسّع الاستعماري والتمدّد الامبريالي، تسير اليوم على طريق التردّي والتخلّف النسبي، وعلى طريق الانسحاب غير التام من منطقتنا. وإرادة هذه القوى لم تعد قدراً لنا، وفي زمن يجري فيه إلحاق الهزائم بأميركا، يصبح إلحاق الهزيمة بـ«إسرائيل» شبه مؤكد.

و«المسألة الشرقية» أصبحت من الماضي، وأصبحت الصهيونية وكيانها المصطنع يمثلان التهديد الحقيقي لليهود، مع تحوّل يهود «إسرائيل» نحو اليمين الديني المتطرف تحت ضغط الأحداث، وتفاقم تناقضات الكيان الصهيوني الإثنية والمذهبية والطبقية. ويعيش الكيان الصهيوني، المشروع الاستعماري الاستيطاني، خارج هذا العصر، وتتناقض أحلامه التوراتية مع عصر ما بعد الاستعمار، سياسياً وثقافياً واقتصادياً. ويسير هذا الكيان نحو العزلة الدولية مع انكشاف أخلاقياته وسلوكه.

لقد استعادت الجماهير العربية حيويتها وحضورها بعد عقود من الغياب والصمت، ونزلت إلى ساحات النضال، من المحيط إلى الخليج دون قيادة «تاريخية»، دون «أيديولوجية» مكبّلة، دون وصيٍّ تسلّم له عنانها، معبّرة عن إرادتها في التغيير، متلمّسةً عبر التجربة والخطأ وعبر التصحيح من خلال المحاسبة والحوار ولو طال الزمن.

ويتغيّر المحيط الإسلامي ويتحرّر من أوهام «التغريب» كطريق للتقدم، ومن التحالف مع مراكز النظام الرأسمالي العالمي المهيمن وأحلافه كطريق للنهوض. كانت إيران طليعة هذا التحول وستتبعها دول إسلامية عدة في وقت قريب، كما يشهد هذا العصر انتهاء القطبية الأحادية ونهوض الدول الناشئة، وانتهاء النظام العالمي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية. لن يكون هناك مكان للكيان الصهيوني وللصهيونية في هذا النظام العالمي القادم، في العالم الإسلامي المتحوّل، في الوطن العربي الناهضة شعوبه، في فلسطين التي قالوا إنّها أرض بلا شعب، وفرض الشعب الفلسطيني وجوده على أرضه وعلى العالم الذي تنكّر له، لا على مغتصبي أرضه فقط.

للجماهير الفلسطينية دور أساسي في إسقاط هذا الكيان. ولا بد للجماهير الفلسطينية من تجديد قواها الثورية وإسقاط القوى التي انحرفت عن مسيرة التحرير، وقفزت فوق الحقوق التاريخية الفلسطينية. على هذه الجماهير أن تخرج عن صمتها ورضوخها لطبقة فلسطينية حاكمة تابعة للاحتلال. على الجماهير الفلسطينية خارج الأرض المحتلة وفوق الأرض العربية خاصة، أن تخرج من عزلتها، من أوهامها القطرية الضيقة، من حيادها في مخاضات التغيير العربي.

لا تمر طريق تحرير فلسطين اليوم في العواصم العربية المحيطة بفلسطين فقط، بل تمر في جميع العواصم العربية من المحيط إلى الخليج، وخاصة في الخليج المستتبع المنهوبة ثرواته، والمموّل للثورات المضادة في الوطن العربي وحتى في العالم. على الفلسطينيين أن يكونوا جزءاً عضوياً من حركات التحرر الوطني العربية. فالوطنية المتحررة هي طريق العروبة، ومن ثم طريق تحرير فلسطين.

ليس التاريخ خبط عشواء، بل في أكثر الأحيان هو مسيرة تصاعدية تحددها صراعات القوى الحية الواعية التي تفهم التاريخ وتدرك الواقع وتقاتل من أجل المستقبل.


titre documents joints

تحرير فلسطين يمر في كل العواصم العربية

30 تموز (يوليو) 2012
info document : PDF
691.7 كيلوبايت

غالب أبو مصلح

خبير اقتصادي لبناني



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 60 / 2165250

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165250 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010