الجمعة 27 تموز (يوليو) 2012

مياه النيل إلى «إسرائيل»

الجمعة 27 تموز (يوليو) 2012 par أمجد عرار

كما كان متوقّعاً، إلا من جانب المعجبين بالنعام والرمل، خطت «إسرائيل» خطوة جديدة في مخططها لوضع اليد على مياه النيل والإمساك بمصر من الخاصرة الموجعة. «إسرائيل»، القابلة الخفية في توليد دولة الجنوب، سحبت وزير المياه في جنوب السودان ووقعت معه أول اتفاقية دولية مشتركة تقضي بـ «التعاون» في مجالي النفط ومياه النيل. ولا ينبغي إغفال أن اتفاقية «المياه والنفط» هذه واحدة من سلسلة اتفاقات اقتصادية وعسكرية.

التوقيع نفسه انطوى على ملاحظتين مهمّتين، الأولى أنه جرى في «الكنيست» الصهيوني وليس في الوزارة المعنية بالمياه أو النفط، والثانية أن الجهة التي وقّعت الاتفاقية من الجانب «الإسرائيلي» هي شركة الصناعات العسكرية، في حين وقّعها من الجانب الجنوبي السوداني وزير المياه والري. وإذا توقّفنا عند هذا المعطى، لن يكون صعباً فهم ماذا يعني أن توقّع شركة سلاح اتفاقاً مائياً. هذه رسالة لمصر والسودان ولمن يريد أن يفهم في الطبقة السياسية العربية ممن بلعوا طعم انفصال جنوب السودان وصدّقوا كذبة حقوق الشعوب في تقرير المصير، وإنقاذ الجنوبيين من الوضع الذي كان بائساً وأصبح أشد بؤساً بأضعاف مضاعفة بعد الانفصال.

إذ أبقينا صفحات الماضي مطوية، سنضطر للنظر إلى الاتفاقية المائية الموقّعة باعتبارها اتفاقية عادية بين جانبين يجري توقيع مثلها عشرات الاتفاقات الثنائية بين دول العالم. لكن المنهجية العلمية تمنعنا من إحداث القطع بين الماضي والحاضر إذا أردنا أن نشارك في صنع المستقبل وعدم السماح له بأن يتشكّل على جثثنا.

في مايو/أيار 2010 وقّعت دول المنبع في حوض النيل اتفاقية جديدة في أوغندا لإعادة توزيع حصص المياه بالتساوي بين دول النيل، إلا أن مصر والسودان، دولتا المصب رفضتا الحضور، فضلاً عن التوقيع، واعتبرتا أن الاتفاقية الجديدة لا قيمة لها من الناحية القانونية بالنسبة للدول التي لم توقع عليها. تلك الخطوة جاءت بعد جولة لوزير خارجية الكيان أفيغدور ليبرمان في دول حوض النيل في القرن الإفريقي، وأكدت عشرات التقارير دوره في تحريض تلك الدول على التنكّر للاتفاقية الدولية الموقّعة بين جميع دول المنبع والمصب. ونذكّر من ينسى أو يتناسى، أن ليبرمان هو صاحب التهديد الشهير بقصف السد العالي وإغراق مصر بالمياه.

لا يعني هذا أن الأطماع «الإسرائيلية» بمياه النيل، كما نهر الليطاني والأردن والفرات، لم تبدأ بليبرمان، في جزء من الأيديولوجية الصهيونية، ويعبّر عنها شكل العلم «الإسرائيلي»، والعشرات من المؤلفات والكتابات والتصريحات المعلنة، وأضعافها من المخططات في الخفاء. ومن المفيد العودة إلى مثال واحد، وهو كتاب أصدره الخبير الاستراتيجي «الإسرائيلي» أرنون شوفير قبل بضع سنوات ويتناول فيه مشكلة المياه في «الشرق الأوسط» بشكل عام، ومياه النيل بشكل خاص، وفيه يعترف، كما أورد د .سامح عبّاس، بوجود مصالح «إسرائيلية» حيوية في منطقة حوض النيل، ويعتبر أن نسب توزيع المياه بين دول نهر النيل لها تأثير مباشر على «إسرائيل».

عوزي لانداو وزير المياه «الإسرائيلي» اقترح إلى جانب المياه، نقل النفط من جنوب السودان إلى المنشآت «الإسرائيلية» «لأن» دولة جنوب السودان «المسكينة» ليس لديها معامل لتكرير النفط، و«لأن» هذه الوسيلة سوف تساعد الجنوب على حل مشكلاته، ولعل مواطناً جنوبياً يسمع هذا الكلام المعسول ليرد عليه «عيش يا كديش». إذن سنرى مياه النيل تجري إلى «إسرائيل»، لأن هناك من لا يريد لمياه القومية العربية أن تعود إلى مجاريها.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2182152

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2182152 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40