الاثنين 23 تموز (يوليو) 2012

جريمة حي الدرج

الاثنين 23 تموز (يوليو) 2012 par أمجد عرار

عشر سنوات تكتمل اليوم على واحدة من أبشع الجرائم الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني. واحدة من المجازر التي تسم المجتمع الدولي الرسمي العاجز والصامت والمتآمر، بالخزي والعار. الثالث والعشرون من يوليو/تموز عام 2002، يوم لن ينساه أهل حي الدرج في مدينة غزة. ففي ليلة ذلك اليوم ألقت طائرة «إسرائيلية» من طراز «إف 16» أمريكية الصنع والمنشأ قنبلة تزن طناً على الحي الذي لا تتجاوز مساحته مئتي متر مربّع، بدعوى اغتيال القيادي صلاح شحادة، لكن النتيجة المحتومة التي يعرفها الصهاينة أن إلقاء قنبلة بهذا الحجم لن توفّر الأبرياء الآمنين. لقد دمّرت تلك الغارة الوحشية عشرات المنازل وقتلت، إضافة إلى شحادة، ثمانية عشر فلسطينياً وجرحت العشرات، أغلبهم من الأطفال والنساء، قضوا وهم نيام ولم يمنحهم القتلة المجرمون فرصة الثواني الأخيرة التي من حق الإنسان فيها أن يعرف كيف يموت وعلى يد من.

كانت جريمة حرب مركّبة، لم يستطع ولن يستطيع قادة الكيان تبريرها، فالقائد صلاح شحادة عندما انضم إلى المقاومة كان يعرف أن مصيره إما الاستشهاد وإما الأسر، لكن هذا لا يبرر لقادة الاحتلال أن يعدموه بلا محاكمة. لم نكن حتى لنكتب شيئاً لو واجهوه في ساحة القتال واستشهد، أما استهدافه وسط حي سكني مكتظ بالأبرياء من النساء والشيوخ والأطفال ليلاً، فإنها جريمة تنطوي على همجية وانعدام أي مستوى للأخلاق، حتى بالمستوى الذي يحكم شريعة الغاب.

كانت جريمة إعدام جماعي بدم بارد، لدرجة أن دان حالوتس الذي كان قائد سلاح الجو «الإسرائيلي» عندما ارتُكبت الجريمة، في رده على سؤال عن شعوره إزاء إلقاء قنبلة بوزن طن على أطفال ونساء، قال إنه شعر فقط باهتزاز في جناح الطائرة . هذا الحالوتس المغرور الذي كافأته حكومته بالترقيات إلى أن أصبح رئيس أركان الجيش، عرف حجمه عندما اختبر في ميدان القتال الحقيقي، حيث تمرّغ أنفه وجيشه في وديان وأزقة جنوب لبنان، وكانت النتيجة أن أقيل من منصبه بسبب الهزيمة التي مني بها وقادة كيانه المتعجرف، وبعد أن أظهر التحقيق أنه كان ليلة العدوان على لبنان مشغولاً بصفقات «البزنس» المشبوهة.

يعرف حالوتس وغيره من مجرمي الحرب، أمثال بنيامين بن اليعازر الذي يتفاخر بعلاقاته الشخصية مع بعض العرب، مثلما تفاخر في فيلم وثائقي بأن يديه ملطختان بدماء مئات الأسرى المصريين، أن جرائم الحرب لا تموت بالتقادم، وأن ميزان العدالة الأعرج لن يدوم إلى الأبد، وأنه سيأتي اليوم الذي يُقدّمون فيه للعدالة الحقيقية، هم وأمثالهم من مجرمي الحرب في أي مكان، ومن ملقّمي أدوات القتل الجماعي، من قتلة الشعوب ومدمّري ممتلكاتها ومصادري حريّتها ومستقبلها.

يسجّل شرفاء الشعب الفلسطيني والعربي وأحرار العالم للقضاء الإسباني مبادرته الإنسانية، حين أطلق قاضي التحقيق المركزي في المحكمة الوطنية الإسبانية في 29 يناير/كانون الثاني عام 2009 بداية إجراء تحقيق في جريمة الحرب «الإسرائيلية» في حي الدرج. كانت خطوة جريئة في عالم تحكمه المصالح ولا يملك أي ضمير أو حس إنساني، وأفضت إلى وقف العديد من مجرمي الحرب «الإسرائيليين» مخططات للسفر إلى دول خشية ملاحقتهم قضائياً.

وإذا كانت هذه القضايا تصطدم اليوم بحماة «إسرائيل» وجرائمها من حلف المستعمرين القدماء الجدد، فإن اليوم الذي يحاكم فيه قادة الاحتلال ومعهم هؤلاء وكل من يثبت أنه مجرم حرب وقاتل، ليس ببعيد، وإن محاولات أبواقهم أن تفرض على شعوبنا نسيان حقيقتهم ستبوء بالفشل، حتى لو نسي بعض أولياء الدم.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 19 / 2165810

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

2165810 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010