الخميس 31 أيار (مايو) 2012

هل تصبح «إسرائيل» مشهداً عابراً في التاريخ؟

الخميس 31 أيار (مايو) 2012 par نواف الزرو

في المشهد الصراعي الفلسطيني - «الإسرائيلي» المتبلور في ظل الثورات والحراكات الشعبية العربية، تتوافر مؤشرات متزايدة على أن ما كان قبل هذه الثورات - الحراكات لن يكون ما بعدها على مستوى المنطقة برمتها، فنحن أمام تاريخ جديد تجري صياغته، وأمام تداعيات ومعادلات مختلفة أخذت تتسيد «الشرق الأوسط»، وأمام عودة بالصراع مع المشروع الصهيوني إلى البدايات، والأبرز في كل ذلك أننا أمام أدبيات ونظريات صهيونية قديمة - جديدة - متجددة تبعث لديهم هواجس القلق والوجود والمصير، فظهر هناك في المشهد «الإسرائيلي» من يطلق عليهم «أنبياء زوال - نهاية إسرائيل»، وتزايدت لديهم «نبوءات النهاية»، وأصبحت مسألة «زوال إسرائيل» على أجندة الجدل الصهيوني علانية وصريحة.

فالمتابعة الحثيثة للتفاعلات داخل الدولة - المجتمع والمؤسسات الأمنية الفكرية السياسية الأكاديمية الإعلامية «الإسرائيلية»، تظهر جدلاً حقيقياً متسعاً حول مستقبل «إسرائيل» والحركة الصهيونية، وإن كان هذا الجدل يعود في بداياته إلى ما قبل وخلال وبعد النكبة، حيث تساءل الآباء المؤسسون آنذاك حول مستقبل «إسرائيل» وشروط بقائها، ويعود كذلك إلى ما بعد احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء والجولان عام 1967، حيث كتب البروفيسور اليهودي المناهض لـ «إسرائيل» يشعياهو ليبوفيتش مرة: «في اليوم السابع، اللاحق لسادس أيام تلك الحرب، ستبدأ نهاية «إسرائيل» إذا لم تستيقظ».

و«إسرائيل» الشمشونية الغاشمة لم تستيقظ بالمعنى الذي ذهب إليه ليبوفيتش، بل تمادت وذهبت ابعد وابعد عميقاً في سياسات التطهير العرقي والتوسع والاستيطان، وفي سياسات إلغاء الآخر بالقوة الغاشمة، ما أجج عملياً الصراع وأعاده إلى بداياته، وما كرس مفاهيم وقناعات عربية راسخة بأن الصراع وجودي واستراتيجي.

فباتوا من جهتهم يجمعون إلى حد كبير على «أن «إسرائيل» تقاتل على وجودها واستمرارها»، ما يثير القلق الوجودي لديهم كلما واجهت تلك الدولة مأزقاً أو أزمة معينة، فتحولت «إسرائيل» إلى ما يمكن أن نسميه «دولة الأزمات الوجودية»، وتحولت كافة العناوين لديهم إلى عناوين وجودية ترتبط ارتباطاً جدلياً بأمنها ووجودها ومستقبلها.

ولذلك نتابع هواجس الوجود تتفاعل على أجندة الجدل الصهيوني - اليهودي بقوة، ونتابع كيف أصبحت دولة «إسرائيل» تحت وطأة القلق وأسئلة المصير القادم، وأدبياتهم وتنبؤاتهم في ذلك متزايدة، فها هو أبراهام بورغ رئيس «الكنيست» سابقاً في مقدمة الذين يتنبؤون بـ «أن «إسرائيل» غيتو صهيوني يحمل بذور زواله في ذاته» - (بعد صهيوني - ملحق هآرتس)، وكذلك الكاتب المعروف بـ «ميخائيل» يكتب في «يديعوت» عن «نهاية دولة إسرائيل تلوح في الأفق»، وكاتب «إسرائيلي» ثالث يتحدث عن «اقتراب انهيار الصهيونية» ورابع يقول «إن «إسرائيل» وجود مفتوح للجدل» - (ناحوم برنياع - يديعوت أحرونوت)، وخامس يتساءل: هل أوشكت «دولة اليهود» أن تكون «مشهداً عابراً» - (ابراهام تيروش - معاريف)، بينما شكك العالم الصهيوني الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد، «إسرائيل أومان» باستمرار وجود الدولة العبرية على المدى البعيد، مشيراً إلى أن «عدداً كبيراً، وأكثر مما ينبغي من اليهود لا يدركون لماذا هم موجودون هنا»، مضيفاً «إذا لم ندرك لماذا نحن موجودون هنا، وأن «إسرائيل» ليست مجرد مكان للسكن فيه، فإننا لن نبقى»، بينما تنبأت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية الحليف الاستراتيجي لـ «إسرائيل» من جهتها بزوال «إسرائيل» مؤكدة: «أن انهيار «إسرائيل» خلال 20 عاماً المقبلة أمر محتوم ولا مفر منه»، مضيفة: «أن أكثر من مليوني «إسرائيلي» بينهم 500 ألف يحملون البطاقة الخضراء أو جواز سفر سوف يتوجهون إلى أمريكا خلال الأعوام الـ 15 المقبلة، وأن حوالي مليون و600 ألف «إسرائيلي» يستعدون للعودة إلى أوطانهم في روسيا وأوروبا الشرقية والغرب».

فكل هذه العناوين المتعلقة بهواجس الوجود والمصير والمستقبل التي أخذت تتفاعل على الأجندة الصهيونية واليهودية بقوة متزايدة، ليس فيها مبالغة أو تهويل أو تزييف.. وإنما هي حقيقية، فلأول مرة في تاريخها لم تعد تلك الدولة العبرية محاطة بذلك الجدار الفولاذي الذي لا يخترق ولا يتحطم، كما لم تعد القيادات والمؤسسة الأمنية «الإسرائيلية» التي قادت حروب «إسرائيل» على مدى العقود الماضية تحظى بثقة «الإسرائيليين»، كما لم تعد دولة «إسرائيل» تشكل ملاذاً آمناً حصيناً مصاناً ليهود العالم، بل إن أكثر من سبعين بالمئة من «الإسرائيليين» يعربون عن انعدام ثقتهم بصورة مطلقة بصورة «إسرائيل» السياسية - الأمنية، وكذلك أركان ذلك المجتمع الصهيوني، أخذوا بجموعهم يتحدثون ويتساءلون بقلق متزايد عن مستقبل «إسرائيل» ومستقبل المشروع الصهيوني، بل ومستقبل الشعب اليهودي أيضاً، الأمر الذي يجعل من «وجود إسرائيل» مفتوحاً للجدل، ويضع علامات استفهام حول اعتبارها مشهداً عابراً في التاريخ كما كانت دويلات اليهود - المزعومة - سابقاً...!.

التسعيني اليهودي المخضرم أوري افنيري أحد أركان معسكر السلام «الإسرائيلي» المتفكك يعزز هذا الجدل الوجودي حول مستقبل الدولة الصهيونية حينما يتساءل في لقاء مع مركز مدار للدراسات «الإسرائيلية» قائلاً: هل سيكتب لهذه الدولة البقاء؟ وهل ستكون هنا بعد مرور 100 عام؟ أم أنها ستكون حدثاً عابراً، مجرّد «ومضة» من التاريخ؟

فحينما يشتعل الجدل الوجودي المصيري المستقبلي على أجنداتهم الإستراتيجية واليومية وعلى مختلف المستويات الأمنية، السياسية، الأكاديمية، والإعلامية، وحينما يتزايد عدد أنبياء «زوال إسرائيل»، وتتكامل نبوءاتهم حول نهايتها، فإن المسألة تغدو حقيقية وتتغلغل في صميم وعيهم وتبقى مسألة وقت، ويمكن للفلسطينيين والعرب أن يعجلوا بهذه النهاية الحتمية للدولة الصهيونية، إن هم تحملوا مسؤولياتهم التاريخية والعروبية، وإن هم تكاملوا معاً ومع العالم الإسلامي، ليشكلوا قوة حقيقية في مواجهة تلك الدولة التي يجب أن تصبح مشهداً عابراً في تاريخ المنطقة...!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 46 / 2178525

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2178525 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40