الأربعاء 23 أيار (مايو) 2012

«إسرائيل» في قمة الناتو الغائب الحاضر

الأربعاء 23 أيار (مايو) 2012 par مأمون كيوان

أعلن مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية للشؤون الأوروبية والأوروآسيوية فيليب غوردون مؤخراً، أن «إسرائيل» لم تشارك في قمة الناتو التي عقدت قبل أيام قليلة في شيكاغو، لأسباب لوجيستية وزمنية وليس لأسباب ذات صلة بوجود فيتو تركي على مشاركة «إسرائيل»، ولأنه لم يتم توجيه دعوة إليها من البداية.

والأمر اللافت أن بداية الشراكة «الإسرائيلية» - الأطلسية تعود إلى أوائل تسعينات القرن الماضي من خلال إطار الحوار المتوسطي المتعدد الأطراف الذي ضم كلاً من «إسرائيل» والأردن والمغرب وتونس والجزائر وموريتانيا، وخلال المرحلة الأولى منه اقتصر النشاط على عقد اجتماعات على المستوى الرسمي . وفي العام 2002 عقدت اجتماعات ثنائية بين الناتو والدول بشكل فردي، وظل التعاون الفعلي مقتصراً في الجزء الأكبر منه على إطار العمل المتعدد الأطراف، ونفذت «إسرائيل» والناتو خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2006 أول برنامج تعاون فردي.

وكانت هناك جوانب عديدة للشراكة بين «إسرائيل» وحلف الناتو منها: مشاركة «إسرائيل» في مناورات بحرية أجراها الحلف في البحر الأسود، وتدريبات مشاة حلف الناتو في أوكرانيا، ومشاركة «فرقاطة» من البحرية «الإسرائيلية» لأول مرة في تدريب بحري باسم «تعاونية ماكو» نظمه الحلف قبالة سواحل رومانيا في البحر الأسود في 17/6/2006 استهدف اختبار القدرة على القيام بعمليات إنقاذ بحرية، وانضمام «إسرائيل» إلى نظام التصنيف التابع لحلف الناتو.

ووقع الناتو و«إسرائيل» في 2/12/2008 اتفاقاً يقضي بتعزيز تعاونهما في مجالي مكافحة «الإرهاب» والمجال العسكري، يشمل تبادل المعلومات وتنظيم مناورات مشتركة، وتعديلات على برنامج التعاون الثنائي الموقع بينهما في أكتوبر/تشرين الأول العام 2006.

وقد أولت النخبة السياسية والعسكرية في «إسرائيل» أهمية كبرى للتعاون مع حلف الناتو انطلاقاً من ثلاثة أمور: أولها: المواجهات التي شهدتها المنطقة العام 2006 بين «إسرائيل» والمقاومة اللبنانية وأسفرت عن تداعيات سلبية عديدة على الداخل «الإسرائيلي». ثانيها: ما سيترتب على انضمام «إسرائيل» إلى الحلف من تحقيق ارتباط شامل بكل من الولايات المتحدة وأوروبا. ثالثها: تعد منطقة «الشرق الأوسط» من المناطق التي تتأثر بالتقارب الأمريكي - الأوروبي، وثار جدل في «إسرائيل» على إمكانية وجدوى انضمام «إسرائيل» إلى الحلف. فعوزي عراد، المستشار الأمني السابق لرئيس الوزراء نتنياهو يرى أن دخول «إسرائيل» إلى مؤسسات الاتحاد الأوروبي سيدعم التوجه الغربي لدينا. ويعزز ليس فقط الرغبة «الإسرائيلية» في الانضمام إلى الاتحاد ولكن أيضاً رغبة الاتحاد في ضم «إسرائيل» التي تحمل نفس القيم التي قام على أساسها الاتحاد الأوروبي. لكن «إسرائيل» لا تتطلع إلى علاقة شراكة كاملة مع حلف الأطلسي، ولكن إلى عمل مشترك.

والفائدة المرجوة من انضمام «إسرائيل» إلى الحلف تكمن بالدرجة الأولى في تعزيز الثقة لدى «الإسرائيليين» للاعتراف والإقرار بعملية السلام في المنطقة. ويجب أن يكون التقرب من الناتو رادعاً للدول العربية، لكن ذلك يرسخ مسألة أن «إسرائيل» لا يمكن أن تصبح جزءاً مقبولاً ومعترفاً به في منطقة «الشرق الأوسط».

ومكاسب «إسرائيل» من الحلف على الصعيد الدبلوماسي ستصب في خدمة تحريرها من الاعتماد على الحليف الواحد وزيادة قدرتها على المناورة. وعلى الصعيد الاستراتيجي سيؤدي التعاون المشترك إلى زيادة قدرات «إسرائيل» الرادعة. وستعزز المناورات المشتركة مع دول الحلف معارف الجيش «الإسرائيلي» وخبراته في الميادين البرية والبحرية والجوية. وستحصل «إسرائيل» على مكانة خاصة في مجال استيراد الأسلحة أو تصديرها الأمر الذي يفتح أمامها فرصاً جديدة.

في المقابل يعتقد خبراء «إسرائيليون» أن «إسرائيل» ليست بحاجة إلى العضوية الدائمة في الحلف التي ترتب عليها التزامات وقيوداً قد تكون ضارة أكثر مما هي نافعة. ويأخذ أصحاب هذا الرأي في الحسبان تراجع التهديدات العربية الإستراتيجية بعد خراب العراق وإنزواء مصر والأردن وتضعضع أوضاع سوريا. ومن هذه الالتزامات امكان تعرض «إسرائيل» لضغوط للتخلي عن سلاحها النووي أو للمشاركة بتقديم مساعدات عسكرية إلى أي بلد عضو آخر قد يتعرض للهجوم، بما في ذلك إمكان طلب إرسال قوات عسكرية «إسرائيلية» إلى أماكن بعيدة.

وتوجد داخل حلف الناتو توجهات مؤيدة لانضمام «إسرائيل» إلى الحلف عبّر عنها السفير «مينوتوريزو» مساعد الأمين العام للحلف ورئيس الوزراء الإسباني الأسبق «خوسيه ماريا أثنار»، إلا أن بعض مسؤولي الحلف يعتقدون أن إمكانية انضمام «إسرائيل» إلى الحلف غير واردة، وترفض تركيا بشدة انضمام «إسرائيل» وتعلن جهاراً رفضها تمرير أية معلومات من رادار الدرع الصاروخي إلى «إسرائيل».

وعليه تبدو الشراكة «الإسرائيلية» - الأطلسية العملية هي الأمر الجوهري، في حين أن عضوية «إسرائيل» وحضورها قمم قادة الحلف هو في منزلة لزوم ما لا يلزم، فوجود مندوبين وممثلين عنها يحملون جنسيات أمريكية وأوروبية، يشكل بديلاً من حضور نتنياهو شخصياً.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2165825

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165825 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010