الجمعة 11 أيار (مايو) 2012

استراتيجية العدوان

الجمعة 11 أيار (مايو) 2012 par بركات شلاتوة

المفاجأة التي فجرها الثنائي «الإسرائيلي» نتنياهو - موفاز في إعلانهما حكومة وحدة موسعة، تتنافى مع المنطق، كونها أتت في ظل تفوق رئيس وزراء الكيان الذي يحلو لسياسييه وإعلامييه تدليعه بـ «بيبي»، في استطلاعات الرأي، ومع تهيئة الرأي العام «الإسرائيلي» منذ أسابيع لانتخابات مبكرة بدأ الإعلام يتكهن بإمكان إعلانها في أية لحظة، وصولاً إلى تصويت «الكنيست» بالقراءة الأولى عليها لتكون في الرابع من سبتمبر/ أيلول المقبل.

لكن توقيت الإعلان وحيثياته تثير العديد من علامات الاستفهام، لاسيما أن نتنياهو لم يكن بحاجة إلى موفاز، لأنه يتمتع بالقاعدة اليمينية الأشد تطرفاً في «الكنيست» والشارع، كونه لم يتوان يوماً عن تلبية مطالبها وما يجول في خاطرها، والوقائع على الأرض تثبت ذلك، فـ «الكنيست» أقر في الأشهر الأخيرة القوانين العنصرية الشوفينية التي تناقض أبسط الأعراف والشرائع الإنسانية، والعنان أطلق لعتاة التطرف من المستوطنين لسرقة ما شاءوا من الأرض الفلسطينية ليقيموا عليها البؤر الاستيطانية وتثبيت القائم منها وتوسيعه، إضافة إلى العدوان على الشعب الفلسطيني في كل منطقة وزاوية.

صحيح أن نتنياهو يتمتع الآن بقاعدة عريضة في «الكنيست» من أربعة وتسعين مقعداً من أصل مئة وعشرين، ما يتيح له اتخاذ أي قرار مصيري، بخاصة بشأن مهاجمة لبرنامج إيران النووي، أو أي عدوان خارجي مبيّت، لكن التاريخ أثبت أنه في موضوع الحرب والصراع الخارجي يتوحد جميع «الإسرائيليين» خلف مسؤوليهم وتختفي الانتقادات والهجوم عليهم من قبل السياسيين المعارضين ووسائل الإعلام والشارع، ما يعني أن لهذه الخطوة من هذه الناحية.

وهنا ينبغي التذكير بأن «إسرائيل» لم تتخل يوماً عن عدوانها لأنها تريد ذلك فقط، بل لأن هناك اعتبارات عدة تحكم الواقع على الأرض، داخلياً أو إقليمياً أو دولياً. لذلك فإن أمر العدوان مدرج بشكل دائم على جدول أعمال الحكومات والأحزاب «الإسرائيلية»، لأن «إسرائيل» أوجدت للعدوان وتفتيت الأمة العربية وزعزعة أمنها وتشتيت شملها، ولتكون ذراعاً استعمارية متقدمة للغرب في المنطقة، والتاريخ الدموي لها يثبت ذلك، وفي كل عدوان لها نالت الدعم العسكري والسياسي والمعنوي من حلفائها الغربيين.

ما يثير الاستغراب هو أن موفاز قبل أيام من انضمامه لمعسكر نتنياهو، هاجمه ووصفه بأقذع الأوصاف، أخفها الكذب، لكن ما أن استدعاه نتنياهو، أتى لاهثاً، ويؤكد ذلك أن لا أخلاق ولا مبادئ لدى السياسيين «الإسرائيليين» خاصة إذا ما تعلّق الأمر بشعورهم بالتهميش وفقدان المنصب السياسي.

ومن ناحية أخرى، إذا ما ثبت أن حكومة الوحدة هي مقدمة للحرب فإن ذلك يدعم حقيقة أن «الإسرائيليين» يتناسون خلافاتهم ويتوحّدون عندما يتعلق الأمر بمواجهة عدو خارجي.

أحد الأخطاء التي نقع فيها، نحن العرب، هي تصنيف الحكومات الصهيونية بين اليمين واليسار والاعتدال والوسطية، وذلك لأن جميع هذه الحكومات تسير في اتجاه واحد وهو مصلحة الكيان باعتبارها تعلو كل الاعتبارات، وأن أمر العدوان متى ما تنضج ظروفه، يجري السير باتجاهه بقوة بغض النظر عن الجهة التي تتسلم الحكم وتوجهاتها. وإن كان من اختلاف بين الأحزاب «الإسرائيلية» فهو في التكتيك لا الاستراتيجية، والهدف العام والأوحد هو مصلحة الكيان، وفي النهاية فإن لا فرق بين «زيد وعبيد».

لذا على الفلسطينيين تعلم هذا الدرس ولا ضير أنه من عدو، والسير في طريق الوحدة وإنهاء الانقسام، حتى يكونوا جاهزين لأسوأ الخيارات، والكف عن البحث عن سراب اسمه «عملية السلام» مع كيان يضع كل شي على جدوله إلا السلام.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2180879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

6 من الزوار الآن

2180879 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 7


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40