الأحد 6 أيار (مايو) 2012

الجزائر وفرنسا.. «إسرائيل» والغاز

الأحد 6 أيار (مايو) 2012 par د. حياة الحويك عطية

«إسرائيل»، الغاز، الصين وروسيا، هي العناوين الرئيسية التي شكلت حبال الشد والجذب بين الجزائر وفرنسا طوال فترة حكم نيقولا ساركوزي، حيث منيت محاولات الرئيس المتذاكي في تعهداته للأمريكيين واليهود بشأن العالم العربي، بالفشل. من تعهده بتسويق التطبيع مع الأولى واحتواء سورية ومنع الفلسطينيين من المضي في مشروع الدولة، الى تعهده باحتواء مصادر الغاز، الى تعهده بنصب سد في وجه الروس والصينيين في هذه المنطقة، خاصة في المغرب العربي بوابة إفريقيا المتوسطية. ولأجل كل ذلك أطلق مشروعه الفاشل : «الاتحاد لأجل المتوسط».

ففي المؤتمر الصحافي الذي عقده قبل الانتخابات الرئاسية السابقة وجه المرشح نيقولا ساركوزي عرضاً للجزائر، يقتضي بأن تزودها فرنسا بالتقنية النووية مقابل الغاز الجزائري. وما ان وصل الرجل الى الاليزيه بأصوات أقصى اليمين حتى كانت أولى زياراته الرسمية للجزائر، مما اغضب المغرب علناً، وفيما فسره الخبراء بأنه إستراتيجية فرنسية تجاه اكبر سوق في المغرب العربي.

لكن الاقتصاد لم يكن يوماً ليفصل عن السياسة، ولذلك كانت اليد الثانية الممدودة فرنسياً هي الدعوة المشروع الذي راهن عليه ساركوزي : «الاتحاد لأجل المتوسط». هذا المشروع الذي اختفى الآن أبرز من أيده ومن عارضه : حسني مبارك الذي انتخب أول رئيس له ومعمر القذافي الذي رفضه بشدة. وإذا كانت حقيقة المشروع انه محاولة لتحقيق أمرين: التطبيع بين عرب المتوسط و«إسرائيل»، والالتفاف على النفوذ الروسي في الدول المتوسطية المنتجة للغاز، وعلى الاستثمارات الصينية، فان كلا الأمرين يعنيان أن لا أهمية له بدون الجزائر.

منذ البدء كان الرئيس بوتفليقة واضحاً خلال زيارة الرئيس الفرنسي بقوله : لا «اتحاد لأجل المتوسط» بوجود «إسرائيل» وقبل حل المسألة الفلسطينية، ليرد عليه ساركوزي بوضوح أيضاً : أن «إسرائيل» هي المكون الأساسي في هذا الاتحاد.

أما الغاز فلم تأخذه فرنسا كما عرضت، والأسوأ أن العلاقات مع روسيا ظلت تتنامى، ومنحت الشركات الصينية عقوداً ضخمة بمليارات الدولارات في مجال البناء والأشغال العمومية والسكك الحديد والكهرباء، كما أبرمت عقود مع شركات ألمانية في مجال المفاعلات النووية والطاقة المتجددة لتزويد أوروبا بالطاقة الكهربائية النظيفة، بدءاً من عام 2020، عقود استبعدت منها جميعاً فرنسا التي قررت إنشاء اكبر مصنع لسيارات «رينو» في المغرب بعد كان متوقعاً في الجزائر.

العمليات الانتقامية لم تتوقف عند الاقتصاد، بل عبرت عن نفسها سياسياً عندما أعاد الجزائريون إطلاق «حرب الذاكرة» ضد المستعمر القديم، بمناسبة مرور خمسين عاماً على خروجه. ومن ثم عمد كلود غايان، وزير داخلية ساركوزي الى التشدد بشأن المهاجرين الجزائريين، الى حد انه أعاد عدداً من الطلاب الى بلادهم قبل أن يكملوا دراستهم.

لذلك كله كان الفرنسيون، وهم يتولون قيادة التدخل ضد ليبيا، ينظرون بعين الى سورية وأخرى الى الجزائر، وذاك ما لم يخفه وزير خارجية قطر في اجتماعات الجامعة العربية عندما قال للمندوب الجزائري : الدور الثاني عليكم. لكن الحسابات السورية لم تنطبق كما حصل في ليبيا، وقد يكون التورط في ساحة أخرى، كالجزائرية، أمراً صعباً للغاية. لذلك يتوقع الخبراء الجزائريون أن تطلق عودة اليسار إلى الحكم في فرنسا دينامية جديدة في العلاقات بين البلدين. مما سينعكس على العالم العربي كله.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2165775

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165775 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010