الاثنين 30 نيسان (أبريل) 2012

لطف الله

الاثنين 30 نيسان (أبريل) 2012 par ساطع نور الدين

لولا بعض الحذر، لأمكن الاشتباه في ان قضية سفينة الأسلحة الليبية «لطف الله ٢» التي صودرت قبل وصولها الى ميناء طرابلس الشمالي، هي فخ نصب للبنان، او حتى عبوة ناسفة تهدف الى تفجير الوضع اللبناني وتصعيد الاشتباك على الحدود المشتركة التي تكاد تزول نهائياً بين البلدين الشقيقين، وتتحول الى معابر مفتوحة غير خاضعة لأي رقيب او حسيب.

الشك وارد في أن الدولة او الجهة التي كشفت أمر سفينة الأسلحة تعمّدت، (وليس تسرّعت)، في اختيار لبنان لكي تقع عليه مهمة ضبط السفينة التي كان يمكن منعها من الانطلاق من الإسكندرية او إجبارها على الإبحار الى قبرص او تركيا، على ما جرى مع سفن عديدة سبق أن حاولت تهريب السلاح الى سوريا، لكنها ترسو الآن في موانئ تلك الدول بانتظار المحاكمة بعد المصادرة.

كما ان انتقاء مدينة طرابلس بالتحديد مقصداً للسفينة، يثبت النظرية الثابتة عن أن لبنان وعاصمته الشمالية، أصبحا ممراً رئيسياً لتهريب السلاح الى سوريا، بعدما كان العبء قد ألقي في فترات سابقة على الدول الأخرى المجاورة لا سيما منها العراق والأردن، واقتصر دور السوق اللبناني على تصدير ما فاض من مخزون التجار اللبنانيين من أسلحة خفيفة بيعت لأفراد سوريين بغرض الحماية الشخصية، لا بهدف تشكيل ميليشيا، على ما توحي به حمولة السفينة «لطف الله».

في أي حال، فإن انتهاء رحلة «لطف الله ٢» في مرفأ لبناني، لم يكن عملاً لطيفاً أبداً، لا من قبل الليبيين الذين تبرّعوا بشحنتها ولا من قبل السوريين الذين اقترحوا أن تكون طرابلس وجهتها، ولا من قبل اللبنانيين الذين يفتشون كل يوم عن حجج إضافية من أجل الاشتباك حول الشأن السوري.. ولن ينفعهم الجيش ولا القضاء في ضبط ذلك الاشتباك طويلاً وفي إقناع مختلف القوى اللبنانية بأن في سوريا حرباً أهلية دامية لا يجوز بأي حال من الأحوال التورط فيها.

ليس من اللطف طبعاً ان تقتحم السفينة هذا المشهد المريع حتى من دون أن تثير النقاش مرة أخرى حول فكرة التسليح والعسكرة في سوريا، والتي يبدو أنها سحبت نهائياً من أدبيات المعارضة السورية ومن بياناتها، وتحوّلت الى خيار بديهي لا لبس فيه، يجري السكوت عنه او تقدم الأعذار والتبريرات لاعتماده، مثل القول إن النظام هو البادئ وهو المسؤول وهو المتمسك بالحل الأمني.. وهو منطق لا يخدم سوى بعض التنظيمات الإسلامية المتطرفة التي تكاد تستولي على الانتفاضة السورية، بالسلاح وبالمال والخطاب وتجرّها الى ما يتنافى مع جوهرها الأصلي.

المغامرة تزداد خطورة يوماً بعد يوم: السفينة إنذار جديد، وتنبيه إضافي إلى أن ثمة حاجة ملحة الى البحث عن مخارج من الحرب الأهلية السورية، بدل المساهمة في تسعير نارها.. لأن سوريا عزيزة على لبنان، ولأن المستقبل يعد بزوال الحدود الدولية المرسومة بين البلدين والشعبين.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 35 / 2181826

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2181826 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40