الأربعاء 25 نيسان (أبريل) 2012
لتكون خط الدفاع الأول في مواجهة التهديدات الأمريكيّة...

دراسة «إسرائيليّة» : روسيا تطمح من وراء صفقات الأسلحة تأمين دولها الصديقة خاصة سورية وإيران

الأربعاء 25 نيسان (أبريل) 2012 par زهير أندراوس

قال باحثون عسكريون «إسرائيليون» إنّ الآونة الأخيرة شهدت عودة قوية للدور الروسي في منطقة «الشرق الأوسط»، الذي شكل ما وصفوه برمانة الميزان في المنطقة قبل انهيار الاتحاد السوفيتي مطلع تسعينيات القرن العشرين، مع انتشار أنباء تتعلق بإبرام موسكو لصفقة صواريخ مع سورية، وتزويدها الجيش الجزائري بأحدث العتاد العسكري، وتوقيعها لاتفاق أمني مع «تل أبيب»، والأول من نوعه في تاريخ العلاقات بينهما. ويعتبرون كل ذلك خير دليل على العودة الروسية للمنطقة، ويبدو أن أسلحتها باتت أسهل وسيلة لتحقيق ذلك، خاصة في ظل أجواء الحرب التي تخيم على المنطقة منذ سنوات.

ورأى الباحثون، تسفي ماغين ويفتاح شبير وأولنا باغنو، في دراسة قاموا بإعدادها لـ «مركز أبحاث الأمن القوميّ في إسرائيل» أنّ التوجه الروسي الحديث بهذا الخصوص، له علاقة بما دأب عليه الإتحاد السوفييتي السابق، حين نظر بعين الاعتبار لمسألة صادرات السلاح كعامل مهم لتحقيق أهدافه السياسية على الساحة الدولية، وتمكنت صادراته من السلاح من النمو ليس لكفاءته فقط، ولكن للأسباب التالية : السياسة الخاصة التي اتبعتها موسكو في تسويقه، حيث تم تزويد زبائنها بأسلحة متقدمة، وفي الوقت ذاته بأسعار رمزية، تسويق أسلحتها للدول الموالية للسياسات الروسية والمعادية للغرب، والعمل على توسيع قاعدة زبائنها، مما ساهم في جذب المؤيدين لسياستها على الساحة الدولية.

وأشارت الدراسة إلى أنّه عقب انهيار الإتحاد السوفيتي وتفككه، تراجعت صادرات السلاح الروسي بنسبة 40 بالمئة بعد أن ظل يسيطر على سوق السلاح العالمي، فيما تمكنت الولايات المتحدة من السيطرة على نصف صادراته العالمية، وبين عامي 2001 ـ 2008 انخفضت النسبة لتصل 37 بالمئة من سوق السلاح، بعد تمكن روسيا من العودة تدريجياً للسوق.

وشهدت تلك الفترة وصول نصيبها منه 17 بالمئة، بفضل ارتفاع أسعار الطاقة، والتغيير الذي طرأ على توجهات موسكو فيما يتعلق بسياستها الخارجية وعقيدتها العسكرية، وخلال السنوات الأخيرة وبعد جهود تحسين مكانتها في سوق السلاح والتكنولوجيا العسكرية، عملت على فتح أسواق جديدة لها مع الصين بلغت نسبته 35 بالمئة والهند 24 بالمئة وكوريا الجنوبية وتايوان والجزائر بنسبة 11 بالمئة. كما عملت على تحسين جودة السلاح الذي تقوم بتصنيعه ليكون قادراً على منافسة السلاح الغربي، وسعت لتصبح قوة عظمى في مجال صادرات الأسلحة العسكرية لتحظى بمكانة في سوق السلاح العالمي، ومنه تعود لمكانتها الدولية كأحد القطبين الكبيرين في العالم. لذا وجدت في بيع سلاحها فرصة لتستعيد تلك المكانة، وتصبح قوة مؤثرة في مناطق المنافسة مع خصومها من الدول المصدرة للأسلحة العسكرية، بل إنها تسعى الآن لتكون المنافس الرئيسي لواشنطن ودول حلف «الناتو»، وعلى هذا الأساس ظلت تلعب بورقة صادرت السلاح لتعيد مجدها السياسي، وبنائه من جديد.

وأشار الباحثون إلى أنّ «الشرق الأوسط» يمثل بالنسبة لروسيا أهمية خاصة من الناحية الجيو ـ سياسية، وقربه من حدودها الجنوبية التي يعيش فيها أغلبية من المسلمين، حيث ظلت قلقة من زيادة التأثير الأيديولوجي القادم من المنطقة عليهم. فضلا عن كون المنطقة، من أكثر مناطق العالم تشهد العديد من المواجهات الحربية، مما سيكون فرصة جيدة لها لترويج بضاعتها من الأسلحة العسكرية الفتاكة، لذا عملت على تفعيل علاقاتها مع أطرافها الإقليمية، مما منحها القدرة للترويج لبيع الأسلحة العسكرية والتكنولوجيا الأمنية لدولها.

ويستنتج الباحثون أن التوغل الروسي في منطقة «الشرق الأوسط» لزيادة نفوذها السياسي والدولي يعكس وجود فجوة كبيرة بين موسكو وواشنطن في مجال التسليح، وهو ما ظهر واضحًا في الأزمة بينهما بخصوص مشروع الدرع الصاروخي الأمريكي.

وفي الناتج الإجمالي لصفقات التسليح، فإنها لا تمثل سوى 12.9 بالمئة، بما يعادل 1.7 تريليون دولار من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي 13.1 تريليون دولار، وإن إنفاقه العسكري 32 مليار دولار، لا يتعدى 6.3 بالمئة من الإنفاق العسكري الأمريكي 505 مليارات دولار.

وترى الدراسة أن روسيا تطمح من وراء صفقات الأسلحة لدول «الشرق الأوسط» لتأمين دولها الصديقة، خاصة سورية وإيران لتكون بمثابة خط الدفاع الأول في مواجهة التهديدات التي يمكن أن تتعرض لها مستقبلاً، مع الأطماع الأمريكية في آسيا الوسطى وأفريقيا، ومحاولة إقامة قواعد عسكرية دائمة بها.

ومع تزايد احتمالات وقوع مواجهات ساخنة في منطقة الخليج العربي، في ظل الحرب الباردة بين إيران والولايات المتحدة، وتوقع انتشارها في المشرق العربي، حيث سوريّة ولبنان والأراضي الفلسطينية، إلى جنوب آسيا حيث باكستان، ثم وسط آسيا حيث أفغانستان وأذربيجان وتركمانستان وكازاخستان وقرغيزيا، بل قد تمتد المواجهات العسكرية إلى جنوب أوروبا حيث تركيا، وربما بلدان أوروبا الغربية وأمريكا اللاتينية وغير ذلك. ويجمل الباحثون دراستهم بالقول: خلال العقد الأخير أصبحت منطقة «الشرق الأوسط» من أهم المناطق التي تولي لها موسكو أهمية في مجال مبيعات السلاح، ومن الممكن التوقع أن يزداد هذا الاتجاه مستقبلاً، خاصة في ظل التطلعات الروسية للعودة للعب دورها المحوري في العالم.

علاوة على ذلك، قالت الدراسة، إنّ سياسة روسيا الحالية اتسمت باختيار الشركاء، وليس كما حدث في الماضي حينما ارتبطت فقط بحلفائها السياسيين، وأن سياستها المعادية للغرب تجعلها تتطلع لتفعيل علاقاتها بكافة الأطراف، بمن فيها التي توصف بدول محور الشر، والدول المنتمية للمعسكر الغربي. وهي ترى بإتباع هذه السياسة فرصة مناسبة لتبرز نفسها قادرة على أن تكون جسراً للتواصل، وقوة على الساحة الإقليمية، ولهذا سعت لتفعيل عملية بيع السلاح للحفاظ على هذا الهدف، وتكون عاملاً للتوازن الإستراتيجي في المنطقة.

وأشارت الدراسة إلى أن صادرت السلاح الروسي لدول «الشرق الأوسط» قد تراوحت بين 21-26 بالمئة من إجمالي ما تستورده من أسلحة عسكرية، ورغم هذا يبدي الروس إصراراً للتوقيع على المزيد من اتفاقيات بيع السلاح مستقبلاً لاستعادة تواجدها في المنطقة، على حد قول معدّي الدراسة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2165976

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع عن العدو  متابعة نشاط الموقع عين على العدو   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2165976 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010