الجمعة 20 نيسان (أبريل) 2012

الفلول في الأقصى

الجمعة 20 نيسان (أبريل) 2012 par ساطع نور الدين

لو لم يكن من الفلول الذين يستعدون للخروج من الدولة المصرية ومؤسساتها السياسية والعسكرية والدينية، لجاز القول ان مفتي مصر الشيخ علي جمعة افتتح في زيارته المفاجئة الى القدس المحتلة مساراً مصرياً وعربياً جديداً وأطلق موجة من الزيارات الرسمية والشعبية الى المدينة المقدسة التي يكاد العدو «الإسرائيلي» يخرجها من جدول أعمال التفاوض على تسوية القضية الفلسطينية.

لكن الرجل موظف موروث من عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك الذي لم يزر القدس خوفاً من أن يتعرّض للاغتيال على منصة ما، لكنه لم يكن يقيم وزناً خاصاً لفلسطين ولا كان يهتم لمصير شعبها، وهو ما حط بالفلسطينيين الى الدرك الأسفل منذ ان أخرجوا من بيروت في العام 1982، وتوجهوا منها الى القاهرة التي لم توفر لهم يوماً الغطاء الكافي أو الحامي من الغدر «الإسرائيلي».

ينتمي المفتي جمعة الى هذه الثقافة المصرية السياسية التي أطاحتها الثورة بعدما صنفتها في فئة العار الوطني والخيانة الكبرى، لا للقضية الفلسطينية بل أساساً لموقع مصر العربي ودورها العالمي.. وفتحت نقاشاً لا يزال في بداياته الأولى حول تلك القضية، وحول العلاقة مع «إسرائيل»، لم تستبعد منه فكرة مراجعة معاهدة «كامب ديفيد»، ولم تستثن منه فرصة فتح جبهة سيناء يوماً ما، ووقف تصدير الغاز المصري الى «إسرائيل» المتوقف أصلاً نتيجة أكثر من 14 تفجيراً متتالياً لأنبوب الغاز، لا يمكن أن يفسر فقط بالخلاف حول الأسعار المتهاودة.

تندرج الزيارة في سياق جدل فتح في الوسط الديني والسياسي العربي قبل أشهر حول جواز زيارة القدس المحتلة، وهو جدل دفعه الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس الى حده الأقصى عندما «أفتى» في خطابه أمام القمة العربية الأخيرة في بغداد الشهر الماضي بضرورة سفر المسلمين الى المدينة المقدسة، برغم قوله في فتواه يومها ان حملة تهويدها بلغت مراحل خطيرة تهدد هويتها ومعالمها.

انضمام مفتي مصر الى هذا الجدل لا يكسبه زخماً قوياً، لأن الشيخ جمعة يلتحق بنفر قليل من الشيوخ الذين أباحوا حتى الآن القيام بتلك الزيارة، لكنهم جوبهوا بموقف غالبية ساحقة من رجال الدين الذين اعترضوا اعتراضاً حاسماً على هذه الخطوة التي يبدو أن بعض السلطة الفلسطينية والأردنية يعمل على تنظيمها، وتوفير الظروف المناسبة لرحلاتها باعتبارها حجاً دينياً الى المدينة المقدسة.

كان يخشى أن يتساقط رجال الدين الإسلامي على طرقات القدس، وأن يثبتوا التهمة الموجهة إليهم بأنهم متواطئون مع أميركا ومتساهلون مع «إسرائيليين» ولا مبالين بالقضية الفلسطينية، وملتزمون بكونهم مجرد مشايخ الحكام ومفتيهم ومفسري أحلامهم ومبرري أفعالهم : تبين الآن أن الثورات العربية أعادت إليهم بعض حصانتهم، وجعلتهم ينسجمون مع الشارع الذي لن يتسامح مع مفتي ساذج عبر الحواجز «الإسرائيلية» لكي يؤدي في المسجد الأقصى صلاة يُحرم منها مشايخ فلسطين وكبار علمائها.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 29 / 2165953

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2165953 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010