الخميس 19 نيسان (أبريل) 2012

سلام يسطح الدّبّ...

الخميس 19 نيسان (أبريل) 2012 par سهيل كيوان

قال «إذا استثنينا العرب والمتدينين (الحرديم) ستكون الدولة أفضل حالاً» وقال قبلها بأسبوع «حان الوقت لكي يرد العرب الجميل للدولة»!هاتان مقولتان لرئيس حكومة بلد قلعط العالم وهو يحكي عن ديمقراطيته، فالنظام في «إسرائيل» لا يكلّ ولا يملّ عن التباهي بديمقراطيته التي يترجاها أبو مازن وحكومته بأن تكلف خاطرها وتعلن وقف نهب الأرض والاستيطان في الضفة الغربية لتوفير ذريعة شبه أخلاقية للعودة إلى التفاوض ولو على عيون العالمين، ولكي «نكفّ كلام الناس عنا»، تصوّروا رجاء لوقف الاستيطان مقابل العودة إلى مفاوضات معروف سلفاً أنها ليست سوى رُبّ وزيت وزيت وربّ، حتى هذه يرفضها زعيم بلد ديمقراطي رغم أنها تحده أربع دول عربية ورُبع كيان لا يعرف أحد كيف يصنفه، أراهن أن تسعين بالمئة من الفلسطينيين لا يعرفون ماذا يعني وأين تقع مناطق أ - ب - ج المفصلة حسب اتفاقات أوسلو!

وكي تبدو ديمقراطية بيبي لامعة رغم عفونتها وصدئها فلا بد من وضعها إلى جانب مزبلة لتبدو وضيئة مشعة نظيفة، فليس لنظام «المزبلة» شكل واضح، قد تكون المزبلة جمهورية أو ملكية أو مُركبة من كل أشكال الحكم والفوضى إلا من الديمقراطية المستوردة، المزبلة تستورد وتستوعب وتعيد إنتاج وتحلل كل شيء من ملبس ومشرب ومأكل ومركب ومواد تجميل وعطور إلا الديمقراطية فهي رجس وفتنة من عمل الغرب، حينئذ تظهر ديمقراطية «إسرائيل» ساطعة نظيفة مطهّمة، ويبدو بيبي واثق الخطوة يمشي ملكًا...! ويسمح لنفسه بمهاجمة العالم لأنه يسكت على الجرائم التي ترتكب في «المزبلة» بينما لا يتفهم جرائم «إسرائيل» النظيفة والمشروعة والتي ترتكب حسب معايير أكثر الدول تحضراً، فـ «إسرائيل» لا تقتل ولا تعتدي إلا على من تسوّل له نفسه أن يوقف زحفها الاستيطاني المشروع حسب وعد الرب، حينئذ من حق العاملين على تحقيق وعد الرب أن يدافعوا عن أنفسهم ولو كره الأوروبيون وأرسلوا فوضوييهم إلى مطار اللد، وكيف نعرف أن هؤلاء فوضويون!لأنهم أتوا إلى «إسرائيل» وهتفوا بوجه أبنائها الأبرياء سلام سلام سلام سلام وهذا أمر لا يحتمل، و أدى لضرب أحد نشطاء الإرهاب اللفظي من الأوروبيين ببندقية نائب جنرال في وجهه من دون أن يقوم ناشط السلام هذا بشيء سوى الهتاف بالقرب من أذن نائب الجنرال سلام سلام سلام سلام فضربه فارتمى هذا على الأرض مصاباً نازفاً ولكن لسوء حظ نائب الجنرال أن الكاميرا كانت بالمرصاد، فقامت قيامة وسائل الإعلام «الإسرائيلية» لسبب بسيط هو أن أكثر من كاميرا التقطت الصورة ولم يعد بالإمكان إخفاء ما حدث، ولولا الصورة لما كان «من شاف ولا من دري» كما يحصل عادة، فهناك مليون حادثة مشابهة حدثت ولم توثق بكاميرا فكأنها لم تحدث! وحصل شبه إجماع «إسرائيلي» بأن ما قام به الضابط الكبير له ما يبرره لأنه ليس من السهل أن ينضبط ضابط بمثل هذه الرتبة أمام من يهتف بوجهه بلا كلل بلفظة مرعبة سلام سلام سلام سلام سلام سلام سلام، لأن الضابط ما كان ليصل رتبة كهذه لو كان مسالماً من أصله، والله فقط يعلم كم أجهد نفسه وسفح من دم حتى صار نائب جنرال! يا سيّدي خذ مثلاً على نفسك.. تصوّر أحداً ما يأتي إلى مدخل بيتك ويهتف بشكل مقصود ومع سبق الإصرار ليسمعك كل الوقت حبيبي حبيبي حبيبي حبيبي حبيبي ألن تخرج له بالعصا المركية وراء باب المطبخ منذ الحرب الباردة!

أعصاب «الإسرائيليين» لم تعد تتحمل تكرار هذه الكلمة الاستفزازية سلام سلام سلام سلام حتى سلام فيّاض صاروا يختصرون اسمه على كلمة «فيّاض» لأن التعرض لكلمة (سلام) كل هذا العدد من المرات في فترة زمنية قصيرة يثير الأعصاب ويترك بقعاً سوداء على الجلد ويسطح الدبّ، !من حق الضابط أن يثور ويثأر لنفسه، قل لي بربّك بأي حق تأتي من آخر الدنيا لتهتف بقرب أذنه سلام سلام سلام! هل تعرف الألم الذي تسببه كلمة سلام سلام سلام على أعصاب ضابط برتبة نائب جنرال... يا سيدي ضع نفسك مكانه وجرّب هذا الألم.. إن قلع الأضراس بدون تخدير أهون بكثير من كلمة سلام سلام سلام!

إذن فخطأ الضابط الكبير الذي تعرض لهذا الإرهاب اللفظي أنه فعل فعلته أمام عيون الكاميرات بينما الشطارة هي بأن تفعل فعلتك دون ترك فسحة للكاميرات وهذا متفق عليه في مختلف الأجهزة الأمنية، والمثل يقول «إضرب العربي ولكن لا تدع صحافياً يراك»ّ! وهذا ينطبق على الفعاليات الأخرى تجاه العرب مثل هجوم جمهور فريق كرة قدم على عمال عرب في مركز تجاري في أورسالم، يعني لولا الكاميرات لبقي الأمر بيناتنا ولفلفنا الطابق، وكانت تظاهرت الشرطة بأنها لم تسمع ولم تدر...

حتى المجازر الكبيرة بدون كاميرات تبقى مهضومة كما يحدث في دولة مجاورة مثلا فأنت لا ترى ولا تسمع سوى أرقام..39 ...87...23...105....98 ...24 إنها تشبه إلى حد بعيد أرقام السحب على جائزة اليانصيب!

فلا يكون للأرقام وقع أو صدى بل بالإمكان مع قليل من الذكاء تحويل الأرقام إلى شهود زور لصالح قاتليهم!

صورة «إسرائيل» يجب أن تبقى نقية وقد ارتكب الضابط جريمة بحق بلاده عندما ضرب الفوضوي الأوروبي بعقب البندقية على وجهه أمام الكاميرا ولهذا على الضابط أن يدفع الثمن ويتحمّل نقد وزير الدفاع الذي لم تثبت عليه الكاميرا شيئاً إلا بما شاء سيادته رغم أن تاريخه حافل ويشهد له العدو قبل الصديق بعدد ليس قليل من الجرائم، واضطر رئيس الأركان لاتخاذ القرار الصعب والإطاحة بالضابط من منصبه لأنه ضرب رجلاً هتف سلام سلام سلام، بينما كان بالإمكان مثلاً مصادرة الكاميرات أو تحطيمها أولا وبعدها اضرب ما تشاء فلا عين رأت ولا أذن سمعت وتبقى الديمقراطية بخير والسلام ختام..عفواً لا تقل (سلام) رجاء دع هذه الكلمة بضع سنوات كي نرتاح قليلاً فنحن أيضاً بشر من لحم ودم وأعصاب...



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 32 / 2180585

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2180585 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40