الجمعة 13 نيسان (أبريل) 2012

رجل من فلسطين في ذكرى شهداء فلسطين

الجمعة 13 نيسان (أبريل) 2012 par حسن خليل

نحن نعيش في هذه الأيام من نيسان ذكريات مفعمة بالآلام والأحزان.

ففي يوم الثامن من هذا الشهر الربيعي الذي يفترض أنّه جميل فوّاح بعطر الطبيعة كما أرادها الخالق سبحانه وتعالى، من عام 1948 تجمّعت عصابات يهودية متطرفة قدِمت من شتى آفاق العالم وشنّت هجمات خاطفة موجعة على عدة قرى فلسطينية قريبة من القدس، بقيادة قطبين من أقطاب الإرهاب الإجرامي العالمي هما: ميناحيم بيجن زعيم «الأرجون» و«نرفاي لومي» اليهوديتين والمسخ اليهودي شامير قائد عصابة «شتيرن»، وكان وجود هذه العصابات المجرمة يشيع الذعر في نفوس نساء فلسطين وأطفالها لبشاعة ما تفعله عناصرها من القتل والذبح والتنكيل بمن تصل إليهم أيدي هؤلاء المجرمين الغاصبين، ولذلك قرر قائد كتائب الجهاد المقدس عبد القادر الحسيني أن يضع حداً لهجمات هؤلاء الغزاة، فقام بشن ضربات سريعة عليهم ومزّق صفوفهم في كل اتجاه.

وفي مساء هذا اليوم من عام 1948 تمكّنت قوات المجاهد عبد القادر من سحق فلول المعتدين، وابتهج سكان القرى المجاورة وخاصة أهل القسطل، الذين عانوا كثيراً من تلك الاعتداءات التي كانوا يقومون بها، وانتشرت عناصر المجاهدين في ساحة المعركة لتنزع السلاح من الغزاة القتلى، وبينما كان القائد عبد القادر يتجوّل مع بعض أعوانه في الميدان، إذ برصاصات يطلقها جريح «إسرائيلي» من مدفعه الرشاش الصغير على ظهر القائد عبد القادر العائد منذ أيام من زيارة خاطفة قام بها إلى مؤتمر عربي في بلودان بسوريا وقبلها إلى القاهرة مقر الجامعة العربية طلباً للعون والسلاح، وقد ردّوه خائباً مخذولاً فكان أن قال لهم غاضباً: لا خير فيكم، إن كان لديكم ما تقدّموه لنا فأرسلوه إلى ساحة الجهاد في فلسطين.

وعاد إلى فلسطين وخاض معركة الشجاعة والكرامة في قرية القسطل ولقي ربه شهيداً، فصعق رجاله لذلك الحدث الجلل الذي جاء في أعقاب نصر مؤزر على عصابات اليهود، وتزاحم الأحباء من المجاهدين ومن المحبين الذين عرفوا بالخبر من سكان القسطل ودير ياسين ومدينة القدس، وحملوا جثمان الشهيد مفجوعين وذهبوا به إلى مستشفى المقاصد بالقدس، وشيّعوا جثمانه الطاهر بقلوب مفجوعة منهارة، واستغل بيجن الحدث وانشغال المجاهدين بتشييع جثمان الشهيد فقام بتجميع عناصره واستعان بكل عنصر يهودي في المنطقة وانقضّ على قريتي القسطل ودير ياسين فاستولى عليهما بسهولة بعد مذابح بشعة وانتهاكات للأعراض وتمثيل بجثث الشهداء في يوم 10 نيسان 1948.

وبكت فلسطين من أقصاها إلى أقصاها شهيدها، وظلّت تحيي ذكرى يوم استشهاده، وتشاء المقادير أن يسقط في هذا اليوم عام 1973 القادة محمد يوسف النجار والمهندس كمال عدوان والشاعر كمال ناصر، وفي نفس الشهر عام 1989 تم استشهاد القائد خليل الوزير، مما جعل شعب فلسطين يقوم بتسمية هذا الشهر بشهر الشهداء ويوم العاشر منه بيوم الشهيد.

ولقد أقامت رابطة الطلاب الفلسطينيين في يوم 10 نيسان مهرجاناً في ذكرى الشهيد عبد القادر بالقاهرة عام 1953، ودعي لحضوره الرئيس المصري اللواء محمد نجيب فحضر المهرجان ومعه ضيفاه الملك عبد العزيز آل سعود والملك حسين، وخلال فعاليات المهرجان صعد الطالب الأزهري فتحي محمد قاسم البلعاوي المنبر فجأة وطلب من منظمي الحفل السماح له بإلقاء كلمة قصيرة، فأومأ اللواء محمد نجيب إليهم بالموافقة، فبدأ الرجل كلماته بالقول:

«بسم الله خير الأسماء في الأرض وفي السماء (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (68)) الأحزاب».

وهبط عن المنبر قليلاً وأشار بإصبعه نحو الجلوس وهو يقرأ الآية الثانية ثم عاد وبصوته الجهوري المرعد يكمل كلمته، بينما كان صديقه صلاح خلف يطعنه في ظهره كي يتوقف لكنه واصل بركان غضبه حتى النهاية.

ومنذ ذلك اليوم والقائد ياسر عرفات يقول له: أبا غسان، أنت مدين لي بحياتك فأنا حرفت مسدس حارس الحاج أمين مفتي فلسطين حين أطلق الرصاص نحوك، خاصة عندما صرخت في وجه المفتي: فكأنّك يا فضيلة المفتي لا تتحرك.

وكانت النتيجة سجنه لعدة أسابيع في سجن القلعة ثم ترحيله إلى قطاع غزة محروماً من الجنسية الأردنية ومن شهادة الليسانس التي كان سينالها بعد شهرين، وفي غزة عاش بطلاً محبوباً من كل أبنائها.

ولقد قاد مظاهرات عديدة في قطاع غزة مع الشاعر معين بسيسو، وأهمها في يوم مذبحة غزة والبوليس الحربي في 28 شباط 1955، وكان سبباً في تطوير القطاع، ومن تلاميذه المحبين له معظم شباب حركة «فتح»، وفي مقدمتهم القادة خليل الوزير والدكتور رياض الزعنون وسعيد المزين (فتى الثورة).

وقد أوكل إليه ياسر عرفات مهمة وكيل وزارة التربية والتعليم حتى توفاه الله عن عمر قدره 67 عاماً 1997، وواراه شعبه الثرى في قريته بلعا، وسميت مرحلة وجوده في غزة بمرحلة فتحي البلعاوي، رحمه الله فلقد كان رجلاً من خيرة رجال شعب فلسطين.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 38 / 2178696

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2178696 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 7


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40