تَتَالتْ عقود طوال وأنتم تَتَباكون على الإسلام ألذي اغتيل على أيدي الغرب وأعْرابِ الأمة، وعِبْتُم على دعاة القومية العربية والمستورد من الأفكار الغربية أخذهم بهذه البدع - كما وصفتموها - لإصلاح حال الأمة واستنهاضها من كبوتها، وشخّصتُم العلّة بفقدان الأمة للرشد والهداية، وعودتِها للجاهلية الأولى، وحمّلتموهم وِزر ضياع الأرض والتباس الدين على الناس، بهذا نطقتم وبوحيٍ منه عملتم، وعاهدتُم الأمة لئن تَوَليتم لتنصُرنّ الله، وبنصره تُنصر الأمة.
فلماذا تزحفون اليوم جماعات وأفراد في السر والعلن، إلى قاتل أمتكم وغاصب مقدساتكم، تأتمرون بأهلكم وأوطانكم، وتستجدونه المغفرة عمّا بَدَرَ منكم وقلتم في حقه وحق رَبيبته «إسرائيل»، وترجون منه أن يمُنّ عليكم بتوليتكم ولايات أوطانكم، تستأثرون فيها بممارسة السلطة وترفها وثرواتها، ولِتُضْفوا مجداً زائفاً على أنفسكم، وتنقضون اليوم ما أبرمتم بالأمس.
أغرّكُم أنّ - المؤمنين بالله - لا بأشخاصكم، قد خدعهم معسول القول منكم بنصرة الدين والحكم بما انزل الله في كتابه، فَوَلّوُكم أمرهم، لِتصْدقوهم العهد والوعد، فإنْثلْتم بعد تَمَكُنكم، لِتُسلمُوهمْ وتُسْلموُا مقاصد عقيدتهم في الحرية والعدالة والكرامة، والمُقدّس من أرضهم لعدوهم، وتستأثرون دونهم بالأمر في تقرير مصائرهم وأوطانهم.
أوَليسَ هؤلاء الذين تَسْتجدُونَهم الصفح والقبول بكم حُكّاماً - في أوطانكم - هم من صنعوا لكم حُكَامكم بالأمس ممن نَقَمتُم عليهم ولائهم وتبعيّتهم عقوداً من الزمن لهذا السيد الذي تستعطفونه اليوم؟!!
أوَليس هو من أنشأ من شذاذ الآفاق كياناً كهيئة دولة، أقامها في القلب من أمتكم، وجعل منها نصلاً مسموما ينخر عظامكم عاما بعد عام، وعقداً بعد عقد، وبحجة وقايتكم من شر هذا الكيان وبطشه، وكي لا يُغَيّبكم الموت، سلبكم ثرواتكم ومقدرات أمتكم، وباعكم عِصِيّاً لتدفعوا بها عن أنفسكم، في الوقت الذي يمده بأعتى ما أبدع العقل من أدوات الحرب؟.
أوَليس هو الذي يقف لأمتكم بالمرصاد فيحول بينها وبين إحقاق حقها وإسماع صراخها لأمم الأرض في مجمع الأمم؟.
أمن هذا السيد تَسْتجْدوُن، وبه تَسْتَنْصروُن، وله تُقِرّوُن بالقضاء والقدر في مصائركم، وما أراكم بعد حين إلا إليه تَحْتكمون في الفصل بينكم وبين أمتكم، حين تُطيحُ بكم كما أطاحت بمن سلف، إن لم تَتوبوا الى ربكم وأمتكم وتتناهوا عن غيكم؟.
والعجب من أمركم أنكم تعلمون أن الثمن الذي تشترون به ولاياتكم في الربيع المشؤوم، سيكون حسرة عليكم وإحتراباً مع الله حين تُأمَرُون أن تجعلوا من أهليكم جنداً لهم ولربيبتهم، ورأس حربة في العدوان على إخوة لكم في الدين والملّة، لا ذنب لهم إليكم، إلا أنهم يسعون لأن تكون لهم الشوكةُ وامتلاك المقدرة ليذودوا عن حياضهم ويصنعوا لأمتهم مجداً ويؤكدوا وجودهم الحي بين الأمم.
ففيؤوا الى الله نادمين وإلا فبوءوا بالإثم والظلم وأنتم تعلمون.
RLS
