السبت 7 نيسان (أبريل) 2012

«ما ينبغي قوله»

السبت 7 نيسان (أبريل) 2012 par أمجد عرار

لم يُلقِ أحد من مثقفينا العرب بالاً إلى الأديب الألماني غونتر غراس الذي يتعرّض لهجمة عنصرية جنونية من جانب «إسرائيل» ولوبياتها في ألمانيا، بسبب قصيدة تشبه صرخة غضب في وجه المتغطرسين ومتعددي المكاييل في هذا العالم الأرعن، أو همسة إيقاظ في آذان الضمائر النائمة. صرخة غراس أو همسته جاءت على شكل قصيدة حملت عنوان «ما ينبغي قوله»، كأنها صوت احتجاج على جوقة تقول «ما لا ينبغي قوله». قصيدة بمنزلة وسام بديل لجائزة نوبل التي يشاركه مثلها مجرمو حرب «إسرائيليون» ومعهم باراك أوباما الذي منح الجائزة مع اللحظات الأولى لتسلّمه مفتاح مكتبه في البيت الأبيض. لكن الذين قتلوا وجرحوا وشرّدوا نتاجاً لسياسة أمريكا أوباما، لم يمنحوا فرصة لصاحب اللسان الأملس كي يؤكد استحقاقه الجائزة، فضلاً عن مواقفه المتملّقة لـ «إسرائيل» التي فاقت تلك التي صدرت عن سلفه جورج بوش، ثاني أسوأ رئيس أمريكي بعد أوباما.

الأديب الألماني يلخص في «ما ينبغي قوله» موقفاً هو بمرتبة مربط الفرس الذي من دون إدراكه أو الاعتراف به، يفلت العالم من عقاله ويذهب إلى المجهول أو إلى حرب عالمية ثالثة سببها «إسرائيل» التي جزم غراس أنها، وترسانتها النووية، تهديد للسلام العالمي. وبهذا، فإن الأديب الألماني الذي يغرّد خارج السرب الأوروبي والغربي، يدقّ جرس الإنذار محذّراً من احتمال ارتكاب «إسرائيل» حماقة الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية. هذه الحماقة ذريعتها الادعاء بأن الإيرانيين ينتجون أو يتّجهون إلى إنتاج قنبلة نووية. ولا ينسى غراس التذكير بأن هذه الـ «إسرائيل» التي تُرعد وتُزبد تمتلك منذ سنوات ترسانة نووية آخذة في الازدياد، من دون أي إشراف دولي تحت عنوان «الغموض البناء» الذي حظي بدعم أوباما.

غراس، إذاً، يغضب في قصيدته على «الصمت المعمم على هذه الوقائع»، ولا ينسى أن يذكّر بأنه يدرك جيداً أسلوب «إسرائيل» التي تحتفظ في جواريرها بتهمة «معاداة السامية» لتشهرها ضد كل من ينتهك هذا الصمت. وما يلفت الانتباه ويستفز العقل والقلب، أن النائمين على مرمى حجر من ثلاثمئة رأس نووي «إسرائيلي» أدمنوا صمت الموتى، فيما يتعهد هذا الألماني البعيد آلاف الأميال عن مفاعل «ديمونا» الذي بنته فرنسا، أن يواصل إطلاق الصرخة، ويجزم في موقفه الأدبي المؤدّب: «لن أسكت بعد الآن لأني سئمت من نفاق الغرب» حيال «إسرائيل». والغريب أن من يجب أن يسأموا من الغرب مازالوا يستهوون الهواء الغربي.

بعض كتّاب ألمانيا سبقوا «إسرائيل» إلى قصف غراس بقذيفة الاتهام بـ «معاداة السامية»، ولم يتوانَ هؤلاء المتشدّقون بالديمقراطية، عن إطلاق الشتائم غير المؤدّبة بحقه، وعن عمد وتضليل عدّوا، انتقاداته السياسية لـ «إسرائيل» معاداة لليهود، الأمر الذي لم ترد فيه أية إشارة في قصيدته على الإطلاق، ولم نكن لندعم موقفاً فيه عداء أو ازدراء بأي دين. أما أن يطلق هذا الأديب وغيره صرخات احتجاج وتحذير من المخاطر المترتبة على جرائم «إسرائيل» وتهديداتها التي قد تشعل المنطقة، وهي من ضمنها، فإن كل صاحب ضمير في العالم، وبخاصة في منطقتنا، مطالب بأن يضم صوته إلى مثل أصوات هؤلاء الإنسانيين حماية للسلم العالمي.

جميل هذا الأديب الذي يرى ما لا يريد كثيرون أن يروه، وهو الذي قال يوماً «إن الألمان ليسوا الوحيدين الذين يلاحظون كيف بهتت هذه الصورة للولايات المتحدة عبر السنين حتى غدت حلماً أو صورة مشتهاة، والآن تحولت إلى صورة مشوهة».



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2178538

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

2178538 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40