السبت 31 آذار (مارس) 2012

حروب موفاز الدونكيشوتية

السبت 31 آذار (مارس) 2012 par مأمون كيوان

تعاني الأحزاب الكبيرة في «إسرائيل» دورياً أزمة القيادة أو الزعيم القادر على إخراجها من أزماتها المركبة البنيوية والوظيفية في كيان يهيمن عليه استبداد اشكنازي صهيوني. وفي نموذج حزب «كديما» الذي أسسه أرييل شارون، تجلت أزمة الحزب بعد موت شارون موتاً سريرياً في أن خلفه في رئاسة الحزب ايهود أولمرت كان فاشلاً سياسياً وفاسداً، وخليفته تسيبي ليفني كان أداؤها السياسي مرتبكاً وفشلت في تحقيق آمال شارون السياسية.

حالياً، وبعد حصوله على 62 في المئة من أصوات أعضاء الحزب فاز الجنرال احتياط شاؤول موفاز (63 سنة) بزعامة حزب «كديما» وحمل لقب «زعيم المعارضة» البرلمانية في الانتخابات على رئاسة الحزب على منافِسته تسيبي ليفني وزيرة الخارجية سابقاً.

ومن المفارقات، أن موفاز المعروف بمواقفه السياسية والأمنية اليمينية، نجح في إطاحة ليفني من منصبها بفضل أصوات آلاف أعضاء الحزب من العرب في «إسرائيل» الذين جندهم «مقاولو أصوات» وقاموا بتنسيبهم للحزب على رغم أن عدداً كبيراً منهم لا يصوت له في الانتخابات العامة.

ويعاني موفاز، وهو أول زعيم من أصول شرقية لحزب «كديما» (إيراني المولد)، تردي شعبيته في أوساط «الإسرائيليين» الذين لم ينتخبوا منذ إقامة الدولة الصهيونية رئيساً لحكومتهم من أصول شرقية. وأعلى منصب تسنمه يهودي شرقي هو وزير الخارجية الذي شغله كل من: ديفيد ليفي (مغربي المولد) وشلومو بن عامي (مغربي المولد) وسيلفان شالوم (تونسي المولد)، وذلك على رغم سجله الأمني الحافل الممتد على أكثر من ثلاثة عقود تبوأ في نهايتها أرفع منصب، رئيس هيئة أركان الجيش. وبينما يتباهى القريبون منه بنجاحه قائداً للجيش ثم وزيراً للدفاع في سحق الانتفاضة الثانية وشن أوسع عملية عسكرية في الضفة الغربية المحتلة منذ احتلالها (السور الواقي) ويرفضون تحميله المسؤولية عن فشل الحرب على لبنان لعدم إعداده الجيش في شكل لائق عندما كان وزيراً للدفاع، إلا أن المعلقين في الشؤون الحزبية يشيرون إلى حقيقة فشله في إقناع عموم «الإسرائيليين» بقدرته على مجاراة نتنياهو، فحلّ في مرتبة متدنية في لائحة الشخصيات التي يراها «الإسرائيليون» ملائمة لمنصب رئيس الحكومة.

موفاز كان وصف «اتفاقات أوسلو» مع الفلسطينيين بـ «أسوأ خطأ ارتكبته إسرائيل»، ومستعد لمنح الفلسطينيين دولة على 60 في المئة فقط من أراضيهم المحتلة عام 1967، ويؤيد توجيه ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية في حال لم تثمر الضغوط الدولية وقف برنامجها النووي.

ومن المستبعد أن ينضم موفاز إلى حكومة بنيامين نتنياهو خصوصاً بعد إعلانه في أعقاب فوزه أنه يريد أن يكون وحزبه بديلاً لنتنياهو ولحزبه «ليكود» في الحكم. وهنا يبدو أن موفاز يعاني أحلاماً متضخمة فليس باستطاعته أن يكون أول يهودي شرقي يصل إلى منصب رئيس حكومة في «إسرائيل»، فاليهود الشرقيون مهما بلغت درجة تماهيهم باليهود «الاشكناز» ومهما تنكروا للبلاد التي ولدوا فيها لا يمكنهم كسر دائرة الشكوك القوية في «وطنيتهم» وولائهم للصهيونية ول «إسرائيل». وجميعنا يتذكر رفض رئيس الحكومة الأسبق اسحق شامير تسليم قيادة الوفد «الإسرائيلي» إلى مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 إلى ديفيد ليفي لشكوك في «وطنيته». ويبدو أمراً غريباً وغير قابل للتحقيق محاولة موفاز إنتاج نسخة ليكودية شرقية فرغم أن أصوات اليهود الشرقيين هي التي أوصلت الليكود إلى السلطة للمرة الأولى عام 1977، إلا أنهم فشلوا في تحويل «الليكود» إلى حزب شرقي. ناهيك عن وجود حزب شرقي خالص هو حزب «شاس». فضلاً عن تناسيه تجربة مواطنه اليهودي المغربي عمير بيرتس زعيم «الهستدروت» الأسبق الذي رغم فوزه بزعامة حزب العمل قبل سنوات قليلة فشل في الوصول إلى رئاسة الحكومة، وكان تعيينه وزيراً للدفاع في حرب فاشلة ضد لبنان عام 2006 بوابة خروجه من زعامة حزبه.

والأمر الأكثر غرابة يتمثل في قول موفاز: «المهمة الأولى الماثلة أمامي الآن هي إعادة بناء الوحدة الوطنية وتعزيز ثقة الجمهور «الإسرائيلي» العريض بحزبنا كبديل حقيقي للحكومة الحالية وطريقها الفاشلة». لكنه تجاهل تحديد ماهية تلك الوحدة وكيفية تحقيقها. وهذا يجعله جنرالاً دونكشوتياً لن يجد من ينتخبه في مبارزة انتخابية لا يحتاجها نتنياهو حالياً. كما يبدو مستقبل موفاز في المدى المنظور، قريباً من مصير مواطنه الأصلي موشي كتساف الذي وصل إلى منصب رئيس الدولة وخرج خروجاً مذلاً مداناً بتهمة أخلاقية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 8 / 2165456

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2165456 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010