الجمعة 30 آذار (مارس) 2012

يوم للأرض والقدس

الجمعة 30 آذار (مارس) 2012 par أمجد عرار

الذكرى السادسة والثلاثون ليوم الأرض هذا العام، والتي تحل اليوم، تأتي في ظروف استثنائية عصيّة على الوصف لأنها مفصلية وليست واضحة المعالم وتتأرجح بين التفاؤل والتشاؤم. إذا عدنا لأرشيف المناسبة نجد أن مضامين الخطاب السياسي للنخب وللشارع حملت شيئاً مشتركاً متكرراً بلا ملل، فحواه الإيمان العميق بإرادة الأمة العربية وقدرتها على النهوض ونفض غبار الترهّل عن جسدها الممزق للانتفاض والعودة إلى جذورها منتصرة على أعداء الداخل والخارج، متجاوزة تردّد وقصر نفس القيادات.

هذه الذكرى تأتي والوضع الشعبي العربي يشهد حراكاً ساخناً مفاجئاً أفضى إلى وضع غير منته وليس واضحاً فيه حضور القضايا القومية وفي المقدّمة منها قضية فلسطين. ما نحن متأكدون منه أن هذه القضية تعيش في وجدان الشعوب العربية وهي من ثوابت الأمة سواء تم التعبير عن ذلك بالشعار والهتاف أو غاب عن أجندة قيادات الحراك لسبب أو لآخر. ولعل المسيرات العالمية التي بدأت الاستعدادات لتنظيمها منذ بضعة أسابيع، ومن المقرر أن تتم اليوم من البلدان المحيطة بفلسطين باتجاه الحدود على غرار الفعاليات التي جرى تنظيمها في ذكرى النكبة وبعدها ذكرى هزيمة يونيو/حزيران، هذه المسيرات تعبّر عن التوجّه الحقيقي للشعوب العربية بمعزل عن مواقف ونوايا بعض القيادات القديمة والشبابية التي حاولت النخب المخلصة إيجاد العذر لها في قصر الشعارات على القضايا المحلية المحقة، مرة بتعليق العذر على جدول الأولويات، ومرة أخرى على اعتبارات دولية تتعلق بضرورة تحييد القوى الدولية عن الوقوف ضد الحراك. لكن مرور كل هذه المدة وسقوط رأسي نظامين من دون أن يظهر ما اعتقدت هذه النخب أنه كان مؤجلاً حتى لو أخذنا بالاعتبار أن الأوضاع في تلك الدول لم تستقر بعد، يعزز المخاوف من أن ما انتظرناه طويلاً لم يتحقق بعد، بل لم يبدأ تلمس الطريق في مؤشراته الأولى.

اليوم سنشهد فصلاً جديداً من فصول الصراع العربي الصهيوني، وسنكون قادرين على قياس فعالية التحرّك الشعبي ومدى الإصرار على تبني ما اصطلح على تسميتها قضية العرب الأولى. فالقدس التي رفع اسمها عنواناً للمسيرات تنتظر وقفة أمتها إلى جانبها ولو بحراك من بعيد يبعث رسالة للصهاينة بأن ما يمارسونه في زهرة المدائن لا يمر بلا اكتراث، وأن كرة الثلج التي بدأت تتدحرج ستكبر وتواصل الدحرجة حتى الوصول إلى وضع يعيد للقدس عروبتها وهويتها التاريخية والروحية والسياسية ووجهها الفلسطيني.

لقد بات واضحاً أكثر هذه الأيام حيث «إسرائيل» تسابق نفسها والزمن لأنها لا تجد من تسابقه، أن الأمة العربية تقف على مفترق فاصل لا جدوى فيه من إقامة أوضاع سياسية مفصّلة على مقاسات غير أصيلة، أو عبر ولادات تعبث فيها الأصابع غير المعقّمة. ومن المؤكد أن الهم العربي واحد وأن القضية الفلسطينية هي قضية العرب. فلا يكفي أن يصبح العربي المسلم والمسيحي يعيش وضعاً يتمتّع فيه بحرية اختيار ممثله في البرلمان، ما دام لا يملك حرية الوصول للقدس، وعليه ألا ينسى أن الحريات التي يطالب بها ستكون، في حال استمرار احتلال فلسطين، نافذة تتسرّب منها الأصابع «الإسرائيلية» للعبث بحياة شعوبنا، والأمثلة على دور هذه الأصابع لا تعد ولا تحصى، قبل أن تنفتح النوافذ لها . يبقى أن نذكّر القوى التي استخدمت فلسطين جسراً لحشد الأنصار، بأن تَشَاطُرَها ولعبها بالكلمات فيما يتعلّق بالصراع مع «إسرائيل» سينعكس عليها سلباً أو وبالاً، لأن الشعوب يقظة وتعرف كيف تراقب وتحاسب.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 8 / 2165415

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165415 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010