الاثنين 26 آذار (مارس) 2012

غرناطة العرب

الاثنين 26 آذار (مارس) 2012 par د. محمد صادق الحسيني

الآن وقد سقطت الأقنعة وتبخرت الوعود الكاذبة واستحالت إمكانية قصم ظهر المقاومة في حلقتها الذهبية السورية لفصلها عن إيران والمقاومتين الفلسطينية واللبنانية ووقف الغرب بكل جبروته عاجزاً عن إسقاط غرناطة العرب وتحول الحلم لدى بعض النخب المنبهرة بأسطورة الناتو الليبية الى مجرد سراب على بوابات دمشق ظهر ثمة من يريد الاستعانة بسيد المقاومة لانجاز مهمة التغيير والتحول في بلاد الشام بديلاً عن الرجل الغربي ذي العينين الزرقاوين!

لا نريد الشماتة بأحد هنا ولا نقصد مناكفة مع مثقفين اعتدنا أن يتقلبوا في مواقفهم بحثاً عن الأنا النخبوية وتهميشاً لإرادة السنن الكونية وصيرورة تحول الجماعات الوطنية لكننا نقولها وبملء الفم كان الأولى بهذه النخب من الأساس أن تدرك أهمية الصبر على الأذى وان جاء من ذوي القربى في سبيل وطن حر وسيد ومستقل أفضل بألف مرة من الارتماء في مشاريع الأجنبي واستدعاء تدخلها بحجة الدفاع عن ديمقراطية زائفة هنا او عدالة مجروحة هناك.

إنها عقدة الخاصة التي ينبغي على مثقفينا أن يتخلصوا منها من خلال تعميد ذواتهم او تطهيرها بالذوبان في بحر الناس لأنهم هم الخلاص في ساعة الحسم ولا مناص!

لقد فعلوها مع نظام الحكم الإسلامي في طهران او كادوا قبل سنتين ونيف عندما حاولوا «شيطنة» النظام هناك والتصويب على القيادة وخيمتها في محاولة منهم لقلب نظام ولاية الفقيه والإتيان بحكم تابع لمعادلة المنتصرين في الحرب العالمية الثانية بذريعة سيطرة الحرس الثوري على مقاليد السلطة بدلاً من حكم الأكثرية «الديمقراطي»! وهم الذين يعرفون جيداً بأن الحرس الثوري ليس مجموعة انقلابية بقدر ما هم عصب النظام الشعبي الجديد وعين النظام التي لا تنام، أليس كذلك؟!

ثم راودتهم فكرة الانقضاض على الحكم المقاوم في دمشق العروبة والممانعة والمقاومة وكانت الحجة هي هي أي تسلط حكم استبدادي لا يقبل بالتعددية ولا بحكم الأكثرية «الديمقراطي»! وهم الذين يعرفون تماماً أن مشكلتهم مع دمشق ليس في هذا بل لأنه ظهير فلسطين ولبنان وكل ما عدا ذلك قابل للمساومة عندهم، أليس كذلك؟!

اعرف كما يعرف غيري بأن دمشق ليست طهران وان نوع نظام الحكم هنا ليس كما نظام الحكم هناك لكن ما اعرفه ويعرفه العالم اجمع معي وهذا هو الأهم بأن الناس في بلاد الشام هم نفس الناس في بلادي لا يقبلون بحكم الأجنبي واستدعاء الانتداب من جديد حتى وان قدم إليهم او علب لهم بتعليب «ديمقراطي»! وان هؤلاء الناس يعرفون التمييز بين الطيب والخبيث لا على أساس الانتماء الظاهري للطائفة او المذهب او حتى الدين بقدر ما هم يميزون بين أصيل ودخيل!

لذلك هم رفضوا منذ اليوم الأول اللهاث وراء ساكن قصر الاليزيه ناهيك عن البيت الأبيض عندما صرحوا بأن غاية ما يريدون الوصول إليه في نهاية اللعبة أن يبعدوا الأسد السوري عن الأسد الإيراني ويمنعوا أن تتحول دمشق الى ظهير دائم للمقاومتين الفلسطينية واللبنانية، ألم يقل السفير الأمريكي ذلك علناً منذ الأيام الأولى لما يسمى بالثورة السورية... ألم يقلها ساركوزي أخيراً بأنه حاول ذلك مرتين مع الأسد وقد اخفق وانه مستعد لفعلها ثالثة؟!

كل الاحترام والتقدير وكل الدعم والمساندة لتطلعات الشعب السوري العظيم في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية نعم، لكن السؤال هو هو دوماً منذ حملة نابليون على مصر مروراً بغزو الجزائر وصولاً الى مأساة قضية الأمة الأولى والمركزية في فلسطين ألا وهو هل يمكن تصور مواطن حر وسيد ومستقل والوطن محتل وأسير؟!

لهذا ولغيره الكثير كان يقول الراحل الكبير والمجاهد الأكبر الشهيد عبد الحميد بن باديس: «والله لو طلبت مني فرنسا أن أقول لا اله إلا الله لرفضت»!

وعليه يتساءل كثيرون من عامة الناس الشرفاء: ماذا يقصد الغرباء والأجانب والتابعون لهم من بعض أبناء جلدتنا عندما يقولون أن على نظام حكم طهران الإسلامي أن يقبل بتسوية ما مع ما يسمونه بالمجتمع الدولي حول حقه بامتلاك المعرفة والقدرة النووية وهم يعرفون أن هذا الأجنبي لم يقدم إشارة حسن نية واحدة على امتداد سجل تاريخ علاقاته معنا بل العكس تماماً كل ما قدمه مشوب بالشبهات بل وبالإدانة الفاضحة لسلوكه الداعم والمساند بالمطلق لترسانة «تل أبيب» النووية فيما يمنع علينا حق اكتساب المعارف والعلوم للأغراض السلمية؟!

وعليه أقول لمن يقف على بوابة سيد المقاومة ليستنجده اليوم في حل تاريخي للمسألة السورية يقصر فترة المعاناة ويمنع البلاء الطويل والذي بدأ يخسر الجميع كما يقول عليه فعلاً أن يقوم بالمراجعة الكافية والوافية للأحداث التي أوجعت الناس طويلاً وعميقاً في أكثر من عاصمة عربية وإسلامية بسبب المراهنة على الأجنبي القادم من بعيد في أكثر من محطة قبل أن يطلب المعجزة نعم المعجزة من سيد المقاومة أي التسوية بين الشر والخير!!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 32 / 2178436

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2178436 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40