الخميس 1 آذار (مارس) 2012

مرة أخرى حول مواقف قادة حماس من سورية

الخميس 1 آذار (مارس) 2012 par غالب قنديل

عندما كتبت قبل أشهر وفي هذه الزاوية من موقع وكالة أخبار الشرق الجديد مقالا أعدت نشره في جريدة الديار وكان عنوانه: “هل يخرج أبو الوليد عن صمته”، تلقيت كثيرا من ردود الفعل وبعضها كان معترضا على إخراج النقاش مع قيادة حركة حماس حول الوضع السوري إلى العلن بينما اعتبرت قيادة حماس أن ذلك المقال انطوى على شيء من الظلم واللوم و قال لي صديق عزيز هو أحد المسؤولين البارزين في حماس أن الحركة تقوم بجهد كبير إلى جانب القيادة السورية و أجبته بأني كتبت من موقع متابعتي السياسية و أعرف أن الأشقاء في سورية يرفضون أي مناقشة و قد اكتفوا منذ اندلاع الأزمة بالرد على أسئلة زوارهم من الحلفاء بأن لحماس ظروفها التي تحترمها القيادة السورية من موقع الشراكة في خيار المقاومة.

يومها تحرك بعض الكتاب والمثقفين ليناقشوا وجاهة مطالبة قيادة حماس بموقف معلن من الأحداث في سورية وذهب المفكر والصديق الأستاذ منير شفيق في رده على المطالبين بموقف واضح من حركة حماس ، إلى استرجاع معادلة وجوب عدم تدخل المقاومة الفلسطينية في الشؤون الداخلية للدول العربية وقد شاء أن يضع صمت قيادة حماس عما يجري في سورية في هذه الخانة بالذات.

لكن التصريحات التي أدلى بها كل من السيدين اسماعيل هنية وموسى ابو مرزوق تستوجب العودة إلى ذلك النقاش المؤجل حول الوضع السوري.

أولا: في الوقائع يقول أبو مرزوق إن قيادة حماس تركت دمشق احتجاجا على الحل الأمني ومن سوء حظه أن توقيت التصريح جاء بالتزامن مع الاستفتاء على الدستور السوري الجديد الذي أظهر بصورة إجمالية حقيقة حملتها الأحداث على امتداد الأشهر الماضية وهي أن غالبية الشعب العربي السوري تقف إلى جانب مشروع الإصلاح الذي أطلقه الرئيس بشار الأسد وأن القيادة السورية مصممة على انجاز الإصلاحات والانتقال إلى نظام سياسي تعددي.

و تلك الوقائع تؤكد بما لا يقبل الجدل أن معزوفة الحل الأمني التي اخترعت في كواليس المخابرات الأجنبية والتي يجترها كثيرون في المنطقة بحسن نية أو بسوء نية أريد منها طمس المسار السياسي الإصلاحي في سورية وتغييبه كليا.

والتوقيت التعيس لم يسعف أبو مرزوق أبدا ، بعدما انكشفت الوجوه الكالحة للحلف الاستعماري وعملائه في المنطقة الذين يديرون حرب تدمير القوة السورية بواسطة عصابات من تنظيم الأخوان المسلمين وتيار التكفير العرعوري و بواجهات تحوي جميع مصنفات العمالة للغرب وإسرائيل التي تضج بها أرجاء مجلس اسطنبول .

نتحفظ هنا عن إثارة تورط بعض الحماسيين المقيمين في سورية بتهريب أسلحة للعصابات المسلحة وفي إيواء بعض الإرهابيين وهو أمر عالجته القيادة السورية بكل حكمة وتكتم وحرص على إبقاء الجسور مع قيادة حماس.

ثانيا: لا نعرف ما هو الوصف الذي يعطيه السيد اسماعيل هنية أو السيد ابو مرزوق أو صديقنا المناضل خالد مشعل لطريقة تصرف قيادة حماس مع المجموعات القاعدية التكفيرية التي ظهرت في غزة وهل كانت حلا أمنيا أم لا ، فما نعرفه هو أن تلك الجماعات قد أبيدت عن بكرة أبيها وقامت قوات حماس بتدمير المسجد الذي أقامته لتقتلعها من جذورها بضربة واحدة فهل ذلك حل أمني أم ماذا؟
هذا ، علما أن تلك الجماعات التكفيرية كانت تتحرك تحت يافطة القتال ضد إسرائيل بينما الجامعات التكفيرية في سورية لم تلجأ إلى تلك الحيلة فجميع العصابات المسلحة الموجودة على الأراضي السورية والتي تدعمها حكومة الوهم العثماني والتنظيم العالمي للأخوان المسلمين تجاهر علنا بطلب العون الإسرائيلي والناطق السياسي بلسان الأخوان المسلمين في سورية وحلفائهم برهان غليون وضع طرد حماس من دمشق ضمن أولويات جدول الأهداف السياسية لما يسمى “بالثورة” السورية على الرغم من صمت حماس !
واصل قادة حماس صمتهم يومها ولم ينبسوا بحرف واحد للرد على العميل برهان غليون وقد تعجبنا وصمتنا يومها عملا بمبدأ ترك الفرص للمراجعة وللنقد في صفوف قادة حماس.

ثالثا : نذكر جيدا أنه عندما نظم محمد دحلان انقلابه في غزة بالشراكة مع المخابرات الأميركية و المصرية و الموساد الإسرائيلي و بتمويل من حكومات الخليج التي تتلبس قناع دعم “الثورات” العربية ، يومها لم تجد الحركة طريقا غير الحل الأمني لاستئصال أذرع السلطة الفلسطينية في قطاع غزة عن بكرة أبيها و قد دعمنا الحركة يومها و دافعنا عنها و التمسنا العذر أيضا لما ارتكب من هفوات في سياق الحسم ضد الانقلاب المشبوه الذي نظمته القوى المعادية بواسطة قوة محلية .

كما ساندنا حماس في تلك المعركة التي خاضتها ضد العصابات المسلحة بقيادة دحلان و بإشراف الجنرال كينيث دايتون بوصفها معركة دفاع عن خيار المقاومة .
بذات المعيار نقف إلى جانب سورية و رئيسها في مواجهة المخطط الذي تقوده الغدارة الأميركية و إسرائيل و تستعملان أدواتهما من الحكومات العربية التابعة التي كانت مشاركة في قيادة الحرب على غزة و في خطة محاصرة القطاع و سحق قدرته على الحياة و الصمود .

رابعا تنتفي الأعذار التي أوردها الأستاذ منير شفيق في كلامه عن موقفه حماس وفي رفضه لنقد هذا الموقف الذي كنا نعتبره خاطئا عندما التزمت حماس الصمت إزاء الأحداث في سورية وهي تستهدف قلعة المقاومة التي رفض رئيسها إنذارات وعروض الإمبراطورية الأميركية بعد احتلال العراق مقابل رأس حماس.

ننتظر من الأستاذ منير سواه من المخلصين أن يتذكروا اليوم مبدأ عدم التدخل وان يذكروا قادة حماس به بعدما قرروا التدخل في شؤون سورية الداخلية.

عندما انتقدنا الصمت كنا نجد لحماس فرصة إبداع موقف من نوع الدعوة إلى الحوار والنقاش العلني مع قادة تنظيم الأخوان في سورية حول مخاطر تورطهم وانزلاقهم في المخطط الاستعماري وان تتولى قيادة حماس دعوتهم للتجاوب مع مبادرات الحوار الوطني التي حركها الرئيس الأسد لدفع الحل السياسي للأزمة.

أما الآن وقد اختاروا التورط في المخطط الاستعماري فإننا ندين ما أعلنوه وندعو جميع المقاومين في حركة حماس إلى موقف واضح مع تأكيد التزامنا وثقتنا بأن خيار المقاومة سيفرض نفسه على الجميع وسيدحرج الخارجين عليه في كل مكان.

يبقى القول أن قادة حماس المفتونين بحكام مصر الجدد والذاهبين من دمشق إلى القاهرة لا يستطيعون أن يفسروا لنا المفارقة الخطيرة في موقفهم فهم يدعمون سلطة هجينة ورثت نظام مبارك والتزم فيها قادة الأخوان بحراسة كامب ديفيد وباستمرار فرض الحصار على قطاع غزة الذي يعيش أهله بلا كهرباء بينما الغاز المصري يزود محطات التوليد الإسرائيلية وأهل غزة يهربون تحت الحصار المضروب عليهم من الجانب المصري عبر الأنفاق ما يحتاجونه إليه ، في حين أن سورية القلعة العربية المقاومة الملتزمة بتحرير فلسطين تنال منهم الهجاء ونصرة المتآمرين عليها من حكومات الخليج إلى القرضاوي شيخ الفتنة والدم المتورط في المؤامرة الاستعمارية على فلسطين وهو الذي تخصص بالتحريض على الإرهاب والقتل والموت في سورية بينما يجتاح التهويد والاستيطان الضفة الغربية المحتلة ويهدد المسجد الأقصى وينذر بتطهير عرقي ضد أهلنا في الأرض المحتلة عام 48 و لا ينطق بحرف واحد و لا يعتبر ما يجري مدعاة نفير لخيار المقاومة .

ختاما نساند كل الحكمة والصبر اللذين تمارسهما القيادة السورية تجاه ظلم ذوي القربى وكلنا ثقة بان دمشق ستكون أشرس المدافعين عن قضية فلسطين وعن قطاع غزة في مجابهة العدوانية الصهيونية وهي أنبل المدافعين عن القدس والأقصى وعن خيار المقاومة وما نرجوه لقادة حماس هو القليل من المحاسبة و المراجعة مع الذات بروح الصحوة والنخوة إزاء فلسطين ليس إلا.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 26 / 2165876

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165876 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010