الأحد 6 حزيران (يونيو) 2010

ليلة من ليالي فلسطين

الأحد 6 حزيران (يونيو) 2010 par د. محمد السعيد ادريس

عادت فلسطين، وعاد اسمها الشجي يتردد ضمن نغمات عز وكرامة وشرف على ألسنة الملايين من كل جنسيات البشر، ويجب ألا ندعها تفلت من أيدينا مرة أخرى .

تصوروا أنهم نجحوا في أن يغيروا وجهك المشرق وكونك رمزاً لإرادة الحرية ورفض الظلم، واعتقدوا أنهم كبلوك بقيود اتفاقيات سلام أو تعاون مع أنظمة عربية، أو بأعباء فشل أنظمة أخرى في إشباع حاجات شعوبها، أو أنهم نجحوا في تلطيخ سمعتك الناصعة بعار ما يسمونه ب”الإرهاب”، ولكنك تعودين يا فلسطين الآن مجدداً نقية طاهرة عزيزة كما كنت دائماً رمزاً لإرادة وحرية الشعوب، ورمزاً للسعي إلى الاستقلال ونيل الحقوق ورفع المظالم .

أكثر من ستين عاماً مضت وأنت تعانين وحدك يا فلسطين أبشع أنواع المظالم . فبعد التشريد واللجوء كان القتل والاعتقال والإذلال والتجويع والتهميش والاستيلاء على الأراضي وتهويدها، وتفريغ المدن من سكانها وإحلالها بإرهابيين صهاينة جدد جاؤوا ليشاركوا في أبشع جريمة عرفتها البشرية، جريمة محو هوية وطن وتشريد شعب، والأبشع كان تشويه السمعة والمكانة والإساءة إلى أنبل المجاهدين والمقاومين والشهداء، أما الأكثر بشاعة فكان ظلم ذوي الأرحام، ظلم الأشقاء وانتزاعك، بأيدي أعوانهم وحلفائهم، من أحضان أمتك، وتحول الأمة إلى جلاد أحياناً وإلى متواطئ أحياناً أخرى، وإلى مشارك في الحصار أو صامت على الظلم .

ما حدث في أعالي البحر المتوسط، على مسافات أميال من شواطئ بحرك المحاصر ليلة لن ينساها التاريخ، كان مجرد ليلة واحدة من ليالي صبرك الطويل .

إنها ليلة واحدة من ليالي فلسطين عاشها العالم بعيون وقلوب سبعمائة بطل شريف شاؤوا أن يحتضنوا تراب فلسطين، أن يتنفسوا عبيرها المحاصر وزيتونها الذابل بفعل الظلم وسرقة المياه بعد سرقة الحياة من البشر .

عرف العالم من يكون هذا المجرم المحتل، ماذا يفعل كل يوم وليلة في النساء والشباب والشيوخ، كيف يقتل وكيف يسرق .

تكرر المشهد اليومي الفلسطيني في تلك الليلة الاستثنائية في حياة كل الإنسانية . بالصوت والصورة سمع العالم وشاهد من يكون هؤلاء المجرمون الصهاينة، وماذا يفعلون بفلسطين وبشعبها . فهموا ما هو الحصار هذا المفروض بإرادة صهيونية رضخ لها العالم العربي قبل الإسلامي، والإسلامي قبل الإنساني، وعرفوا لماذا فرض الحصار، وكيف أنه وسيلة إذلال لقهر إرادة المقاومة والصمود لدى أبناء غزة الذين لم يقهر إرادتهم جوع أو عطش أو مرض أو اعتقال، وقبلوا بحصار الجسد بدلاً من حصار الإرادة .

ثم ماذا؟

هل ما حدث سينتهي سريعاً في سباق ممجوج من بيانات الشجب والإدانة المتفق على حدود مضمونها مع الحليف الأمريكي، أم أن إرادتنا سوف تتحرر كما هي إرادة كل الشرفاء الذين ما زالوا محاصرين داخل سجون الاحتلال، أم أن ما حدث هو مجرد بداية، ومجرد خطوة لإزاحة كل ركام الصمت والتواطؤ العربي بل الجرائم العربية بحق فلسطين وشعبها .

مطلوب أن نتوقف عن الشجب والإدانة، وأن نسرع بكسر الحصار وندينه ونتبرأ منه وأن نعجل بتسيير القوافل نحو قطاع غزة بكل الوسائل الممكنة . وأن نقتدي بإرادة مجلس الأمة الكويتي وأن نتبرأ من مبادرة السلام العربية وأن نشرع في وضع البدائل التي تحقق الأهداف ابتداء من المقاطعة الشاملة للكيان وحلفائه: سياسياً واقتصادياً وثقافياً، وامتداداً إلى المقاومة الشاملة بكل أنواعها، وأن نسعى إلى إيجاد كتلة صلبة عربية وإسلامية وعالمية . وأن نؤسس حركة تحرير عربية وننخرط بها في حركة تحرر عالمية تعيد فلسطين قضية عربية وإسلامية وعالمية .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 19 / 2165758

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2165758 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010