الأربعاء 25 كانون الثاني (يناير) 2012

القلق« الاسرائيلي»

الأربعاء 25 كانون الثاني (يناير) 2012 par د. حياة الحويك عطية

على شاشة روسيا اليوم لقاء مع محمود عباس، وأنا أفتح الكمبيوتر لأعد مداخلة في تقديم العمل الموسوعي المهم والذي أصدره نواف الزرو بعنوان “الهولوكوست الفلسطيني المفتوح” . أفتح بريدي الإلكتروني فأقع على مقال بالفرنسية لكاتبة مغربية فرنسية مناضلة، بعنوان: «أعداء إسرائيل الجدد» .

رغم كل التداعي العربي، الذي ينعكس على القضية الفلسطينية، تبدو هذه القضية مستعصية على النار التي تهدد بتحويل كل شيء إلى رماد . وربما يكون من غريب المفارقات أن إصرار اليهود على تعبير الهولوكوست وبالعربية (المحرقة) بدلاً من المجزرة أو أي شيء آخر، أمر مرتبط بفتوى تلمودية مفادها أن الموت بالنار حرقاً يقتضي تعويضاً إلهياً، وقد تمثل بكون قيام دولة« إسرائيل» تعويضاً ربانياً عن محرقة الحرب العالمية الثانية . ومن هنا السؤال عما إذا كانت هذه الأسطورة البالية ستنطبق رمزياً على القضية الفلسطينية، خاصة أن ثمة مفارقة أخرى مهمة تتمثل في كون قصص المحرقة مبنية في الجزء الأكبر منها على أكاذيب وفي أحسن الحالات على تضخيم، في حين أن قصص الهولوكوست الفلسطيني تخضع لتعتيم عالمي مطبق وتقزيم وتحوير، وأن اللوبيات ذاتها هي التي تسوق الحالتين . ومن هنا فإن تخوف “إسرائيل” الأكبر هو أن تخترق الحقائق الإعلام الغربي وتبدأ بتغيير مواقف الرأي العام .

في مقالها تروي بديعة بن جللون أن ستيف ليند مدير تحرير “جيروزاليم بوست” قال خلال المؤتمر الدولي للمنظمات الصهيونية النسائية نقلاً عن بنيامين نتنياهو: إن “نيويورك تايمز” و”هآرتس” تحولتا إلى عدوتين« لإسرائيل» . ولا تستغرب بن جللون هذا الحكم على صحيفتين صهيونيتين، بل إنها تضع ذلك في خانة ما تسميه البارانويا “الإسرائيلية” من تحوّل الرأي العام الشعبي الدولي ضدها . ذلك بأن هيمنتها على هذا الرأي العام استندت دائماً إلى هيمنتها الكاملة على إقفال محكم ضد أي انتقاد لسياساتها أو فضح لحقيقتها وأكاذيبها . ذلك بأن دولة قامت على الكذب، لا تخشى شيئاً أكثر من افتضاح الأكاذيب .

هذا ما يلتقي مع موسوعة نواف الزرو الذي وثّق كل ما يتعلق من حقائق الصراع الفلسطيني « الإسرائيلي» . عبر ألف صفحة تتوزع على 14 باباً، تتدرج من الاستعراض التاريخي والأساس الأيديولوجي إلى الراهن والتطبيقي، معتمداً المنهجين: الكمي والنوعي، وينطلق من الأطر العامة إلى التفاصيل الصغيرة التي تعطي للعمل ملموسيته ومصداقيته، كما تؤمن للتحليل كل معطياته .

يبدأ بالتاريخي ثم السياسي، فالعسكري، فالاقتصادي ثم الإعلامي، بادئاً من الأدبيات التي تفسر الشحن النفسي والدوافع الاعتقادية الإيمانية، وبانياً كل فصل من فصوله على الأساس الأيديولوجي ثم التطور التاريخي، ثم الجانب الوقائعي الموثق، فالجانب القانوني الحقوقي، منتهياً إلى الاستخلاصات السياسية والقانونية والواقعية وأحياناً إلى الاقتراح العملي

وإذا كان الزرو يعتبر أن الهدف من عمله شنّ هجوم مضاد للهجوم الصهيوني التجريفي المنسق والاستراتيجي على العقل والوعي الجمعي العربي المتعلق بالذاكرة والنكبة، وشعاره: لنكتب كي لا ننسى” . شعار يكرس حرب الذاكرة التي تشكل أساساً جوهرياً في المواجهة التاريخية القائمة على أرض فلسطين، والتي لا تتسع لذاكرتين: واحدة طوطمية موهومة تجند لها كل حقن الأحياء الفعالة، وأخرى حقيقية ساخنة تجند لمحوها وإخمادها كل حقن الهلوسة والتخدير .

فإنه من المهم جداً تفعيل ترجمة مثل هذه الأعمال إلى اللغات الأجنبية، رغم ما نعرفه عن صعوبة انتشار مثل هذه الأعمال، بسبب الحصار الذي تفرضه اللوبيات اليهودية في الخارج . غير أن ثمة وسائل كثيرة للالتفاف على هذا الحصار، منها ما يتمثل في منظمات المجتمع المدني والمؤسسات البحثية المحايدة أو المؤيدة، ومنها ما يتمثل في وسائل الاتصال الحديثة والتي باتت تتجاوز كل حصار .

وعندها يمكن أن تغذي هذه الترجمات نشاط المؤيدين الأجانب، والمهاجرين العرب الذين فقدوا قدرتهم على التواصل باللغة العربية من دون أن يفقدوا انتماءهم، وربما يكون لنا من قدرتهم على التواصل بلغات دول الإقامة مكسب مهم .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 23 / 2165988

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165988 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010