الأحد 8 كانون الثاني (يناير) 2012

مصالحة ومشاركة ... وتهويد وعصف ذهني تفاوضي!

الأحد 8 كانون الثاني (يناير) 2012 par عبداللطيف مهنا

كنت قد قررت عدم الكتابة حول لقاءات القاهرة التصالحية الفلسطينية الأخيرة في القاهر، ذلك لأنني لو فعلت لكنت قد وجدت نفسي أكرر تماماً ما سبق وأن كتبته في عديد المرات السابقة حول هكذا لقاءات سبق وأن تكرر التئام مثلها تحت ذات اليافطات وخلصت الى ذات النتائج وانتهت الى ذات المآل، الذي أدى فيم بعد الى ماستوجب انعقاد لاحقاتها، ومن قبل ذات أطرافها وبرعاية من ذات الجهة الداعية، المخابرات المصرية، والمندرجة جميعها تحت ذات الشعارات المجمع، وفق المعلن، عليها … أو هذه المصطلحات ذات المضامين الجليلة الكبرى المستحبة، التي يتم كيلها عادةً وبلا حساب قبيل وأثناء وبعيد انعقاد هذه البازارات التصالحية العتيدة، ثم سرعان ما تسحبها الأيام أو الأسابيع القليلة اللاحقة من التداول، بعد أن يفرّغها الواقع الفلسطيني الرديء من معانيها فور انفضاض تلك اللقاءات الصاخبة … رأب الصدع، المصالحة الوطنية، الوحدة الوطنية، إعادة ترتيب البيت الفلسطيني، إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، وسابقاً كان يكتفى بمقولة تفعيلها … وتم مؤخراً إتحافنا بمصطلحً جديدً ضُم الى الأخريات هو الشراكة !

… كنت، ومن أسف، سأضطر للكتابة مجدداً عن ذات كرنفالات التكاذب التصالحية السعيدة التي لا يسفر حصاد همروجاتها في العادة عن سابقاتها، إن مصداقيةً أو تطبيقاً، وعلى أرض واقع موضوعي لساحة لا يختلف اثنان، حتى من بين راقصي تلك الكرنفالات، على مدى سوء حالها وما يلحقه ترديه من أذى بالقضية … سأضطر للعودة للكلام عن الاستحالة الموضوعية للجمع بين ما يفترض أنهما الخطين النقيضين اللذين لا يلتقيان، أحدهما المجاهر بأنه سيظل المساوم الملتزم المخلص لمبدأ المفاوضات أو المفاوضات أو المفاوضات، والآخر الذي يصف نفسه بالمقاوم المنادي بالتحرير ومن النهر الى البحر. عن استحالة وحدة وطنية دون إجماع فصائلي على برنامج حد أدنى وطني مقاوم، وإعادة الاعتبار للثوابت الوطنية التي ضمها الميثاق الوطني الأصيل قبل أن كان العبث به، بالتوازي مع الكف عن نهج المراهنة التسووية على وهم الحلول التصفوية … وصولاً إلى مكامن ما أصفه عادةً بالتكاذب الفلسطيني، الذي لا يجمع طرفيه إلا على أن لا أحد منهما يريد أن يوصم بأنه ضد المصالحة الوطنية المنشودة، وسائر تلكم المصطلحات سيئة الحظ المشار إليها آنفاً … طرفان، أحدهما اصطدم نهجه التساومي المدمر بفشل لم يعد ينكره، وبحائط تهويدي زاحف لا يبقي ولا يذر، ولا تعني له المحافل التصالحية أكثر من تعزيز لأوراقه التفاوضية البخسة، وآخر كان يمارس عبرها تقية تصالحية، واليوم لعباً إنتظارياً في الوقت الضائع لما ستسفر عنه جاري الحالة التغييرية العربية، لاسيما في مصر، أو استجابة للضغوط التي تحضه على إبداء «اعتدال» تستوجبه المرحلة المنتظرة.

لم تكتمل بعد عودة الوفود المتصالحة من محفل «المشاركة» القاهري، إلا وقد خفتت شيئاً فشيئاً أصداء تأكيدات نوايا «تفعيل» مصالحتها، وبدء علو همس التحفظات مواربةً، أو ابتداء محاولات التخفيف المتدرج للمبالغة في التعويل على مردود بروقها الخلبية، وكان هذا من قبل سائر أطرافها … ولم يفرج عن المعتقلين في الضفة بل أُضيف لهم جدداً، ولم يتوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، كما لم تلمس الساحة الفلسطينية ما يدعوها للظن بان حرفاً واحداً مما تم التوقيع عليه سوف يجد طريقه للتطبيق … وأعقبها مؤشران لافتان، هما، إطلالة رباعية طوني بلير برأسها من عمَّان بعد طول اختباء، ورمزية الجولة الحافلة لرئيس حكومة السلطة المقالة في غزة على عديد العواصم العربية والإسلامية المنتقاة … والآن، مالذي تغيّر لكي أتعرض لما كنت قد قررت أن لا أُقاربه خشية تكرار؟! من أسف لا شيء. لكن، وأمام هذا التسونامي التهويدي المسعور وبائس الراهن الفلسطيني في سياق راهن عربي وكوني تحتدم فيه التحولات والتحولات المضادة، من ذا الذي ضميره يحتمل إشاحة الوجه أو اقتراف صمتٍ على ما يُستوجب قوله؟!

من آخر جديد التسونامي التهويدي الزاحف لابتلاع مالم يبتلع بعد من الوطن الأسير، فقط ما يلي: توسيع المستعمرات المطوقة للعاصمة الفلسطينية والملتهمة لما لم يلتهم بعد من حولها في باقي الضفة. مناقصة لبناء 117 وحدة في «هار حوماه» أو جبل أبو غنيم قبل تهويده جنوبي القدس الشريف. توسيع مستعمرة «هار هادار» شمالي غربها. إضافة 213 وحدة لمستعمرة «افرات» الكائنة في تجمُّع «غوش عتسيون» الاستعماري الفاصل بين القدس وكل ما تبقى من الضفة جنوبها. تسمين ما تدعى «جفعات هازيت» في قلب المدينة، ومصادرة أراض ومنشئات و170 محلاً في المدينة الصناعية في وادي الجوز. وإقرار حزمة مشاريع اقتصادية احتلالية في المناطق التي يصفونها بـ «ذات أفضلية قومية»، وموافقة ما تدعى «المحكمة العليا» على أحقية لما تدعى عندهم «مستوطنة عشوائية» لم تتم الموافقة عليها سابقاً!

… منجز المصالحة والمنجزات التهويدية، كان مسك ختامهما منجز ثالث صاحبه هذه المرة طوني بلير ورباعيته، وفي ضيافة وزير الخارجية الأردني ناصر جودة. جمع بلير وجودة بين كبير مفاوضي السلطة صائب عريقات ومبعوث نتنياهو إسحاق مولوخو … للحديث عن هذا المنجز، نكتفي بتوصيف أطرافه له : المُضيف وسم اجوائه بالإيجابية. السلطة على لسان نبيل أبو ردينة وصفت العودة الى المفاوضات، التي لم يقطع حبلها السرِّي يوماً، بـ «جس نبض» سلامي سيستمر لنهاية الشهر، مع التوكيد على «استعداد الجانب الفلسطيني لبذل كل جهد ممكن من أجل استئناف المفاوضات»… فماذا عن الجانب «الإسرائيلي» المالك لوحده لميزة فصل الخطاب؟!

المصادر «الإسرائيلية» تقول إن ملوخو قد سلم عريقات قائمة بـ 25 مسلمة «إسرائيلية» تضبط بحزم رؤية أصحابها للمسار التفاوضي برمته وبالتالي ما يتوجب أن يفضي إليه … بقى أصحاب المنجز البليري، فماذا هم يقولون؟

ما نقلته الـ «أسوشيتد برس» عن مصادرهم، هو أن المناسبة كانت «جلسة للعصف الذهني. أظهر فيها الجانبان، رغبة في استئناف مفاوضات السلام»… وبعد، متى سنشهد كرنفال «المصالحة» و«الشراكة» الفلسطيني القادم؟!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 35 / 2178485

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2178485 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40