السبت 7 كانون الثاني (يناير) 2012

عن وثيقة الـ 21 مبدأ «الإسرائيلية»!

السبت 7 كانون الثاني (يناير) 2012 par نواف الزرو

حسب صحيفة «إسرائيل اليوم» العبرية 2012/1/4، فقد عرض الوفد «الإسرائيلي» المفاوض على الفلسطينيين في لقاء عمَّان الثلاثاء 2012/1/3 وثيقة أطلقوا عليها: «وثيقة الـ 21 مبدأ» التي ترغب «إسرائيل» في الحفاظ عليها في أثناء المفاوضات، وذكر أنه في قائمة المبادئ يوجد، مثلاً، إصرار على الاحتياجات الأمنية لـ «إسرائيل» في كل تسوية، بما في ذلك تواجد «إسرائيلي» في غور الأردن. وذكر أيضاً أن «الإسرائيليين» يسعون إلى «عدم تحديد المفاوضات زمنيا ويشرحون» بأن «تحديد زمن هو وصفة للفشل، ذلك أنه يوجد ميل لدى الفلسطينيين لجر المفاوضات حتى التاريخ الهدف وعدم التقدم في المحادثات».

ربما يستطيع المتابع قراءة الشروط والأطواق «الإسرائيلية» الواردة في الوثيقة، والتي من شأنها في نهاية المطاف أن تثير جدلاً بيزنطياً عقيماً يسفر - إذا ما تم - عن هدر للمزيد من الوقت، وعن تكريس للمزيد من حقائق الأمر الواقع الاستيطاني.

تذكرنا هذه الوثيقة بتحفظات شارون الـ (14) على «خريطة الطريق» التي كان أطلقها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش عام 2004 والتي أُعتبرت عملياً تدميراً للخريطة رغم انحيازها بالكامل لصالح الأجندة «الإسرائيلية».

وإلى أن يكشف النقاب عن مبادئ الوثيقة «الإسرائيلية» الجديدة، لعلنا نشير هنا - للتذكير - إلى بازار الوثائق والخرائط «الإسرائيلية» المتراكمة منذ انطلاق عملية المفاوضات.

فمن كثرة تلك الوثائق والخرائط والأفكار والمقترحات والعروض البازارية المتعلقة بالمفاوضات التسووية، ربما لم يعد بقدرة حتى المختصين بهذه المسألة متابعة كل التفاصيل والمشاريع، فربما يمكننا أن نتحدث هنا عن «ألف خارطة وخارطة» للحل والتسوية أو ربما التصفية!..

فإن توقفنا عند رئيس وزرائهم نتنياهو في فترته الثانية نقرأ سلسلة من الوثائق والخرائط التي تجمع على «أن حدود «إسرائيل» عند نهر الأردن»، وعلى أنه «لا مجال لأي تسوية قبل أن يعترف الفلسطينيون والعرب بـ «إسرائيل» كدولة للشعب اليهودي»، وعلى «عدم السماح بدولة فلسطينية سيادية»، وعلى «أن الأفق الوحيد المتاح هو الأفق الاقتصادي» وغير ذلك.

وقبل ذلك، كان «معهد السلام في الشرق الأوسط»، الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقراً له قال : «إن رئيس الوزراء «الإسرائيلي» السابق إيهود أولمرت أعد خريطة لحل الحدود في الضفة المحتلة مع السلطة الفلسطينية». وطبقاً للخارطة، التي تستثني مدينة القدس، فإن ««إسرائيل» تريد الاحتفاظ بما مساحته 8.9 % من مساحة الضفة التي تضم المستوطنات «الإسرائيلية» الواقعة إلى الغرب من جدار الفصل الذي أقامته بالإضافة إلى 2.6 % من المنطقة الواقعة إلى الشرق من غور الأردن».

وحسب مصادر فلسطينية فإن «أولمرت طرح أفكاراً على الرئيس الفلسطيني من خلال خريطة أعدها مكتبه، تستثني ما يسمّى منطقة «القدس الكبرى» من أراضي الدولة الفلسطينية المرتقبة، باعتبار أن «القدس الكبرى» جزءاً من أراضي «إسرائيل»، وهي تمتد من تخوم مدينة رام الله إلى تخوم مدينة بيت لحم.

وبحسب «خريطة أولمرت»، فإن الكتل الاستيطانية تُضَمّ إلى «إسرائيل»، وتُوَسَّع أفقيّاً لتحقيق التواصل مع كل كتلة استيطانية. ويعرض أولمرت لحل مشكلة ترابط وتواصل أراضي الدولة الفلسطينية البحث في بناء سلسلة من الجسور والأنفاق، وتقتطع خريطة أولمرت لإعلان المبادئ 15% من الضفّة وتستبعد الأغوار من الحل.

ووفق مسؤولون في السلطة الفلسطينية لاحقاً فـ «إن ما تعرضه «إسرائيل» على الفلسطينيين لا يزيد عن كونه «دويلة مكونة من كانتونات» غير متصلة جغرافياً في أنحاء الضفة الغربية».

ونعود قليلاً للوراء لنتذكر : أن هناك تراكماً من الخرائط «الإسرائيلية» منها : خرائط شامير ثم رابين، ثم بيريز، ثم نتنياهو ثم شارون، ثم خرائط الجنرال باراك بعدهم، ثم خرائط رامون وبيلين وشلومو بن عامي، ثم، وهذه الأهم، خرائط الجيش «الإسرائيلي» التي ترسم خطوط وشروط وآفاق التسوية إن تمت وفق التصور الأمني «الإسرائيلي»!

كان الكاتب والمحلل «الإسرائيلي» زئيف شيف المعلق العسكري في صحيفة «هآرتس» قد كتب حول «المفاوضات الفلسطينية - «الإسرائيلية» بشأن الوضع الدائم وخاصة ما يتعلق بموقف «إسرائيل» التي تسعى إلى تقاسم أراضي الضفة مع الفلسطينيين» قائلاً : «في الماضي غير البعيد كان رئيس الوزراء يرد كل اقتراح يتضمن عرضاً على الفلسطينيين حول حجم المنطقة التي يبدي استعداده لنقلها في إطار الاتفاق النهائي معهم، كما وعارض البحث الداخلي للموضوع، وقد انتهت هذه المرحلة، فمهمة إعداد الخرائط ألقيت على عاتق قسم التخطيط في هيئة الأركان، وكان الجيش «الإسرائيلي» قد أعلن في الماضي خرائط تناولت المفاوضات مع الفلسطينيين بيد أن التشديد تركز في حينه على ترسيم المصالح الأمنية، والفارق هو أن الخرائط الجديدة تتناول اقتراحات الحل، وتقسيم المناطق بين «إسرائيل» والفلسطينيين والبدائل الإقليمية».

وهاهي خرائطهم ووثائقهم تطل علينا في هذه الأيام تباعاً!

ونقول في هذا السياق : إذا كانت الخرائط والمشاريع السياسية «الإسرائيلية» التي تتابعت على مدى سنوات ما قبل مدريد وأوسلو، قد أجمعت على الإطلاق، على تصفية المقاومة المسلحة الفلسطينية، وإجهاض وتقويض الانتفاضة الفلسطينية الأولى من جهة أولى، وعلى تصفية الحقوق والطموحات والأهداف الوطنية الفلسطينية المشروعة عبر جملة الخطوط الحمراء واللاءات والأطواق والإملاءات التي طفحت تلك الخرائط والمشاريع بها وشكلت قواسم مشتركة إلى حد كبير بين كافة الأحزاب والقوى والتيارات السياسية في المجتمع «الإسرائيلي» من جهة ثانية..

نقول إذا كانت تلك الخرائط والمشاريع تميزت بجملة من القواسم المشتركة الجامعة ما بين أطراف وجهات الخريطة السياسية «الإسرائيلية»، فهل تختلف الخرائط والمشاريع السياسية «الإسرائيلية» التي تظهر وتعرض في هذه المرحلة التفاوضية عن تلك من حيث الجوهر؟ وهل يمكننا القول إن المجتمع السياسي «الإسرائيلي» تغير في هذه المرحلة عن المراحل السابقة، وأصبح أكثر جاهزية للتعاطي مع القضايا والحقوق الفلسطينية والعربية المشروعة؟ أم أن تلك القواسم المشتركة المتمثلة بالخطوط الحمراء واللاءات والأطواق والإملاءات ما تزال قائمة ومستمرة جوهرياً وإستراتيجياً؟ وهل نقرأ اليوم أفكار وخرائط أولمرت أو ليفني أو موفاز أو باراك أو نتنياهو يا ترى بصورة مختلفة عن قراءتنا مثلاً لبيغن أو رابين أو شامير؟

الواضح أن ما تجمع عليه الخرائط «الإسرائيلية» على اختلافها :

- تكريس الأهداف والمضامين الإستراتيجية الاستيطانية للمشروع الصهيوني على كامل مساحة فلسطين.

- تكريس السيطرة الإستراتيجية «الإسرائيلية» الشاملة على كامل المنطقة الواقعة بين البحر والنهر.

- محاصرة وعزل من تبقى من الشعب العربي الفلسطيني في فلسطين وفصلهم خارجياً بانتزاعهم من جسمهم وعمقهم العربي، وفصلهم داخلياً أيضاً عن بعضهم البعض، الضفة والقطاع مثلاً عن فلسطين 1948، والضفة عن القطاع، إضافة إلى تقطيع أوصال جسم الضفة بواسطة الكتل الاستيطانية والجدران الأساسية والالتفافية، وعدم إتاحة أي تواصل بين هذه المناطق إلا عبر عدد قليل من الجسور والأنفاق والطرق الخاضعة للسيطرة الأمنية «الإسرائيلية».

- إنهاء كافة المطالب والطموحات الوطنية الفلسطينية وإنهاء النزاع استناداً إلى هذه الخريطة الاستيطانية - وإرساء وفرض المحددات الجغرافية والسياسية لـ «اتفاق انتقالي طويل الأمد» حمله شارون في جعبته من سنوات طويلة، ويواصله من بعده أولمرت وباراك وليفني ونتنياهو! ليتبين لنا في الخلاصة المكثفة لمن يريد أن يقرأ جيداً : إننا عملياً أمام وثائق خرائط تستهدف تكريس مضامين المشروع الصهيوني بالهيمنة على أكبر مساحة ممكنة من الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية وتهويدها، إلى جانب فصل وعزل الشعب الفلسطيني وتقطيع أوصاله في إطار «معازله» في أضيق مساحة ممكنة تبقى مفاتيحها مرهونة بيد دولة وقوات الاحتلال، وصولاً بذلك إلى إعدام مقومات الاستقلال الفلسطيني.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 24 / 2181913

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2181913 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40